بدأت القضية حينما توافرت معلومات وبينات لدى جهاز الأمن تفيد بتورط أحد أعضائه في قضايا فساد ومخالفات وتجاوزات، وعلى أثر ذلك تم التحقق مع المعلومات الواردة ومدى صحتها. وفي فبراير الماضي دفع جهاز الأمن والمخابرات الوطني بعريضة بصورة رسمية أمام نيابة أمن الدولة بالرقم 106/2018م، وتضمنت العريضة معلومات ومستندات وبينات وشهودا من داخل جهاز الأمن وخارجه. بينات ودلائل البينات المبدئية التي توفرت أشارت إلى تورط عبد الغفار الشريف عبد الله في جرائم ومخالفات لعدد من القوانين تمثلت في مخالفة أحكام القانون الجنائي وقانون الثراء الحرام والمشبوه، بالإضافة إلى مخالفة مواد قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب وقانون الأمن الوطني، فضلاً عن مخالفة قانون الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007م. ووفقاً لتلك المصادر، فإن نيابة أمن الدولة استمعت لأكثر من (20) شاهد اتهام، وحصلت على مستندات ووثائق تؤكد أن لديه معاملات مالية مع أكثر من (8) من رجال الأعمال المعروفين. ممتلكات عبد الغفار من خلال التحريات أشارت البينات المتوفرة والمستندات التي تحرت فيها نيابة أمن الدولة إلى أن المذكور يمتلك قطع أراضٍ تتجاوز ال(20) في أحياء مختلفة من العاصمة الخرطوم، ويمتلك نحو (6) مزارع بمواقع مختلفة بالإضافة إلى نحو (10) سيارات، واستمعت النيابة لإفادات شهود الاتهام، ووجهت تهماً للمتهم تحت طائلة المواد 80/89/ 177الفقرة (2) من القانون الجنائي، والمتعلقة ب(الرشوة ومخالفة الموظف العام للقانون وخيانة الأمانة التي تصل العقوبة فيها إلى الإعدام)، كما وجهت نيابة أمن الدولة تهماً تحت المادة (35) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بجانب تهم تحت المواد 6(أ)(ب)(ج)/ 7 /11 من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه. ووجهت النيابة أيضاً تهماً تحت طائلة قانون الأمن الوطني تحت المواد 59/63/65 من قانون الأمن الوطني. محكمة الجهاز تعتبر محاكم جهاز الأمن مختصة بمحاكمة أعضاء الجهاز المخالفين لأحكام قانون الأمن الوطني أو أي قانون آخر، وكانت رئاسة الجهاز قد شكلت محكمة جهاز الأمن غير الإيجازية للنظر في قضية عبد الغفار الشريف. وكانت نيابة أمن الدولة قد أحالت ملف القضية إلى محكمة جهاز الأمن غير الإيجازية. واستمعت المحكمة للمتحري والشاكي، بالإضافة إلى الاستماع لقضيتي الاتهام والدفاع الذي مثله المحامي حسن البرهان عبد الرحمن منذ التحري وحتى المحاكمة، وأسقطت المحكمة وقتها (10) تهم من التي وجهت لعبد الغفار، ووجهت له تهمة واحدة تحت المادة (59) من قانون الأمن الوطني المتعلقة بإساءة ممارسة السلطة واستغلال الوظيفة، وأغلقت المحكمة قضية الدفاع بعد أن استمعت إليها، لتصدر المحكمة حكمها أمس الأربعاء. قرار المحكمة بعد أن وزنت المحكمة بينتها ومن خلال النظر لقضيتي الاتهام والدفاع أصدرت المحكمة حكمها بإدانة المتهم عبد الغفار الشريف تحت طائلة المادة 59 من قانون الأمن الوطني لسنة 2010م التي يعاقب مرتكبها بالسجن فترة لا تتجاوز (10) سنوات والغرامة أو العقوبتين معاً وهنا عقب إدانته أصدرت المحكمة عقوبتها بسجنه (7) سنوات تبدأ من تاريخ حبسه منذ 22 فبراير 2018م والغرامة البالغة (4) ملايين و(593) ألف و(148) جنيهاً، بالإضافة إلى الغرامة مبلغ (54) ألف دولار و(600) دولار. ولم يقف الأمر عند ذلك بل أدانت المحكمة عبد الغفار الشريف تحت طائلة المادة 71 من قانون الأمن الوطني المتعلقة بالسلوك المشين غير المتفق وكرامة الوظيفة والاحترام الواجب لها وأصدرت في مواجهته حكماً بالغرامة مبلغ مليونين و(800) ألف جنيه بالإضافة إلى الغرامة مبلغ (10) آلاف دولار، لتصبح بذلك جملة المبالغ التي غرمتها المحكمة للمتهم بموجب المادتين (7) ملايين و(393) ألفاً و(148) جنيهاً بالإضافة إلى الغرامة مبلغ (64.600) ألف دولار. وأمرت المحكمة أن تحصل تلك الغرامات وفقاً لقانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م. حيثيات القرار ما لا يعرفه الكثيرون أن عبد الغفار الشريف ستتم إحالته للمحاكم المدنية للنظر في التهم التي أسقطتها محكمة جهاز الأمن غير الإيجازية التي تصل العقوبات فيها إلى الإعدام أو السجن المؤبد. ويذكر أن محكمة جهاز الأمن غير الإيجازية أشارت في حيثيات قرارها الصادر ليوم أمس إلى أنها أصدرت عقوباتها في مواجهة المتهم بموجب مخالفته لقانون الأمن الوطني فقط وأنها ستحيل المتهم وملف القضية إلى النيابة العامة بغرض إحالته إلى المحكمة المدنية المختصة لمحاكمته فيما يتعلق بالجرائم الموجهة إليه والمتعلقة بقانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب وقانون الثراء الحرام والمشبوه والقانون الجنائي وقانون الإجراءات المحاسبية والمالية. ويذكر أن الحكم الصادر بالسجن والغرامة يختص بمخالفته للمواد 59/71 من قانون الأمن الوطني. وتشير مصادر (السوداني) إلى أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني قد شرع في إجراءات لرفع حصانة المتهم خلال الأيام القادمة وإحالته للنيابة العامة، ومن ثم للمحكمة المختصة للنظر في بقية التهم التي وجهتها له نيابة أمن الدولة في وقت سابق. مرحلة الاستئناف أصدرت المحكمة حكمها بالسجن مع النفاذ وعلى الفور تمت إحالة عبد الغفار الشريف من المعتقل إلى سجن كوبر لقضاء فترة العقوبة. يذكر أن محاكم جهاز الأمن غير الإيجازية مختصة بالنظر في الجرائم المتعلقة بمواد قانون الأمن الوطنى اعتباراً من المادة 54 وحتى المادة 79، بالإضافة إلى أن أحكامها تؤيد بواسطة المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات، كما أن هنالك محكمة استئناف تشكل بأمر المدير العام للجهاز التي بدورها منحت عبد الغفار الشريف مدة (15) يوماً لاستئناف الحكم الصادر في مواجهته.