هبط رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، في الخرطوم في زيارة رسمية عقد خلالها لقاءات مشتركة مع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونائبه، الفريق أول محمد حمدان دقلو، قبل أن يلتقي بعدها مجموعة من الكتل السياسية، في إطار الدعم الإثيوبي للحلول السودانية الرامية لإنهاء الأزمة السياسية بالسودان. زيارة آبي أحمد، بحسب مراقبين، تؤكد حرص الجارة إثيوبيا الكبير على مستوى العلاقات المتطورة مع للسودان، والقائمة على التوازن والندية، وعدم فرض آراء أو مبادرات لحل القضايا السودانية، كما يعدها البعض أنها جاءت في توقيت حساس تشهد فيه البلاد أزمة داخل الأزمة السياسية الكبرى، تتعلق بما أنتجته المبادرة أو الدعوة التي دفعت بها الجارة الشمالية مصر العربية لعقد ورشة عمل، ربما تقام بمن حضر من القوى السياسية السودانية في شرم الشيخ، مطلع فبراير المقبل، بعد الرفض التي قوبلت به الدعوة داخلياً من القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وحتى إن ظهرت زيارة آبي أحمد في ثوب المضاد لمقترحات القاهرة، إلا أنها بحسب البعض، قد أكدت فاعلية وحنكة إثيوبيا في عدم فرض الآراء والحلول على السودانيين، وانتهاج الدبلوماسية الناعمة في مساعي حل الأزمة السودانية. ويرى المحلل السياسي، عز الدين أحمد، أن زيارة آبي أحمد، قد جاءت في وقت مناسب، وأن إثيوبيا سبق وأن لعبت دوراً مهماً في الوثيقة الدستورية المنقلب عليها، كما أنها تنظر للسودان من ناحية إستراتيجية، خاصة بعد تسوية خلافتها الداخلية، وإنهاء أزمة جبهة التقراي، ومشارفة سد للنهضة على الاكتمال؛ لذلك فإنها تحاول دعم التحول الديمقراطي بالسودان، وهي في ذلك مدعومة من بريطانيا وأمريكا، كما أنها وعقب تدخل مصر استشعرت إثيوبيا الخطر، وتخوفت من فقدان السودان كحليف مهم لها، ويضيف عز الدين أن مصر إذا ما استمالت السودان، فإن فرص تعاون الخرطوم وأديس أبابا سوف تكون صعبة جداً، وتوقع عز الدين أن تنجح زيارة آبي أحمد في إحداث اختراق كبير في الأزمة السودانية، وتساعد على إنجاح التسوية ومعالجة الأوضاع بتحقيق الإصلاح الذي سيكون في صالح الشعب السوداني، ورأى أحمد أن الزيارة قد جاءت بفعل تحركات ملموسة لسلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان، ونائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، بغرض مواجهة الدور المصري، كما أن الفريق أول البرهان رحب بها من باب سد الذرائع وخشية انفجار الأوضاع في الفشقة التي تعتبر مهدداً كبيراً لكل هذه الدول، لذا فإن التعامل الإستراتيجي فرض عين على كل الدول، وينبغي على الخرطوم أن تعي ذلك، وتتعامل مع إثيوبيا وفقاً لهذا المنطق، خاصة مع اقتراب تشغيل سد النهضة، وإمكانية الاستفادة من إثيوبيا في الكهرباء، والأخذ في الاعتبار الأوضاع والأزمة الاقتصادية التي تعيشها جمهورية مصر. وقال رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، إن السودان وإثيوبيا متوافقان ومتفقان حول قضايا سد النهضة كافة، وأكد البرهان خلال جلسة المباحثات المشتركة بينه ورئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين السودان وإثيوبيا في القضايا الثنائية إقليمياً ودولياً. ورحب آبي أحمد بالزيارة المرتقبة لوفد الحرية والتغيير لدولة إثيوبيا الفيدرالية، ضمن الزيارات للتنوير بالعملية السياسية، وقال الواثق البرير، في تصريح صحفي، إن اللقاء تطرق لأواصر العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين، مبيناً أن اللقاء تناول ضرورة دعم الحوار السوداني السوداني، دون أي تدخلات خارجية من أي جهة، بجانب دعم العملية السياسية الجارية حالياً. وعبر الواثق البرير عن ترحيب الحرية والتغيير بزيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للسودان. من جانبه أثنى محمد حمد سعيد ممثل كتلة الحرية والتغيير القوى الوطنية، في تصريح صحفي، على تعاطف إثيوبيا حكومة وشعباً مع القضية السودانية، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي أكد لهم أن زيارته للسودان ولقاءاته ليست بهدف أن تكون بلاده وسيطاً في الأزمة، لأنه على قناعة بأن الحل بيد السودانيين، مشيداً بقدرة أهل السودان على حل مشاكلهم الداخلية بأنفسهم، وأثنى على الدور الكبير الذي قدمه أهل السودان للكثير من حركات التحرر في العالم، والمساهمة في حل كثير من الخلافات بين الدول. وأكد ممثل الحرية والتغيير القوى الوطنية، استعدادهم للجلوس مع الجميع لتحقيق الوفاق الوطني الشامل بالبلاد، داعياً إلى أهمية ترك نهج إقصاء وعزل الآخرين في هذه المرحلة، مبيناً أن القوى التي شاركت في صنع الثورة وسقوط النظام السابق معروفة لدى الجميع.