النيابة كشفت عن أن الخرطوم تعتزم ملاحقة واسترداد 28 صحفياً وناشطاً مقيمين خارج البلاد، تحت طائلة مواد في القانونين الجنائي وقانون جرائم المعلوماتية بتهم: التحريض، الإزعاج العام، نشر الأخبار الكاذبة، بجانب إشانة سمعة شخصيات طبيعية واعتبارية. مؤكدة استصدار النشرة الحمراء للمطالبة باستردادهم، في وقت تدخل فيه الاحتجاجات بالخرطوم وعدد من المدن اسبوعها الخامس وسقوط (26) قتيلا بحسب الحكومة. سيناريو الإنتربول في نوفمبر 2017م وطبقا لتقارير إعلامية فوجئ الناشط السوداني هشام محمد علي، الشهير ب"ود قلبا" بقوات الأمن السعودية وهي تقتحم مسكنه بمدينة جدة الساحلية، ملقية القبض عليه، وصادرت متعلقاته الإلكترونية ومكث نحو عام في سجون المملكة قبيل ترحيله قسرا وتسليمه إلى الحكومة السودانية. عموما لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تلجأ فيها الخرطوم لاتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة شخصيات غير موجودة بالبلاد، وشهد العام 2015م تدوين الحكومة لإجراءات قانونية في مواجهة زعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي لتوقيعهما على نداء السودان، حيث وقع مناوي انابة عن الجبهة الثورية. وقتها كانت الخطوة الثانية المتوقعة تعميم مذكرات توقيف بواسطة الشرطة الدولية الإنتربول للقبض على الإمام الصادق ومناوي. سبق ذلك في العام 2008م أعلن وزير العدل الأسبق عبد الباسط سبدرات، طلب الأجهزة المختصة من الشرطة الدولية إلقاء القبض رئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم للمثول أينما وجد، ودعا الدول التي تأويه أن تحرص على تسليمه حتى يواجه الاتهامات الموجهة إليه. الأطراف.. كيف ترى الخطوة؟ رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي أكد في حديثه ل(السوداني) أمس، أن اتحاد الصحفيين يؤمن بحرية العمل الإعلامي والصحفي، مؤكدا أنه يرفض تجريم الصحفي وأنه لا يمكن محاسبة للصحفيين إلا إذا تجاوزوا القانون، وأعلن عن وقوف الاتحاد مع الصحفيين الذين يحملون سجلا صحفيا إلا إذا ارتكبوا جريمة في حق البلاد. نقيب الصحفيين أكد أن أمن الدولة من حقها أن تفتح بلاغات في الصحفيين بشرط ألا يتعارض ذلك مع حرية العمل الصحف والاعلام، وأضاف: إذا كانت هناك مخالفات واضحة من الصحفيين فإن القضاء هو الفيصل؛ رافضا أي تهم سياسية أو كيدية للصحفيين وأضاف: أي زميل صحفي محترف ولديه سجل صحفي. الرزيقي شدد أنه يجب أولا معرفة هل هو صحفي أم ناشط؟ وأضاف: يوجد ناشطون وليسوا صحفيين معترف بهم ولا يعملون في صحف بالخارج وهم عبارة عن مدونين؛ وهؤلاء ناشطون وليسوا صحفيين، وإذا كانت الجهات الحكومية تقصد أنها فتحت بلاغا ضد مدونين فعليها أن تصحح المعلومة لأن هؤلاء لا علاقة لهم بمهنة الصحافة، قاطعا بأنه يتعامل مع الصحفيين العاملين بالخارج الذين يحملون سجلا صحفيا، مشيرا إلى أن عدد الصحفيين السودانيين الذين يعملون في الخارج بالدول العربية والإفريقية بلغ (400) صحفي غالبيتهم يعملون في دول الخليج وما يقارب هذا العدد بدول أوروبية. رد فعل من جانبه اعتبر عضو شبكة الصحفيين السودانيين حسن فاروق في حديثه ل(السوداني) أمس، أن النشرة الحمراء تعتبر رد فعل طبيعيا من الحكومة لأن الناشطين والصحفيين هم فاعلون في الاحتجاجات، مؤكدا أن الحكومة بهذا الأمر تحاول تخفيف الضغط عليها، وأضاف: هذا الضغط ساهم بشكل فعال في لفت انتباه العالم الخارجي لما يدور في السودان. حسن قال إن العالم الآن يقف على المشهد ويناقش أخبار السودان لحظة بلحظة، وأضاف: رغم الضغوط التي مورست داخل السودان من حجب مواقع التواصل، إلا أن القنوات اعتمدت على الفيديوهات التي ترد من الناشطين. فيما يذهب الخبير الإعلامي محمد عبد السيد في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن الإنتربول يتدخل في الجرائم الجنائية، أو الجرائم التي تجرمها الدولة، مشيرا إلى أنه لا يتدخل في الجرائم السياسية، وأضاف: (90%) من هذه النشرة لن يتم تسليمهم للحكومة السودانية لأنهم أصبحوا إما لاجئين سياسيين وبالتالي محميين بقانون اللجوء، أو أنهم اكتسبوا جنسية الدولة التي يقيمون فيها وبذلك لن تصل الحكومة لنتيجة، واستدرك: لكن إذا كانت هناك دول متعاطفة مع السودان يمكن أن تسلم الأشخاص. مشيرا إلى أن معظم الصحفيين في بريطانيا وكندا مثلا ليسوا من عضوية اتحاد الصحفيين أو كانوا أعضاء فيه لكنهم لم يجددوا عضويتهم، وقال: إذا تمسك الاتحاد بالدفاع عن عضويته فقط فإنه يريد أن يسجل موقفا بطوليا. الخبير القانوني معز حضرة يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أن الإنتربول اتفاقية دولية لتسليم المجرمين، مشيرا إلى أن أي جريمة تخضع لتقييم الدولة التي يقيم فيها المتهم أو التي تريد أن تنفذ فيه أمر القبض، منوها إلى أن النياية لا تملك الحق في توجيه سلطات الدول الأخرى. حضرة قال: إذا كان السودان يعتبر أن نشر المقالات أو الأخبار جريمة أو انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن الدول العالم المتقدمة تؤكد أنه من صميم عمل الصحفي وليس جريمة، مشيرا إلى أن المواد (39-40) من الدستور الحالي تتيح لأي شخص حرية التعبير والتنظيم وبالتالي ليس مخالفة ترقى لأن تكون جريمة. مشيرا إلى أن الحكومة سبق أن دونت بلاغات في مواجهة زعماء حركات مسلحة وأحزاب سياسية ولم تستجب أي دولة لطلباتها، لأنها ليست ملزمة بذلك، مشيرا إلى أن الجرائم التي يتدخل فيها الإنتربول هي غسل الأموال، المخدرات، تجارة البشر.