طُرقٌ ووسائل عدّة انتهجها تجمع المهنيين السودانيين منذُ انطلاق شرارة الثورة في ديمسبر الماضي بدأت عبر تسيير المواكب، ثم احتجاجات الأحياء، وصولًا إلى الإضراب والعصيان المدني منتهيةً بالاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم ظهر ال6 من أبريل. وتنتظم داخل التجمع العديد من النقابات كلجنة المعلمين، ولجنة أطباء السودان المركزية، وشبكة الصحفيين السودانيين والتحالف الديمقراطي للمحامين، ولجنة مبادرة استعادة نقابة المهندسين، إلى جانب عدد من الكيانات الموازية التي اُعتبرت وجهًا للنظام السابق. عقب السقوط عقب سقوط النظام السابق سيرت العديد من النقابات مواكب لاستعادة ما سمتهُ النقابات العمالية وقد سير الصحفيون الأسبوع الماضي موكبًا دعت لهُ شبكة الصحفيين السودانيين" للمشاركة في موكب لتحرير وكالة السودان للأنباء "سونا" من عناصر النظام السابق متوجهين بعدها نحو القيادة العامة مطالبين باستعادة النقابة واستلام دار الاتحاد العام للصحفيين السودانيين. وفي ذات السياق، سيَّر المهندسون موكبًا لاستعادة نقابتهم انتهى أيضا بمكان الاعتصام بالقيادة. إحكام السيطرة وتُمثل النقابات بحسب مراقبين أداةً فعالة في سبيل إسقاط النظم الشمولية إذ تستخدم النقابات أدوات كالعصيان والإضراب، لذلك سعت الإنقاذ والنظم التي سبقتها طوال سنين الحكم على السيطرة عليها وتولي منسوبيها زمام قيادتها، يضاف لذلك فإن أول ما تقرره الأنظمة عند توليه السلطة هو تجميد قانون النقابات، وإنشاء قانون جديد يُعزز من سيطرتها. لتبقى في نهاية المطاف بحسب مراقبين أحد أذرع بقاء النظام الحاكم واستمرار سيطرته. واليوم يعاود المهنيون الاصطفاف خلف نقابتهم ليس فقط لاستعادتها بل للضغط على المجلس العسكري الحالي في سبيل نقل السلطة الحالية لحكومة مدنية، إذ أعلن تجمع المصرفيين في بيان لهُ عن تسيير موكب القطاع المصرفي الذي يضم المصرفيين والمعاشيين والمفصولين للصالح العام اليوم. ووفق بيان لتجمع المصرفيين السودانيين أكدوا التفافهم حول تجمع المهنيين السودانيين ومشروع إعلان الحرية والتغيير، معلنين مواصلتهم للنضال السلمي عبر استخدام جميع أدواته المشروعة من اعتصام وتظاهر، والإضراب العام وذلك لتسليم الحكم لسلطة مدنية انتقالية. وليس ببعيدٍ مما سبق انتهجت العديد من النقابات ذات الطريق. ويرى مراقبون أن الإضراب والعصيان وانتهاءً بالاعتصام هي الوسائل التي بدأت في إحياء النقابات العمالية والحراك الثوري. عناية فائقة من جانبه أشار عضو شبكة الصحفيين السودانيين علاء الدين محمود، في حديثه ل(السوداني)، أمس، إلى أن تجمع المهنيين أولى مسألة استرداد النقابات عناية فائقة، وأن هذه المهمة تكاد تكون هي المركزية في عملية التحول الثوري وتحطيم جهاز الدولة القديمة، مشيرا إلى أنهُ عبر أجسامه المختلفة يسعى التجمع لتمهيد الأرضية والوقيت المناسبين من أجل بدء عملية استعادة النقابات العمالية التي ستسبقها تهيئة قانونية وتكييف جديد، وأضاف: الآن بعض أجسام التجمع تولت عمليا تسيير بعض الدور التي كانت تستولي عليها النقابات الزائفة والاتحادات شبه المهنية، وهذه مهمة يسعى إليها الجميع تحقيقا لهدف وشعار "النقابة للجميع"، لافتًا إلى أن شبكة الصحفيين السودانيين ستكون ضمن آخرين في مقدمة الساعين إلى تحقيق حلم الصحفيين في قيام نقاباتهم. إضرابات النقابات في سياقٍ متصل، كان للجنة أطباء السودان المركزية دورٌ بارزٌ في الثورة التي أطاحت بالنظام السابق إذ نفذ الأطباء إضرابا عن الحالات الباردة في معظم مستشفيات السودان، وإضرابًا عن المستشفيات العسكرية رفع لاحقًا. ووفقًا لبيان سابق لتجمع المهنيين السودانيين فإن نسبة نجاح إضراب الأطباء بلغت 70%. أما لجنة المعلمين فقد دعت أيضا في وقتٍ سابق إبان الاحتجاجات إلى إضراب وسط المدارس وحقق بحسب التجمع نتائجهُ المرجوة، كما أبان أن الثورة أبرزت بيانات وحملات استعادة وتصحيح النقابات العمالية. فلاش باك وتعود بداية النشاط العمالي في تاريخ السودان إلى مناهضة المستعمر وذلك في العام 1908م بأول إضراب لعمال مناشير الغابات للمطالبة بتحسين بيئة العمل وظروفها، ثم تدرج ذلك النشاط ليدخل المقاهي العامة في الأسواق لمناقشة قضايا العمال. وبدأ الضغط على الاستعمار البريطاني لتتم الاستجابة بقيام أندية العمال في مدن الخرطوم الثلاث عام 1934. ووفقًا لتقارير توالت بعد ذلك في كل المدن العمالية وأصبح لها دور تثقيفي وتدريبي وسياسي في مناهضة الاستعمار من خلال المطالبة بقيام التنظيمات النقابية وانتشار الصحف الحائطية والمسارح العمالية. وفي العام 1947م كانت الشرارة الأولى لقيام التنظيمات النقابية في شكلها الحديث بهيئة شؤون العمال بالسكة الحديدية، ثم تطورت الفكرة وتم الضغط على المستعمر ليعترف ويستجيب بحق التنظيم النقابي ويصدر أول قانون للعمل والعمال في عام 1948م، ثم نشأ أول مؤتمر عمالي في 1949م .