شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(السوداني) أول صحفية تصل الى هناك سماحة.. نظرة من الداخل
نشر في السوداني يوم 17 - 12 - 2012


سماحة.. نظرة من الداخل
تقرير: محمد حمدان
فى الوقت الذى تتجه فيه الأنظار صوب تسوية أديس أبابا وما تحمله من قضايا عالقة تنتظر الحل بين الدولتين، تجري هناك وبعيداً عن ضوضاء الإعلام وعيون الكاميرات ترتيبات تحرير سماحة حيث لازالت تتوافد أعداد من فرسان قبيلة الرزيقات الى منطقة " الكبو" الواقعة بالقرب من بحرالعرب وحتى عشية أمس تفيد أنباء متواترة بتحركات مكثفة أتت بعد أن عقدت الإدارة الأهلية لقبيلة الرزيقات أمس الأول مؤتمراً ببحيرة سبدو القريبة من ابومطارق قررت فيه إخلاء الجيش الشعبي من المنطقة وقد خاطبه ناظر قبيلة الرزيقات محمود مادبو مؤكداً فيه التزام قبيلته بتحرير سماحة وقال محمود وسط الآلاف من أنصار قبيلته إنهم قرروا بدء الحرب لتحرير سماحة، وأضاف: " نحررها قريباً"، داعياً أنصاره الى الالتزام بقوانين الحرب.
وفى ذات السياق وصل أمس الاول نائب دائرة بحرالعرب ووزير الدولة بوزارة الحكم اللامركزي حسبو محمد عبدالرحمن يرافقه القيادي بالوطني نائب دائرة ابوجابرة الصادق محمد علي وعدد من القيادات الأمنية والسياسية الى حاضرة شرق دارفور الضعين وأفادت مصادر موثوقة بدخول المسؤولين فى اجتماعات مكثفة مع قادة الإدارة الأهلية خلصت الى ضرورة تحرير المنطقة وإخراج الجيش الشعبي منها، وكانت (السوداني) قد تسللت نهاية الشهر الماضي الى منطقة سماحة، متجاوزة للإجراءات الأمنية التى تفرض حول المدينة من قبل قوات جنوب السودان التى تحتل المنطقة منذ العام 2005م.
خيارات ومسارات
ثلاثه أيام حسوماً قضيناها فى الطريق الى سماحة الواقعة على بحرالعرب ضمن ما يعرف بمنطقة الميل 14، ما تزال بقايا الخريف تقطع الطريق فبات الخيار الأقرب هو استغلال دراجة نارية (موتر) من منطقة ابومطارق بمحلية بحر العرب حيث لا تتعدى الرحلة ساعات محدودة خلال فترة الصيف ولكن لظروف الخريف تحتاج الرحلة لأكثر من ثلاثة أيام ذهاباً وإياباً وبمجرد اقترابنا من منطقة (بورو) نصحنا بعض العابرين من التجار القادمين من ذات مقصدنا بالسفر بصحبة سيارات البضائع فهي أكثر أمنا وراحة، وقد كان فنجحنا بعد جهد فى التفاوض مع إحداها نظير دفع ستمائة جنية تعرفة سفر الراكب ذهاباً وإياباً، بعد أن فشلت رحلتنا الأولى بالدراجة البخارية التى كانت ستكلفنا سبعمائة جنيه.
أول رحلة
نصحني صديقي بأن أخفي هويتي الصحفية وأنتحل صفة تاجر وسلمني كمية من المواد الغذائية ونصحني بترك كل الأجهزة الالكترونية حتى لا يتم مصادرتها. لتبدأ بعدها رحلة موكب سيارات الدفع الرباعي (اللاندكروزر) التى تحركنا على متنها. كانت مختلفة تماماً وهى أول محاولة للتجار بالسيارات بعد موسم الأمطار الى السوق وكشفت دهاليز عالم آخر فى التجارة تكتنفه الخطورة العالية لكن منطق التجار ومصطلح " المال تحت الدرك " هو المسيطر ويعزز فرضية خبراء المصارف فى أن " الربح مصاحب للخطر" وتبلغ أجرة اللاندكروزر 8 ملايين أما اللواري 14 مليون فيما تبلغ أجرة ZY 20 مليون وتتوقف الرحلة على حسب ظروف الشارع والمياه إلا أن السيارات هذا العام فتحت طريقا آخر وهي تتحرك من بحر العرب "أبومطارق" عبر سوق يسمى الفيض بجع ومن ثم الوادي وبورو غرباً وترجع أسباب تعرج الطريق الى غزارة المياه والبرك المحيطة وتعتبر منطقة دحل نقرس وأبلندا من أكبر الوديان التى تعيق عبور السيارات جنوباً وهنا يتم تفريغ البضاعة بالكامل من السيارات ويقوم الجميع بالتعاون بردم كبري بلدي من حطب الأشجار ليكون جسرا تعبر به السيارات الى الضفة الأخرى. أما البضاعة فيتم استئجار عمال ليقوموا بنقلها الى المرسى فى الاتجاه المقابل نظير مبلغ يدفع لهم وبعد الفراغ من عبور البضاعة يتجه الكل الى شحنها مجدداً ومواصلة السير عبر منطقة كواك مروراً بهجليجة ومن ثم الرقيبات وهي أنهار فرعية من بحر العرب يطلق عليها " رجول البحر" تلك الرجول تتفرع فى منطقة دحيل الدابي الى ثلاثة رجول أما بالقرب من سماحة تصبح اثنين وهو واقع طبوغرافي مليء بالمنعرجات والمنعطفات والغابات الكثيفة وتعتبر الرقبة الاولى أقل مياها من الثانية والأخيرة تدخل الرعب بمجرد النظر إليها لاتساعها ووعورتها وعمقها والحشائش الكثيفة التى تحيط بها وبعد تلك المعاناة ترسو السيارات فى الرقبة الأخيرة وهي على بعد بضعة أميال من سوق سماحة المكان الجديد للسوق الذى وصلنا إليه عكس مكان السوق السابق الملتصق ببحر العرب فى الجهة الشمالية ولنقل السوق شمالاً تلك قصة أخرى سنتعرض لها فى موقع آخر.
مسير السيارات
ثلاثة أيام قضيناها فى الطريق من أبومطارق الى سماحة رغم أن المسافة فى فترة الصيف تستغرق حوالي ست ساعات وذلك بسبب الخيران والحشائش، طول الطريق يقطعه المسافرون فى التفكير فى الأرباح المحتملة فى ظل طريق محفوف بالمخاطر، لذلك فإن الابتسامة تعلو وجوههم طوال الرحلة وسط أحاديثهم وطرفهم عن تجارتهم وأسفارهم وزيجاتهم المتعددة.
عم الطيب أحد التجار الذين اعتادوا على هذا الطريق يحظى باحترام مرافقيه تجده يكثر من شرب الشاي ويتحدث وسط ضحك مرافقيه بلغة الدينكا بطلاقة فهو عمل فى الجنوب لسنوات طوال.
تفاؤل عم الطيب لم يستمر طويلا فقد تعكر بعد أن لم تستطع السيارة تجاوز وحل فى منطقة (دحل نقرس)، ثم ما لبث أن سرح بعيدا، فاقتربت منه وسألته عما يشغله فأخبرني بأنه مهموم بمرض زوجته طريحة الفراش قبل أن يبتسم ويقول "القلب واحد لا يتجزأ"، قبل أن ينقطع حديثي معه بعد أن رفع المنادي صوته يستدعي للغداء الذى تم إعداده على عجل.
مسمار نص
قبل أن نصل لسماحة أخبرني مرافقي بأن سماحة تعتبر مركزا رئيسيا للتبادل التجاري بين الجنوب والشمال بل وأشاروا الى أنها أكبر سوق يلبي حاجات المواطنين وبما أن يوم الجمعة يعتبر السوق الرئيسي لجميع الأسواق الواقعة على امتداد بحرالعرب من السكارة وطباقوا غرباً مروراً بالبحر سنون ودحيل الدابي وام صقيع حتى سماحة شرقاً إلا أن يوم الاثنين من كل أسبوع يعقد سوق ثانوي ويطلق عليه التجار مسمى " خلف السوق".
تبلغ عدد السيارات التى تصل الى سوق سماحة خلال الصيف مايربو عن 20 سيارة غير تلك التى تعبر الى أسواق قوق مشار وأويل وغيرها فى الجنوب فى المقابل تنخفض الحركة التجارية فى فصل الخريف بسبب كثافة الأمطار والآفات التى تتسبب فى إبعاد قبائل البقارة شمالاً فى اتجاه الشمال الشرقى لدارفور إلا أن محاولات التجار لم تنقطع بعد وظلت التجارة عبر الدواب هي الأخرى خلال الخريف ويقول التاجر نصر الدين احمد وهو من المداومين على تلك التجارة إن الأمطار الغزيرة تملأ الوديان بالمياه والبوص مما يعيق حركة السيارات والدراجات النارية مما يدفعهم الى حمل البضاعة عبر الدواب. ويضيف فى حديثه ل(السودانى): رحلة "الحمير" شاقة وتمتد لعشرة أيام"، وتابع "المجازفة تعود الى الربحية العالية فى البضائع التى تأتي من الشمال" ويلفت الى أن الالتقاء يكون بين التجار الشماليين ورصفائهم الجنوبيين فى سوق سماحة ويتم تبادل السلع بالسلع أي تلك القادمة من السودان الشمالي مع القادمة من الجنوب وهي غالباً تأتي من يوغندا وكينيا.
ولكن فى ذات الوقت تؤكد مشاهد الطريق أن السيارات تئن بمختلف أصناف البضاعة الشمالية التى يتم تهريبها من الضعين وبالرغم من ارتفاع أسعار السلع فى دارفور بشكل عام إلا أن ربحيتها أكبر فى الجنوب ويصاحبها ارتفاع جنوني أحياناً وتتصدر تلك السلع الوقود "البنزين والجازولين " فسعر البرميل فى الضعين يتراوح بين 850 – 950 ويباع فى الجنوب ب 1900 حتى 2200 جنيه ولكن التجار مواجهون بعقبة محدودية الكمية لجهة أن شراء الوقود من الضعين يتم حسب تصديق السلطات الأمنية فهي تقوم بتصديق كمية محدودة للتجار ويرجع ذلك الى تخوف الحكومة من تسريب الوقود الى الجماعات المسلحة فى دارفور، وبجانب الوقود هنالك السلع الغذائية من الشعيرية والمكرونة والطحنية بالإضافة الى التوابل والسكر بل حتى الأواني وكل تلك الأصناف تتضاعف ربحيتها فى أسواق الجنوب ولا يوجد سعر ثابت فى الجنوب بل يتوقف السعر حسب العرض والطلب وإذا حالفك الحظ ووجدت السوق كاشفا حتماً الربحية مؤكدة، ويراهن مواطنو تلك المناطق على نجاح اتفاق الحريات والتبادل التجاري بين البلدين بشكل يحقق مصالحهم.
مشاهد لا تتجمل
المشهد داخل سماحة يحمل الكثير من الإشارات والدلالات المهمة أبرز تلك الإشارات الترحاب المنقطع النظير للتجار القادمين من الشمال من قبل رصفائهم الجنوبيين واللافت للأمر أن الابتسامات التى ترتسم على وجوه الجنوبيين تحمل فى طياتها الكثير من الامتنان وأواصر المحبة والأخوة وتكن وراءها الاطمئنان للشماليين مفادها مرحباً بكم بل يداعبك الجنوبي فى مرح يا " بنج كيف كلو تمام " ولكن مشاهد السيطرة الرسمية لحكومة الجنوب على سوق سماحة وهيمنة الطابع الجنوبي على التعامل الرسمي فيه لا يمكن أن تخطئها العين.
يخلو السوق من المواطنين لظروف فصل الأمطار التى تجبر البقارة على التجول شمالاً خوفاً على ماشيتهم من الآفات كما يتجه الجنوبيون الى مزارعهم فى الجنوب عدا بعض صائدي الأسماك المرابطين حول البحر لذا يسيطر التجار على السوق وتكثر عملية البيع والشراء والتبادل التجاري بين التجار الشماليين والجنوبيين، حيث تعتبر سماحة منطقة عبور بين الدولتين، فعلى سبيل المثال البضاعة التى دخلت معنا اتجه معظمها الى أسواق قوق مشار وأويل ومنها قد تذهب الى مدن واو وراجا.
الجمارك الجنوبية
حال لم تعجبك الأسعار فى منطقة سماحة فيمكنك أن تعبر الى أسواق الجنوب عبر ردمية تمتد من منطقة سماحة الى قوق مشار، أويل ، راجا حتى واو فى حرية تامة ويعد الطريق سالكاً عكس الطريق بين الضعين – سماحة المليء بالمياه والأعشاب ولكن فقط عليك دفع الجمارك وهي تخضع للمفاوضة حسب (حنكك) فلا توجد تعرفة محددة ولكن فى الغالب بحسب حديث أحد التجار -فضل حجب اسمه- أنها تبلغ حوالي 300 جنيه للعربة واستطرد قائلاً " الربح فى أسواق الجنوب أكبر وهناك تفضيل للبضاعة القادمة من الشمال على حساب البضائع الافريقية القادمة من يوغندا وكينيا خاصة للمواطن الجنوبي، مشيراً الى أن التعامل راق وممتاز وتقوم حكومة الجنوب بمحاسبة أي شخص يعرقل القانون"، وفى المقابل لا توجد نقاط جمركية على الحدود السودانية بل حتى التجار الشماليين أبدوا استعدادهم لتنظيم الحركة التجارية ودفعهم للرسوم الجمركية للسودان وطالبوا بضرورة تدخل الحكومة ووضع شرطة فى المنطقة تقوم بتنظيم القانون وحماية المواطنين ولكن لاصوت يسمع رغم حديث التجار عن تبليغهم للجهات الرسمية فى عاصمة ولاية شرق دارفور الضعين.
داخل السوق
بمجرد دخول العربات للسوق تقوم شرطة جنوب السودان التى لا يتعدى عدد أفراها الثمانية أشخاص بفرض رسوم أمن على كل عربة 50 جنيها ورسوم مرور 30 جنيها (80 جنيها لكل سيارة دون إيصال) ولكن فى المقابل يتم تدوين السيارات التى تدخل.
أما السوق فوسط (رواكيبه) وأكواخه يعرض التجار الشماليون والجنوبيون بضاعتهم من مختلف السلع والتى تأتي فى مجملها من الشمال عبر التهريب، ثمة (راكوبة) داخل السوق يتواجد بها ثمانية من أفراد شرطة دولة الجنوب، بينما انتشر اربعة آخرون لتنظيم حركة المرور البسيطة، بجانب ذلك كانت هناك عربة تاتشر عسكرية تابعة للجيش الشعبي لدولة الجنوب تقطع الطريق الرئيسي ذهابا وإيابا عبر الردمية التى تتجه جنوبا صوب معسكر الجيش الشعبي فى مكانه الجديد (ملك مير).
وليس بعيدا عن راكوبة الشرطة هناك دبابة متهالكة تقف شرق السوق، يبدو لكل من يمر بقربها أنها لا تستطيع الحركة.
أفراد شرطة الجنوب يتجولون داخل السوق وينظمون حركة التجارة وفى ذات الوقت يوجد عدد من استخبارات الجيش الشعبي داخل سوق سماحة وهؤلاء معادون لكل ماهو رسمي حكومي. ويروي بعض التجار ل(السوداني) أن السلطات بجنوب السودان ضبطت قطعة سلاح بحوزة التاجر "فضل" داخل سيارته ولم تشفع له تبريراته بأن الطريق غير آمن بل استدعته وبعد تحقيق مطول معه تم تغريمه 3 ملايين جنيه، وفى مشهد آخر يقول التاجر " مصطفى" إن ناموسيته تمت مصادرتها بعد أن كانت من نوع الكاكي، حكومة جنوب السودان لم تتردد فى إطلاق تحذيراتها المتكررة بعدم دخول أفراد الجيش الى سماحة بالرغم من عدم ممانعتها فى دخولهم كأفراد وتجار الى المنطقة.
وفى السياق تولي حكومة الجنوب اهتماما غير عادي بالمنطقة وتفرض إجراءات أمنية مشددة ضد كل ماهو رسمي حكومي من قبل الشمال، لذلك فإن عملة الجنوب بفئاته المختلفة هو ملك التداول، ويمنع تداول عملة الشمال.
رصد أحد التجار الجنوبيين لديه نقود سودانية ولديه الرغبة فى شراء بضاعة ولكن بدا متخوفا من إبرازها فهمس فى أذن نظيره الشمالي وبعد أن قبل الأخير تسلم ذاك بضاعته وأخذ الشمالي نقوده، لاحقا أخبرني التاجر الشمالي أن هذا الشخص كان يعمل بالزراعة بالشمال واستلم أجرته بعملة الشمال، ولكن فى حال ضبطها عنده هنا فإن ذلك كفيل بتعرضه لعقاب وخيم.
وحكى لى أحد التجار الشماليين أنهم وجدوا فى جيبه فئات نقدية من الشمال فتعرض بسببها الى تحقيق وتم تحذيره.
فى المقابل يوجد تجار عملة وبيوتات مالية تتمثل فى مكاتب تتبع لأفراد تعتبر الثقة والأمان والمصداقية هي رأسمالها فى ذلك وبعد انتهاء التجار من عمليات البيع يقومون بتسليم مبالغهم المالية الى تجار حسب المنطقة الموجودين بها سواءً بسماحة او أويل او واو وفى ذات اللحظة التى يتم بها تسليم المبلغ الى صاحب التحويلات الذى يقوم بدوره بالاتصال أمام التاجر بشخص آخر تابع له فى الضعين ليقوم بتسليم المال الى التاجر او من ينوب عنه فى المنطقة وتجرى تلك العمليات بعد مقارنة عملة الجنوب بما يعادلها من العملة السودانية وفى بعض الأحيان بالدولار وعملة دولة الجنوب قوتها الشرائية أقوى من العملة السوادنية فقيمة 1000 جنيه من عملة الجنوب تساوى 130 دولار بينما من العملة السوادنية تعادل 100 دولار وعلى ضوء ذلك تطورت العمليات الائتمانية فقام بعض التجار بافتتاح مكاتب رسمية فى الخرطوم ودبي وجوبا تقوم بتحويلات مبالغ كبيرة ويقول التاجر (أ- ع- م) إن التعامل ممتاز وراقٍ مبيناً أن التعامل التجاري بينهم والجنوبيين وصل الى درجة عالية من الثقة بل حتى التعامل بالدين والتحويلات المالية ومبادلة السلع تتم باطمئنان.
بعض التجار لا يكتفون بتسويق بضاعتهم واستلام مبالغهم بل يقومون بشراء عملات أجنبية ويأتي الدولار فى مقدمة العملات التى تشهد إقبالاً واسعا خاصة فى أسواق أويل وواو وراجا ويتراوح سعره فى الجنوب بين 4 الى 4.5 جنيه وفى ذات الوقت هنالك اتصال دائم لمعرفة أسعار الدولار بالسوق الأسود بالخرطوم.
ملك مير
ثكنات الجيش الشعبي داخل سماحة خالية رغم وجود آثار واضحة تنم عن وجوده قبيل فترة وجيزة وتظهر فى الثكنات بعض الرواكيب والأكواخ المبنية بالحصير البلدي وعريش الأشجار وقد تبين أن قوات الجيش الشعبي انسحبت من المنطقة بعد اتفاقية أديس أبابا وهي الآن تتواجد بمنطقة (ملك مير) جنوب منطقة سماحة وتبعد عنها حوالي 3 كيلومترات فقط، ويعتبر ذاك الوجود مخالفاً لما نص عليه بروتوكول الحدود بين الدولتين الذى ينص على تحديد منطقة عازلة على طول الحدود حوالي 10 كيلومترات وعلى الرغم من الاختراق الواضح لذلك وضعف آليات الرقابة على الاتفاقيات التى أبرمت بين الطرفين نجد أن قوات الجيش الشعبي لم تبعد كثيراً من المنطقة فيما تتواجد القوات المسلحة فى مقر ولاية شرق دارفور الضعين كآخر معقل لها فى الحدود مع الجنوب.
ويروي بعض المقيمين بالمنطقة ل(السوداني) أنه وبعد اتفاقية أديس أبابا حضر الى مقر قيادة الجيش الشعبي فى سماحة قائد منطقة ونيك العسكرية وهي حامية تقع شمال منطقة أويل اللواء سانتينو وأمر بانسحاب قوات الجيش الشعبي من سماحة إلا أن حاكم ولاية شمال بحر الغزال بول ملونق رفض انسحاب الجيش الشعبي بحجة أن اتفاقية أديس بشأن المنطقة لم تلبِّ مصالح مواطنيه بل أكد على تبعية المنطقة الى ولايته وبحسب حديث البعض بالمنطقة أن بول اعتبر الاتفاقية غير منصفة لدينكا ملوال لكن طموحات الرجل يبدو أنها تتجه لأبعد من ذلك ويقول مراقبون إن بول متمسك بتحويل السوق من سماحة الى منطقة الرقيبات وهي تقع شمال مكان السوق القديم وبالفعل ذات المكان الذى حدده هو مقر السوق حالياً ، فيما تقول إفادات أخرى إن الوالي دخل فى صراع مع رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت بعد أن رفض الأول تنفيذ الانسحاب حتى دعاه سلفاكير الى العاصمة جوبا لحسم الأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.