** حقائق ذات أرقام مؤلمة رصدها الدكتور الشيخ الصديق، مدير المرصد القومي للموارد البشرية، ويجب عرضها لمن يهمهم الأمر في الدولة، وللرأي العام، وللبرلمان طبعاً إن كان يهمه الأمر.. منذ بداية هذا العام، بعد أن استقرت ليبيا نسبياً بعد رحيل القذافي، فتحت مشافيها للكوادر السودانية، فتقدم للمعاينات وإجراءات الرحيل بالخرطوم (3000 كادر طبي).. ثم بدأ مسلسل اجتياز تلك المعاينات وإجراءاتها، مائة تلو مائة أخرى، حتى بلغ حجم المغادرين إلى طرابلس (950 كادرا طبيا)، وكان هذا الرقم حتى أغسطس الفائت، أي لم يكتمل الحجم المطلوب لموسم الهجرة الى طرابلس، ولا تزال الخرطوم على موعد مع نزيف العقول..!! ** ليس ذاك فحسب ما يعرف بنزيف العقول، بل خلال العام 2011 فقط لاغير، فقدت كليات الطب والتمريض والعلوم الصحية بجامعات السودان الولائية ما يزيد عن (350 أستاذا)، إذ هاجروا إلى طرابلس وبعض دول الخليج، ولك أن تعلم أيها الفاضل أن هذا الرقم - 350 أستاذا جامعيا – لا يشمل عدد الذين غادروا جامعات السودان بالخرطوم، فالرصد لم يرصد نزيف جامعات الخرطوم.. أما الحديث عن النزيف النوعي، أي الكفاءة النادرة والمدربة بالداخل والخارج بأموال الناس والبلد، فحدث ولا حرج.. على سبيل المثال، ما بين العام 2006 والعام 20011، فقدت مستشفى الذرة بالخرطوم (106 كوادر طبية)، والرصد لم يرصد ما فقدها في عامنا هذا..!! ** وصدمة أخرى بورقة المرصد، وليست أخيرة، وتُقرأ حقيقتها على النحو الآتي: من العام 2009 وإلى العام 2012، هاجر إلى السعودية فقط ما يزيد عن (6000 كادر طبي).. والرصد لم يرصد هجرة ما قبل العام 2009، وكذلك لم يرصد كادر التمريض والأطر الأخرى، علماً بأن السعودية هي الأكثر استقبالاً لنزيف عقولنا، وبعدها بريطانيا ثم دول الخليج الأخرى، وأخيراً ظهرت ليبيا وإيرلندا بقوائم تمضي - عاماً تلو الآخر - نحو (طلب المزيد).. ومن أخطر نصوص الرصد، وما أكثرها، ما يلي نصاً: تزايد الطلب على كوادر التمريض والتقنيات الأخرى، وتزايدت معدلات هجرة هذه الفئات، وإحصائيات الطلبات تشير إلى قرب فقدان البلاد أعداد كبيرة منها في المستقبل القريب، رغم حاجة المشافي إليها.. هكذا النص، ويعضده رقماً من شاكلة (963)، هو حجم كوادر التمريض والتقنيات الأخرى التي استخرجت شهادات خبراتها ووثقتها بغرض إجراءات العمل بالخارج خلال العام (2011 )..!! ** وبالمناسبة، طوال العام (2000)، لم توثق منافذ الهجرة وتختم بأختامها إلا لعدد (960 كادرا طبيا فقط لا غير)، أي ينقص عن الألف بأربعين، ولكن في العام (2011) وثقت تلك المنافذ وختمت على أرواق (6590 كادرا طبيا)، ولك أن تضرب الأخماس في الأسداس لتصل إلى نسبة ارتفاع داء نزيف العقول الذي تعاني منه الخرطوم.. ونص آخر، مخيف أيضاً، بورقة المرصد، يقرأ على النحو الآتي: الطاقة الاستيعابية لكليات التمريض ضعيفة، خاصة في الدراسات العليا، وهناك مجالات أخرى حيوية ونادرة بحيث لا يتخرج فيها أكثر من (5/ 10 اختصاصيين كل 4 سنوات من مجلس التخصصات الطبية)، وذلك لقلة المدربين، ومع ذلك لا تزال طلبات العمل بالخارج تستهدف هذه الفئة.. و... يتواصل العرض، فالخرطوم تنزف..!! ??