"وصول وفد الكونغرس الأمريكي إلى الخرطوم".. مع بدء عبارة الوصول، بدأت حلقات التنقيب.. أين الوفد؟ ومن يضم؟ قيل إنه برئاسة رئيس لجنة الحريات في الكونغرس، لتأتي الإجابة من بعض الناشطين: "لا توجد لجنة حريات في الكونغرس". تأتي التوضيحات تباعاً.. إنه رئيس كتلة الحريات الدينية، ليفتح بعض الناشطون مواقع لأعضاء الكونغرس ويتحدثوا أنه ليس الرئيس! يحدث لغط آخر، أن تلك القائمة هي للحريات عامةً، وليست للحريات الدينية، فتنتهي النقطة لتبدأ أخرى. من الذي مول زيارته؟ ولماذا جاء برفقة زوجته التي طلبت الالتقاء بالجالية اليونانية حيث أصولها من اليونان؟ لماذا وضع له جدول لقاءات رفيع المستوى، شمل مدير جهاز الأمن والمخابرات ورئيس الوزراء ووزيرَي الخارجية والعدل، فضلاً عن رئيس البرلمان وبعض السياسيين بل وبعض المعتقلين في الزنازين؟ كانت الخارجية أول من وضعت بيانا دقيقا لوضع النائب، حيث عرّفته "بعضو الكونغرس الأمريكي" الذي جاء برفقة عدد من مساعديه وبحضور القائم بالأعمال الأمريكي. وكان البيان بعد لقاء جمعه مع وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد. في خاتمة اللقاء، قال عضو الكونغرس للدرديري إنه سيشجع زملائه أعضاء الكونغرس على الحضور إلى الخرطوم. المواقع العالمية.. كيف رأت الزيارة؟ في العادة تتعامل الوكالات والمواقع العالمية في مثل هذه الأحداث بمعايير أعلى من الدقة والتأكد. يقول صحفيون مختصون في مراسلة المواقع العالمية، إنهم في العادة حينما يغطون زيارة الوفود الأجنبية إلى السودان أو أي بلد آخر، يتم الدخول إلى الصفحة الرسمية المعني بها العضو أو النائب للتأكد من البيانات الموضوعة في الصفحة، ومن ثم يتم البحث عن معلومات تخصه، أما الخطوة الثالثة فتتم مراسلة الجهة التي يمثلها الزائر، لافتاً إلى أنه في حالة زيارة وفد الكونغرس يرُسل إلى إعلامهم أن "النائب (...) في زيارة إلى السودان فهل هي زيارة ذات طابع رسمي أم خاص؟". ويشير أولئك الصحفيون في حديثهم ل(السوداني) إلى أن زيارة مثل هذه النائب قد لا تجد اهتماما في مصر أو دول أخرى، لأنها شيء اعتيادي كما أن نوابا ورؤساء لجان بارزين في حالة زيارات متواصلة إلى تلك الدول، إلا أنها تجد اهتماما متعاظما في السودان لأنها نادرة. ويؤكد الصحفيون أن معايير الصحف العالمية والوكالات لا تختلف من بلد إلى آخر، وأنه حتى أن اهتم الإعلام المحلي السوداني بها، فهذا لا يعني اهتمام الوكالات بها. ماذا قال مُنظم الزيارة؟ رئيس معهد "همتي دمتي"، الصادق خلف الله، الذي نظم الزيارة لم يخف استياءه مما تم تناقله البعض في وسائل التواصل الاجتماعي عن الزيارة والتقليل الذي صاحب ذلك، الذي سمعه عضو الكونغرس وبعض السفراء الآخرين. ينقل الصادق تعليق أحد السفراء حول ما سمعه في الوسائط عن زيارة رئيس كتلة الحريات الدينية غيس بيلراكيس: "السودان بلد الشائعات"، الأمر الذي سبَّبَ له حرجا بالغا بحسب ما قال ل(السوداني). ويضيف مدير معهد همتي دمتي – المتخصص في زيارات وفود الكونغرس إلى الخارج - "بيليراكس، طلب زيارة السودان قبل ستة أشهر لمعرفة أحوال الكنائس في السودان خاصةً أنه يرأس كتلة الحريات الدينية في الكونغرس، لكن لم تتم الترتيبات في ذلك الوقت لاعتبارات معينة، ونُظمت الزيارة في هذه الأيام". ويؤكد في حديثه ل(السوداني) أن نوع هذه الزيارات لا بد أن يُنسق مع السفارة الأمريكية لأغراض التأمين والاستقبال وغيرها، وهو ما تم. وأوضح أن الوفد جاء بموافقة الحكومة السودانية وكذلك بموافقة لجنة الأخلاقيات في الكونغرس، التي لا بد أن تسمح بالرحلة. ورغم ما أثير عن أن زيارة رئيس الكتلة إلى الخرطوم، ليست ذات جدوى ولا تحقق أغراضا على المدى القريب أو البعيد سوى "بروباغندا إعلامية سياسية"؛ إلا أن لخلف الله رأيا آخر، حيث كشف أن بيليراكس مُكلف بإعداد تقرير عن الزيارة يُسلم لجهتين: الأولى إلى لجنة الأخلاقيات في الكونغرس، والثانية للحزب الذي يمثله وهو "الجمهوري"، مؤكداً أن النائب وعد بعقد اجتماع مع الإدارة الأمريكية ليشرح لهم نتائج زيارته إلى السودان، والنقاشات التي تمت مع الأطراف كافة. تمويل مِمَّن؟ تلميحات قيلت حول تمويل الرحلة التي جاءت على نفقة الحكومة السودانية أو المعهد الذي يستمد نفقته أيضاً من الحكومة، مما قلل من مضمون الزيارة لدى البعض. غير أن خلف الله يشير إلى أن لجنة الأخلاقيات في الكونغرس، تتأكد من تفاصيل وتمويل الزيارة لأيٍّ من أعضائها قبل منح الموافقة. وكشف عن أن بعض الرحلات التي أقامها المعهد موَّلها رجال أعمال، لكنه لم يوضح ما إذا كانت رحلة بيليراكس قد مُوِّلت من رجال أعمال سودانيين ينتمون للحكومة. ولم يجد مدير معهد "همتي دمتي" حرجاً من تأكيد ما تناقله البعض أن زوجة عضو الكونغرس أرادت الالتقاء بالجالية اليونانية المقيمة في السودان، وهو ما تم فعلاً، ويعتبر أنها تفخر بأصولها اليونانية وأرادت أن تلتقي بالجالية المقيمة في الخرطوم قائلاً: "لا شيء يمنع ذلك". هل انطلت على الدقير؟ اندهش البعض أثناء انتقادهم لزيارة العضو الأمريكي من لقاء جمعه مع رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، خاصةً أنه الوحيد الذي التقاه من السياسيين. مصدر الدهشة التي كتبها البعض في وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحكومة اهتمت بلقاء عضو الكونغرس لإظهار وجود حوار وتواصل مع الجانب الأمريكي، الأمر الذي كان يجب ألا تتماشى معه المعارضة. غير أن (السوداني) حينما طرحت سؤالا عن ترتيبات الزيارة على الدقير، قال إن السفارة الأمريكية هي التي رتبت اللقاءات، كما أن القائم بالأعمال الأمريكي حضر اللقاء في منزله. ويشير الدقير الذي أنه أبلغ الوفد الزائر أن إرادة السودانيين الآن موحدة لإنجاز التغيير، وأنهم بوحدتهم قادرون على الانتصار؛ أشار إلى أن الوفد لم يكن يمثل الكونغرس بحسب ما لمسه من اللقاء، لكنه جاء بعلم الإدارة الأمريكية، وهو ما لا يمنع من اللقاء. ويبدو أن عضو الكونغرس الذي ناقش مع الحكومة ملف رفع العقوبات ورفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، لم يناقش تلك القضايا مع المعارضة، إنما مواضيع أخرى تتعلق بالاحتجاجات والتغيير والحريات. الزيارة القادمة أقام المعهد أربع رحلات لوفود من الكونغرس كان أشهرها وأولها في العام 2015 لكتلة "بلاك كوكس"، ثم أقام زيارتين: واحدة لممثلي الحزب الديمقراطي وأخرى للحزب الجمهوري، وجاءت الثالثة لرئيس كتلة الحريات الدينية. وكشفت مصادر مطلعة ل(السوداني) أن هناك زيارة أخرى نهاية الأسبوع القادم لوفد كونغرس آخر، لكن لم تحدد المصادر ما إذا كان الوفد ذا طبيعة رسمية أم خاصة مثل عضو كتلة الحريات الدينية.