ونحن أطفال بالمدارس الابتدائية كانت تعرض لنا تمثيلية ساذجة نضحك فيها بطريقة هستيرية، ملخص تلك التمثيلية أن ثلاث نساء كن يصلين جماعة فجاءت (غنماية) لتأكل (الكسرة) فقامت احداهن بانتهارها أثناء الصلاة فقالت لها أختها: ها ما قطعت صلاتك, فقالت الثالثة: الحمد لله أنا ما قطعت صلاتي!. كتب القيادي الاسلامي الاستاذ عبدالرحمن نور الدين يوم الثلاثاء الماضي مقالا بصحيفة (السوداني) الغراء أوضح فيه رأيه حول مقال الدكتور غازي صلاح الدين حول المؤتمر الثامن للحركة الاسلامية وقد عاب على دكتور غازي كونه لم يقل ما قاله داخل مؤسسات الحزب, وحقيقة المقال _ رغم أن صاحبه اعتذر للقراء بكونه لأول مرة يكتب بالصحف_ رغم ذلك، كان ممتازا بكل المقاييس وفيه منطق مقبول في عدة نقاط مثلما ما فيه بعض الكلام الذي ينم عن عدم نضوج الفكرة والاستعجال فقد حوى من الأفكار ما يقبل جزئيا ويعذر صاحبه في نقاط الخلاف، لكن جزئية منه تستحق النقاش أكثر من غيرها _ بذات الروح_ وهي كون كثير من الاسلاميين يتحسسون من أحاديث الصحافة والنقاش المفتوح، وهذه _بلا شك_ نفسية أناس طيبين غير مواكبين لثورة الاتصالات والتدفق المعلوماتي كما أنها تشير إلى فكرة سرية التنظيم التي تمددت فولدت هذه التخوفات. العصر اخوتي، عصر الحوار المفتوح وعصر النت ودنيا الفيس بوك والتويتر، ومؤكد أن الأستاذ عبدالرحمن نور الدين يعلم ذلك وربما له صفحة تواصل شأنه شأن الكثيرين، ومن هذا المنطلق فإن أكمل غازي ما بدأه بالمؤتمر بحديث توضيحي على صفحات الصحافة فهذا مدعاة لاحترامه واحترام حزبه وجماعته ومؤشر صحة وعافية سياسية فلكل مقام مقال، وقد كان قوله بقاعة المؤتمر يتناسب وذاك المنبر والفرصة المتاحة زمنيا والرسالة المطلوبة لحظتها لاسيما وقد انتظمت المؤتمرين حماسة شديدة لصالحه، أما الكتابة فتتناسب والصحافة والرأي العام ومجتمعات (الانتلجنسيا) غير المنتمين وغير أعضاء المؤتمر من المنتمين حتى، والرجل مفكر وباحث له جمهوره العريض، ولو فرضنا _ جدلا_ أنه استدرك آراءه وكتبها لاحقا فما المشكلة؟ الشيء الظريف أن شيخ عبدالرحمن عاب عليه الحديث في الصحافة وتحدث معه في الصحافة نفسها، يعني قال: الحمد لله أنا صلاتي ما انقطعت!. هامش: اتصل علىّ باحث اجتماعي مهتم بالتوثيق وأفاد أن المهندس حامد صديق فعلا ذو ذكاء وقاد منذ أن كان أول دفعته بمدارس القضارف وأنه حتى بداية الألفينات كان يعمل معه بمنظمة اجتماعية وهو _حسب علمه_ لم يكن منتظما بصفوف الحركة الاسلامية، فأكد مقولة (لمن صدق لا لمن سبق). وفق الله شيخ حامد فليت كل اللاحقين يسبقون السابقين ولكن ليتهم يقدرون عطاءهم ويحترمونهم!.