رحم الله الشيخ عبد الرحيم فقد كان مدرسة في الادب والتواضع والطرفة، يروى أنه ذات مر نادى على أحد الحيران ليقوم برفع النداء للصلاة وكان على مقربة منه مجنون مقيد فسمع نداء الشيخ ، فقال له: ما تقوم تأذن إنت مالك كبير علي الله؟ فقال له الشيخ ِ: صدقت ماني كبير علي الله وقام واذن للصلاة! هذه الطرفة هي ما تبادر لذهني وأنا أقرا المقال الرائع الذي كتبه الاخ الدكتور أمين حسن عمر في الاسبوع المنصرم بعنوان (كذب المنجمون وما صدقوا)، فقد وفق الاخ أمين في عرض موضوع المحاولة الانقلابية بافق واسع ومتوازن اعطى فيه كل ذي حق حقه ووازن بين المطلوبات الاجرائية والاحاسيس الشخصية وحفظ للدولة حقها ولم يغفل أن يفتح نيرانه على معارضيه في موقف طبيعي ومتوقع في مثل هذه الحالات، المقال يستحق الاشادة فهو مادة أدبية ممتازة مفعمة بالتحليل المبني على المعلومات ولا غرو فكاتبه قلم خبير وصاحب موقع يمكنه من الوقوف على المعلومات في الدولة في أعلى درجات سريتها، والموضوع يستحق أن تناقش بعض تفاصيله في غير هذا المقال وربما غير هذا المقام فقد ذهب فيه أمين لبعض الرؤى التي تحتاج لاستجلاء مثل رأيه الذي يفهم أن كل طالب اصلاح لا يبرأ من طلب الرئاسة فهذا زعم عظيم يلقي بظلال تحتاج لنقاش،والمقال مع حسنه مدعاة للتحسر وندب واقع عجز القادرين عن التمام ويدعو للتساؤل : لماذا عرضت قضية المحاولة الانقلابية بطريقة مرتبكة وغير واضحة التوصيف ونحن نملك المقدرة على وصفها؟ هل استعجل الاخ وزير الاعلام في عرض الموضوع أم أن الخطأ ليس في عرضه وانما في أصل تصميم الرسالة وليس السيد الوزير الا رسول قوم و كان يقوم بدوره كما طلب منه؟ لقد ظل الرأي العام عرضة للاشاعات ومال كثير من المتبرعين لنسج عشرات الروايات التي جانبت الحقيقة، فلماذا لم تتم المعالجة بذات المنهج الذي عالج به أمين؟ إن بالامكان أن نعرض قضايانا بواقعية وشفافية وموضوعية ونكسب الرأي العام ونطمئنه في كل حادثة اذا عالجنا حالة (اللخمة ) التى تصيبنا فور وقوع الأحداث وتجعلنا نتصرف باستعجال ، حتى حينما تريثنا في عقد مؤتمر الاخ وزير الاعلام كان الطرح مدعاة لفتح الباب أمام الاشاعات فانهمرت بشدة! أخي أمين، أنت رجل متخصص في الاعلام وقامة يقف الناس عندها معترفين بعطائها وكسبها في هذا المجال، فلماذا لم تسهم في عرض هذه القضية منذ اليوم الاول بذات الموضوعية والحيوية التي ظهرت بها كاتبا صحفيا وأنت من قبل ومن بعد من أصحاب القرار وخزائن الاسرار ؟ ولو فعلتها واسهت في تصميم الرسالة الرسمية لكان نجاحك كاتبا سيرد في مقام نجاحك مسؤولا وبالتالي نجاح حكومتك وهذا ما نحتاجه فعلا! أخي : ليتنا نأخذ بأدب الشيخ هذا فنعمل المطلوب في وقته ونقوم بالواجب كما ينبغي، فبكل بساطة نحن لسنا كبارا على الله!