الوهم هو عدم مقدرة الشخص على التمييز بين الواقع وما يتخيله وهو انواع منها وهم العظمة ووهم الاضطهاد ووهم الغيرة ووهم الحب وغيرها . في الجامعات تنشأ دائماً علاقات بين الطلاب والطالبات يخطئ كلاهما في كثير من الأحيان في تفسيرها وربما ربطاها بالعاطفة بحكم السن واهتياج المشاعر الشبابية. في احدى الجامعات دارت أحداث هذه القصة. هو جاء من الريف وهي من بنات المدينة التقيا في المدرجات ونشأت بينهما علاقة توطدت مع مرور الأيام فاصبحا لا يفترقان الا نادراً. كان منزلها قريباً من الجامعة فكان احياناً "يوصلها" للمنزل ثم مالبث ان تعرف على الوالد والوالدة اللذين سرعان ما وثقا فيه بعد ان لمسا فيه شهامة ورجولة وعفة ابن الريف. سارت الأيام ودفء المشاعر يغمرهما فيبعث في الأجساد الغضة السعادة والهناء. لاحظ بعد فترة ان هنالك شابا كان ينتظرها خارج سور الجامعة بالعربة "الفلوكسواجن" الأنيقة وبصحبته لاعب كرة قدم شهير كان هو الآخر في علاقة عاطفية مع زميلة لهم جاءت ايضا من "الارياف الغامضة" وقد كانت ذات جمال باهر يخلب الألباب . كان ذلك الشاب يعمل معيداً في احدى الجامعات المرموقة وقد عرّفته به على اساس انه احد اقربائها وسرعان ما شكلوا معاً شلةً مرحةً يتحركون معاً ويجلسون بين المحاضرات في مكان محدد بعيداً عن أعين الفضوليين وصخب الصاخبين .بمرور الأيام احس ان العلاقة بين زميلته و"المعيد" تتميز بخصوصية تختلف عن علاقة القريب بقريبته وقد كان ذلك الاحساس يؤرقه ويزعجه إلى حد كبير فقد كانت مشاعر العاطفة الجياشة قد تحولت إلى حب جارف ربط قلبه المرهف بتلك الفتاة الحسناء. كان ذلك اول احساس حقيقي بالحب والغرام يجتاح قلبه البكر وقد اتاحت لهما فرص اللقاء اليومية لحظات من الود والصفاء قد لا تتوفر في ظروف أخرى حتى كان ذلك اليوم الذي لا ينساه ابداً . جاءت الفتاة على غير العادة حزينة مهمومة تكاد الدموع تطفر من عينيها . سألها بلهفة عن سبب ذلك وياليته لم يسألها . صرحت له بان ذلك الشاب "المعيد" هو في الواقع "خطيب" وليس "قريب" وانهما ارتبطا بعلاقة حب قوية منذ أن كانت طالبة في الثانوي وان "المعيد الخطيب" في طريقه للخارج لإكمال دراسته العليا بعد ايام قليلة وان ساعة الفراق قد حانت. كان وقع ذلك قاسياً عليه فقد احس بان أحلامه كلها وآماله تنهار امام عينيه في لحظة واحدة. حبس دموعه واخفى مشاعره فقد تعلم من والديه ان يكون قوياً عند الشدائد. تبدد وهم الحب وحلت ساعة الحقيقة فيجب ان يواجه كل ذلك بصلابة وقوة وقد كان. مرت الايام المتبقية لسفر "المعيد" سريعاً وحانت لحظة الفراق. لا ينسى ذلك اليوم ابداً .في الصباح الباكر توجه للمطار حيث وجد زميلته ووالدها يقفان في صمت حزين وسرعان ما علم ان "المعيد" قد اخبرهما للتو بأنه نسبة لسفره الذي قد يطول فان الفتاة في حل من الارتباط به فهو لا يريد أن يربط شخصا لفترة قد تطول لامدٍ غير معروف. احس بالحزن الشديد لحزن زميلته ونسي "حزنه" الخاص . فجأة انهارت أحلامها وآمالها تماماً كما حدث له قبل أيام. وهكذا في فترة زمنيةٍ وجيزةٍ انهارت أحلام وتبددت اوهام وظهرت شمس الحقيقة عارية تلهب حرارتها الأجساد الشابة الغضة. دارت أحداث هذه القصة ايضا بين اثنين ارتبطا بعلاقة صداقة قوية برغم اختلاف السن والمستوى التعليمي فاحدهما كان موظفاً كبيراً في احدى المؤسسات المرموقة بينما كان الثاني عاملاً بسيطاً يكسب قوت يومه برهق ومشقة. كان الصديقان يجلسان في الامسيات كل يوم تقريباً يتسامران ويتمازحان تاركين خلفهما هموم الحياة وقسوة الظروف. كان "الموظف" يمازح صديقه "العامل" مطلقاً عليه لقب "اللورد" وكان العامل يقابل هذه "المزحة" بصمت بارد حتى جاءت لحظةً صاح فيها في وجه صاحبه قائلا :(لورد انا ؟ لورد انت …لورد أمك…لورد ابوك) هنا انفجر"الصديق" ضاحكاً فقد أدرك ان صديقه لا يعرف معنى "لورد" وانه يحسب انها إهانة فشرح له المعنى بتبسيط شديد وان كلمة لورد هي لقب يطلقه الانجليز على نبلائهم وعظمائهم وانه اشبه بلقب "الشيخ" او "الوجيه" عندها انطلقت ضحكة صافية من قلب العامل البسيط وتبدد الوهم الزائف الذي سيطر على عقله لفترةٍ طويلة . في مدينة "جاستيو اميلاس" في المكسيك انتشرت فجأة ظاهرة مدمرة اذ شرع الرجال في قطع الأشجار من الغابات المحيطة بالمدينة لاسخدامات غير ضرورية حتى كادت المدينة تفقد غطاءها "الغابي" الذي كان يصد عنها الرياح. فشلت السلطات تماماً في إيقاف هذه الظاهرة الخطيرة. هنا تصدت النساء لحل المشكلة. عقدن اجتماعاً صاخباً في قاعة المجلس البلدي حضرته كل نساء المدينة تقريباً. في ذلك الاجتماع توصلن إلى قرار في غاية الغرابة وهو ان يهجرن الرجال تماماً وان يتزوجن "الأشجار "!!!!!. اختارت كل امرأة شجرة جميلة من الأشجار المتبقية كزوج ورفيق أبدي. وفي يوم معين ارتدت النساء ثياب الزفاف وحملت كل واحدة منهن وردة ووقفت امام "الزوج الشجرة" يرددن قسم الزواج المغلظ والذي ينص على الإخلاص والحماية الأبدية. وهكذا ابعدت النساء الرجال عن الأشجار ولكنهن عشن في وهمٍ كبير هو وهم الزواج من شجرة !!! اما القصة التالية فقد دارت أحداثها في مصر الفرعونية. كان الفرعون "رمسيس الثاني" يظهر مشاعراً جياشةً لزوجته "نفرتاري" وقد أظهر ذلك الحب والوله للشعب فبنى لها القصور الفخمة التي فرشها بالحرير والرياش وكان في كل آن وحين يغدق عليها عقود الذهب وأساور الجواهر الثمينة حتى حسدت النساء هذه الزوجة المدللة على حب زوجها وسمينه " الفرعون العاشق". نقش "الفرعون العاشق" قصيدة حب على جدران معبده يقول مطلعها : "هي التي تشرق الشمس لطلعتها" وقد ذكر المؤرخون ان هذه الأبيات هي اول قصيدة حب عرفها التاريخ غير ان الشعب قد اكتشف بعد وفاة الفرعون انه كان متزوجاً في السر -على الزوجة التي خلدها بقصيدة- من 54 امرأةً !!!. وهكذا كانت قصة حب الفرعون هي "وهمة الوهمات" بلا منازع. عندنا في البادية فان الوضع مختلف جداً فالحب هو الحب الصادق العفيف الطاهر بما فيه من إخلاص ووفاء وقد عبر عن ذلك احد شعرائهم قائلاً : الليله البلد طلق على الزيف ذكرني المفرهد دابو للتكليف كل ما يهف لي مشتول جناين الريف مني ولى ازغرد في الصقيعة واقيف وقال آخر مجارياً له : الليله البلد جاب لي نسيماً فايح ذكرني المن ايدي وقع متمايح كان ما بخاف كلام الناس وتبقى فضايح بحرس خشم بيتم واقيف متصايح