التخريبية .. روايات وشواهد تقرير: القسم السياسي ظهر أمس كان وزير الإعلام يدعو لمؤتمر صحفي تدافع له عشرات الصحفيين والمراسلين لمعرفة تفاصيل التصريحات الأمنية عن ضبط مخطط يهدف لإحداث اضطرابات أمنية تقف وراءها القوى المعارضة ويضم المخطط عسكريين ومدنيين. إجراء احترازي قبل أن يبدأ المؤتمر الصحفي كانت أسماء المتورطين فيما وصف بالمحاولة التخريبية تتوارد بين تأكيد ونفي وتحليل، ليأتي وزير الإعلام أحمد بلال عثمان ليقول إن السلطات ألقت القبض على الرئيس السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش و12 آخرين بينهم مسؤولون بالجيش وقوات الأمن فى سياق مؤامرة "لإسقاط النظام". وأشار بلال إلى أن أبرز المعتقلين بجانب قوش اللواء عادل الطيب والعميد ركن محمد إبراهيم عبد الجليل المعروف ب(ود إبراهيم)، وزاد أنهم خططوا لعمل تخريبي في البلاد بغرض إحداث فوضى واستهداف بعض القيادات العليا في البلاد، وأكد أن ساعة الصفر للمخطط التخريبي حدد أمس الخميس بعد أن كان معداً له الخميس الماضي، وشدد على عدم وجود امتداد للمخطط التخريبي داخل صفوف القوات المسلحة والأمن، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية باشرت التحقيق مع المتهمين وأن إجراءات محاكمتهم ستكون عادلة، وأضاف أيضاً" بأن المحاكمة ستكون عادلة"، في وقت كشف عن أن تحركات واسعة بدأ الإعداد لها منذ أمد طويل وصاحبتها مرض رئيس الجمهورية وسرت مجموعة من الشائعات لتهيئة الرأي العام وإثارة (البلبلة) وتجهيز المسرح لتهيئة الموقف وأن الخطوة ليست وليدة اللحظة. وأشار بلال إلى أن الأجهزة الأمنية تحصلت على الكثير من الدلائل والحيثيات تفيد بوجود حراك تقوده مجموعة من العسكريين والمدنيين الغرض منه إحداث فوضى واستهداف بعض القيادات السياسية في البلاد لضرب الأمن والاستقرار بالبلاد. وأضاف بأن تلك الحيثيات كانت كافية لاتخاذ قرار بحسمها من قبل السلطات الأمنية عقب عرضها على القيادة العليا للدولة، كاشفاً عن إجراء المتهمين بالمحاولة التخريبية لاتصالات داخلية وخارجية تم رصدها من قبل السلطات الأمنية، وقال بلال إن الأجهزة الأمنية كانت أمام خياري البدء في تنفيذ العمل التخريبي أو القيام بعمل احترازي وقائي يحمي البلاد مما سيحدث، وأشار بلال إلى أن هنالك بعض القوى السياسية لها أحلام حال حدوث البلبلة لكنه قال بأنها أحلام بدون سيقان، مؤكداً استقرار الأوضاع بالبلاد، وأضاف" ندعو المواطنين لعدم الاستماع للشائعات". وفي السياق قال بلال "تذكرون أنه مع الاعتداء على (مجمع) اليرموك (بطائرات إسرائيلية)، قال الناطق الرسمي باسم الجيش إن الاختراق في القوات المسلحة ممكن، لكن لدينا ما يكشفه"، وأضاف أن هذه الكلمات كان يقصد بها التحذير "لمن يتعظ". وأوضح عثمان أنه تم رصد اتصالات داخلية وخارجية بصدد ما جرى اليوم، وأن الأجهزة الأمنية عاكفة على التحقيق مع المتهمين، وناشد بلال أجهزة الإعلام بعدم الالتفات إلى الشائعات وتعهد بتقديم المعلومات أولاً بأول للرأي العام. رد اتهامات ورغم أن حديث وزير الإعلام لم يشر لضلوع قوى المعارضة وراء المحاولة الأخيرة، إلا أن المعارضة رأت أن تبادر وترد عنها الاتهامات التي أشارت لها الأجهزة الأمنية، لذلك سارعت وقبل أن تتكشف قوائم المعتقلين بنفي صلتها بما حدث وقالت فى بيان صحفي إنهم يسعون لإسقاط النظام بالوسائل المدنية السلمية ولهذا فهم يرفضون الحديث عن المشاركة في أي نشاط تخريبي. وفى سياق ذي صلة سارعت القوات المسلحة لنفي صلة قائد عمليات هجليج اللواء الركن كمال عبد المعروف بالمخطط بعد أن أوردت بعض المصادر الإعلامية صلة عبد المعروف بالأمر، وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد إن للرجل كامل الأحقية في مقاضاة كل من يروج لهذه الشائعة. أما المكتب القيادي للمؤتمر الوطني فاستمع مساء أمس برئاسة رئيس الجمهورية المشير البشير لتقرير مفصل حول وقائع المحاولة التخريبية، وقال في تعميم صحفي تلقت (السوداني) نسخة منه إن المكتب القيادي اطمأن على أن المحاولة محدودة وعلى سلامة الإجراءات التي اتخذت بشأنها، وأشاد بيقظة الأجهزة الأمنية وحيويتها العالية. الاتهام الأخير آخر الاتهامات الموجهة لأشخاص بمحاولة التخريب انتهت في أغسطس الماضي بإصدار محكمة جنايات الحاج يوسف برئاسة القاضي عباس خليفة حكماً ببراءة المتهم بقيادة عناصر الخلية التخريبية ويدعى (رضوان داود) – وهو مواطن سوداني مقيم بالولايات المتحدةالأمريكية ومتزوج من أمريكية- والذي تم اعتقاله بحي البركة في الحاج يوسف من قبل مباحث شرق النيل في أحد المنازل خلال التظاهرات التي شهدتها ولاية الخرطوم وقتها. وفتحت في مواجهة المتهمين بلاغات بالاشتراك الجنائي وتكوين منظمة إرهابية والإزعاج والإخلال بالسلامة العامة وتعريض وسائل المواصلات للخطر والدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف بعدما عثرت المباحث خلال مداهمتها للمكان ومنازل المتهمين على منشورات كتب عليها (الوطن للجميع) و(ثورة حتى يعود آخر مفصول) في ما عثر بمنزل آخر على 26 لستكاً معدة للحرق وأكثر من 4 قنابل ملتوف. محاولات التسعينيات منذ استيلاء الإنقاذ على السلطة فقد راج استخدام مصطلح (محاولة تخريبية) لتعريف العديد من الأنشطة المهددة للنظام السياسي والتي ينظر لها باعتبارها عمليات ذات طابع نوعي يهدف لإشاعة الفوضى والبلبلة تمهيداً لإحداث التغيير السياسي. تعتبر أبرز المحاولات التخريبية التي تم الإعلان عنها وجابهتها الإنقاذ خلال تسعينيات القرن الماضي هي عملية (أنا السودان) التي خططت لها القيادة الشرعية عبر ارسال عناصر تم تدريبها بالخارج لتنفيذ عمليات ضد منشآت وقيادات من المجموعة الحاكمة. قائمة الاتهامات خلال تسعينيات القرن الماضي لم تقتصر على عناصر المعارضة الخارجية وإنما طالت حتى قيادات سياسية بالداخل حيث شهد يونيو 1998م إعلان الأجهزة الأمنية إحباطها لمخطط تخريبي لحزب الأمة القومي والذي تم الشروع في تنفيذه بتفجير أحد أعمدة كهرباء الضغط العالي لتتزامن مع احتفالات الإنقاذ وإجازة دستور 1998م. واتهم بالوقوف خلف تلك المحاولة كل من الأمير عبد الرحمن نقد الله والأمين العام لهيئة شؤون الأنصار عبد المحمود أبو بالوقوف خلفها، حيث تم الإفراج عنهما لاحقاً بعد فترة اعتقال. أما العمليات خارج الخرطوم فإن أبرز المحاولات التي تم التخطيط لتنفيذها في تسعينيات القرن الماضي والتي هدفت لتفجير جسر الأشراف قبالة مدينة جبيت في شرق السودان عام 1997، بجانب تدمير جزء من الخط الناقل للنفط في العام 1999م بواسطة أفراد تابعين لقوات جيش الأمة التابع لحزب الأمة القومي والتي لم يعترف الحزب رسمياً بتنفيذها واكتفي رئيسه الصادق المهدي بالقول وقتها "بأنها تهمة لا ينفونها وشرف لا يدعونه". رغماً عن التوقيع على اتفاق السلام الشامل في العام 2005م وإنهائها للصراع السياسي العنيف بين الحكومة ومعارضيها بشكل نسبي، إلا أن العام 2007م شهد إعلان السلطات الأمنية إحبطها لمحاولة تخريبية اتهم فيها عدد من العسكريين ورئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد مبارك الفاضل ونائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي –وقتها- علي محمود حسنين حيث تم إطلاق سراح الفاضل بعد تبرئته ثم صدر لاحقاً عفواً رئاسياً عن جميع المتهمين. ما بعد المفاصلة عقب المفاصلة بين جناحي الحركة الإسلامية في بدايات القرن الحالي واشتداد الصراع بين مجموعتي (الوطني) و(الشعبي) تصاعدت الاتهامات بين الطرفين ومنذ ذلك الوقت ظل الأصل في العلاقة بين الشطرين توجيه الأول للاتهامات للثاني بالتورط في محاولات تهدف لزعزعة النظام بينما ينفي الثاني تلك التهم، وقد وجهت اتهامات لمنسوبين بالشعبي بتدبير محاولتين تخريبيتين الأولى في مارس 2004، والثانية سبتمبر 2004، أولاهما كانت تستهدف اغتيال قيادات ب(الوطني) عبر تصفيتهم خلال أدائهم الصلاة العيد. أما فى الثانية فقد أعلنت الأجهزة الأمنية عن إحبطها لمخطط تخريبي للشعبي وضبطها وعرضها لكميات كبيرة من الأسلحة التي تم تخزينها بمنطقة (الخليلة) شمال ولاية الخرطوم ومناطق أخرى بالعاصمة قيل إنها من المقرر استخدامها في تلك المحاولة. (القاعدة) على الخط الاتهام بالتخطيط لأعمال تخريبية خلال سنوات الإنقاذ لم يكن قاصراً على الجهات السياسية المعارضة وإنما طال حتى مجموعات ذات ارتباطات وأجندات خارجية حيث أعلنت الجهات الأمنية في العام 2007م عن ضبطها بمنطقة السلمة جنوبالخرطوم لمجموعة أطلقت على نفسها (تنظيم القاعدة ببلاد النيلين) حيث كانت تخطط لتنفيذ عمليات تطال بعض المصالح الغربية وقيادات حكومية، وشرعت تلك المجموعة في تصنيع صواريخ أطلق عليها اسم (الظواهري).