منذ العام 1938م. ماذا كُنت تمارس من قبل ولماذا أتيت للعمل هنا؟ لم أعمل بغير (الورنيش)، في السِّابق بدأت العمل بميدان عقرب والسّبب الذي دَفعني لاختيار هذا المكان لأنّه منطقة مُزدحمة، أما الميدان خلويٌّ بعض الشئ وقلة زبائنه تُقلِّل من فُرص كسب العيش داخله، لذلك قرّرت الانتقال للعمل هنا ولم يكن هذا الخيار سهلاً، وما يتمنّاه كل فرد هو الاستقرار بأن يكون محل عمله بالقرب من منزله وخيار البُعد من الطبيعي أن يكون صعباً خُصُوصاً أنّني أقطن بعيداً. بداية يومك؟ أبدأ العمل في الصباح الباكر بالأحذية التي اقترب موعد استلامها، والعمل عبارة عن تلميع الأحذية التي عُلِّقت بها الأتربة وصيانتها إن تَطلّب الأمر من (القدود والقطع) بشكلٍ جميلٍ حتى ينال رضاء صاحبها. كم يبلغ سعر تلميع الحذاء الواحد؟ الحذاء الواحد تلميعه (5) جنيهات فقط، ورغم زهد السعر إلا أنّ عدداً كبيراً من الزبائن يتذمّرون. أثر الظروف الاقتصادية على المهنة؟ ما أحدثته التأثيرات الاقتصادية الأخيرة هو انشغال جميع المُواطنين بهَمّ الأكل والشرب وابتعادهم عن تجميل المظهر الخارجي وتهذيبه إلا القلة القليلة فقط، لذلك الناتج هو قلة الدخل التي نتجت عنها قلة الإقبال وارتفاع أسعار المُعدّات. هل تختلف ألوان تلميع الحذاء؟ بالتأكيد، هناك اختلافٌ نوعيٌّ واختلافٌ لونيٌّ، وهما نوعان العادي و(الكويه) الصيني، لكنني لا أتعامل به في الوقت الراهن وألوانهم ثلاثة (أسود وبني ولامع) والأسود هو الأكثر استخداماً بسبب ارتفاع سعره وأيضاً عدم دفع الزبون لأكثر من (5) جنيهات لذلك أوقفت التّعامل به تفادياً للخسائر التي قد أتعرّض لها. الأسعار؟ تَختلف.. النوع العادي سعر العلبة (30) جنيهاً، أما الغالي (50) جنيهاً، لذلك لا يعمل به إلا مشاهير هذا العمل الذين يُشار إليهم بالبنان، الشئ الذي يُميِّزه عن النوع العادي أنّه مُجهّزٌ ولا يحتاج لإضافات (محلول)، كذلك بعد التلميع به يظل الحذاء لامعاً ولا يحمل الأتربة لفتراتٍ طويلةٍ عكس النوع العادي الذي يزول مفعوله ولمعانه سريعاً. مَشَاق العمل؟ التعامل مع الزبون!! فهم لا يعيرون مقدار المَشَاق التي نَتَعرّض لها تحت هذه الأشعة، فيتذمّرون من السِّعر ويتهرّبون من الدفع، لكن من يأتي على عجلٍ ويعترض كثيراً أرفض له العمل، وأيضاً قلة المال المُتحصِّل الذي لا يتناسب مع الوضع المعيشي، كذلك التصديق من النقابة مُتعبٌ بعض الشئ وقرارات إزالة المَكان لكنها تمنحنا بطاقات. ألم تُفكِّر في إيجار (دكان) صغير؟ (العين بصيرة والإيد قصيرة.. الإيجارات غالية ما بنقدر عليها والشغل ضعيف والبدفعو في الإيجار أعلِّم بيه بناتي والزول بمد لحافه قَدُر سريره)! أكثر الفئات إقبالاً على (الورنيش)؟ (المُوظّفون والكبار ديل تعبانين) وأكثر الفئات إقبالاً هم الشباب (ناس الجامعات) والفتيات أيضاً. هل هناك أعمالٌ إضافية تقوم بها؟ (دا ما شغل بيأكّل عيش براهو)، لذلك أقوم بمزاولة خياطة وتصنيع المراكيب (الربل)، لكن حتى هذا العمل أصبح صعباً بسبب غلاء أسعار خاماته وارتفاع تكلفته، لذلك أوقفت شراءه (الجلد غالي والربل غالي لأنه بجي من الصين) وقد كان سعره (200) جنيه، الآن أصبح ب (800) جنيه.. (الزبون ما بشتري مراكيبنا دي بزيادة من 200 جنيه وكدا ما بغطِّي)!