باديء ذي بدء أنا ضد أي شكل من أشكال الاحتجاج الجماعي والانشقاق في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ولكنني مع الجهر بالنصيحة والصدع بالأفكار تعليقا على مجريات الأحوال في الحكومة والحركة والحزب. وقد يقول قائل هذه دعوة (تنفيسية) ولن تؤدي إلى أي إصلاح حقيقي. وهذا غير صحيح إطلاقا للأسباب المنطقية الآتية: 1- المجموعات الإصلاحية لديها آراء لكن هي ذاتها مختلفة حولها وليس لديها منهج محدد ولا حتى تشخيص محدد وواضح للعيوب، ولذلك لو انشقت فستخرج بذات الامراض والعلل في الكيان الكبير. 2- الانشقاق سيزيد الأعباء الأمنية على الحكومة وبذلك سيتعاظم الدور الرقابي والتتبعي للحكومة وهذا هو عين ما يسعى الإصلاحيون إلى تحجيمه. 3- في حالة الدفاع عن النفس ستسوق النوازع الجهادية للإسلاميين للتحول للوضعية الهجومية وهذا سيجعل هدفهم هو استهداف الحكومة لا قيادة عمل إصلاحي. بناءً على هذا فإن التفكير العملي يقودنا إلى فكرة ربما تكون المخرج الحقيقي للأزمة. التيار الإصلاحي لديه مطالب محددة وهو يرغب في تحقيقها ولكنه لا يريد فرض (د.غازي) أو غيره رغم أنف الحكوميين الذين لديهم وجهات نظر مختلفة. إذا من المفترض والمنطقي أن يكون غازي (رمزا) ليس صنما. وأن الضروري هو (المطالب) ... وهنا دعونا نفحص المطالب الإصلاحية داخل الحركة الإسلامية ونقسمها إلى قسمين: القسم الاول: إصلاحات في كيان الحركة وتعظيم لدورها وتقوية لموقع الأمين العام وإقصاء الهيمنة الحكومية المتمثلة في (الهيئة القيادية العليا) ... هذه الإصلاحات لا علاقة لها مباشرة بالشعب السوداني ولا بالوضع الاقتصادي ولا غير ذلك وهي موضع أخذ ورد. أنا مثلا مؤيد لفكرة الهيئة القيادية العليا بنسبة مئة بالمئة لأن التجربة السابقة للحركة الإسلامية التي (تعلو) على الدولة ولا (تعلو) الدولة عليها قادتنا إلى دولة الظاهر والباطن ولم يكن علاج سوى قرارات الرابع من رمضان. أنا مع أن يتعامل الأمين العام مع الدولة عبر الهيئة لا أن يدخل يده العارية في مفاصلها ويكلف أمير وحدة تنظيمية داخل مؤسسة محددة بتكليف مباشر يؤدي إلى تناقض مع مديره الذي عينته الحكومة (مثلا). نعم صحيح هنالك خلل في وجود مواد (مفصلة) على واقع محدد ولكن هذا الخلل (انتقالي). من جهة أخرى أنا مع انتخاب الامين العام من المؤتمر العام لأن قنوات التصعيد هي ذاتها موضع من مواضع الإصلاح وليست سبيلا له. القسم الثاني: إصلاحات في الجهاز الحكومي الذي حاد عن الأهداف والمعايير التي رسختها الحركة الإسلامية وصيانة سمعة الحكومة المتهمة بالفساد والتقصير الإداري وإخلاف الوعود في (الرشاقة) و (التجديد) ونحو ذلك. هذا القسم تتفق فيه المطالب الإصلاحية مع المطالب الشعبية الجماهيرية وتلتقي مع الحالة الاقتصادية. المخرج الدخول في حوار مع القيادة المنتخبة ممثلة في الشيخ الدكتور الزبير محمد الحسن حول القسم الأول وأن يفجر الإصلاحيون آراءهم النقدية الواضحة في (القسم الثاني) وهو المساحة المتفق عليها مع الشعب والقواعد العريضة وأن يأخذ هذا طابع النقد الموضوعي الحر الطليق وليس التصنيفات التنظيمية المسبقة ... وهنا لا بد أن نتأكد أن النقد لا يهبر عن مجموعات منشقة تريد إحلال نفسها مكان شخصيات موجودة. لا بد ... لابد أن يتحرر الإصلاح من الرغبة في معاقبة زيد أو عبيد على خلفية ما حدث في المؤتمر الثامن.