1- من دواعي السرور والفخر أن نشهد افتتاح مصنع العدادات الكهربائية الإلكترونية وأن نرى الرئيس يهتم شخصيا بالقطاع الصناعي ويتلو أرقاما من ذاكرته تؤكد أنه يحفظ هذا اللوح تماما ولكنني أود أن أجري بعض المقارنات التي تتعلق بقطاع الصناعة ومنها افتتاح محلج ربك والذي يعد الثاني أفريقيا بعد محلج جنوب أفريقيا وذلك لأن الإنتاجية في ربك يمكن أن تبلغ 30 بالة في الساعة. ولكن السؤال الملح هو: (القطن وينو؟!) بعد افتتاح المصنع مباشرة انهار موسم القطن التالي والذي يليه وخسرنا موسمين كاملين والاكثر من ذلك خسرنا سمعة شركة الأقطان بعد أن حدث ما حدث. ما هي فائدة المحلج إذا؟! ومن جهة أخرى. ما هي فائدة الحلج بدون غزل. السودان حتى ولو زرع القطن بوفرة مجددا وحتى ولو حلجه كله بأرخص الأسعار سيصدره للغزل في الخارج ليستورده (غزولا) لينسجها في مصنع نسيج كوستي. 2- قيل لنا انتم تتناقضون لأنكم تنتقدون الحكومة والمعارضة في ذات الوقت ولأنكم تدافعون عن الحكومة والمعارضة في ذات الوقت. والصحيح أننا على جادة الصواب بينما الحكومة والمعارضة هم الذين يجسدون التناقضات المريعة. فالمعارضة ترغب في ثورة مجانية لتركب على ظهر الشعب السوداني بادعاء أنها التي صنعتها ولذلك ما أن يتعرض السودان إلى هزة إلا وتخرج رأسها من الشباك وتنادي على الشعب السوداني بالخروج ولو خرج ومات أحدهم فإنها ستظهر في التشييع وامام الكاميرات. أما الحكومة وحزبها المؤتمر الوطني فهو يخطىء أحيانا لأنه يطارد ذبابة نزلت على المائدة بالعصا الغليظة ويحطم الاطباق ويهدر الطعام لتطير الذبابة وترك على أنفه الغاضب ثم تغادر الغرفة لتعود بعد حين ويتكرر المشهد. هل كانت الحكومة محتاجة لما حدث أمام مفوضية حقوق الإنسان في مذكرة المنظمات؟! هل كانت محتاجة أصلا لإغلاق مركزين أو ثلاثة؟ 3- قضية الحريات لدى الحكومة تشبه هذا المثال: شخص منحه الطبيب عصا للتوكؤ عليها لمدة ستة أشهر بعد عملية جراحية وأخبره انه يجب ان يترك استعمالها بعد ستة أشهر وألا يعود إليها إلا إذا عاوده الوجع في الشتاء شريطة ألا يكثر من استخدامها. المنطق يقول إنه يستخدمها لمدة ثلاثة أشهر ثم يخفف الاستعمال رويدا رويدا حتى يصل إلى ساعة في اليوم في الشهر السادس ليتركها نهائيا ويضعها في الدولاب (لوقت الحاجة). صاحبنا فكر بالمقلوب وقال إذا كان يجب تركها بعد ستة اشهر فيجب أن استفيد منها هذه الفترة لأقصى حد ونسي صاحبنا أن التعود عليها يحجب عنه مهارة المشي الحر. في واقعنا السياسي للحكومة قوانين... الأمن الوطني... الاحزاب... العمل الطوعي... الخ ولديها أدوات حجب المواقع الإلكترونية ولديها العضوية الموالية في كل المجالات. ولكن اتجاه حركة التاريخ يمضي نحو الحريات العامة والديموقراطية الكاملة ومهما افتخرت الحكومة بالتوجه الإسلامي فإنها في الحريات دون مستوى التحول الديموقراطي بكثير. تحتاج الحكومة وحزبها إلى ادوات مدنية سلمية وفكرية للسيطرة على الرأي العام. تحتاج إلى منظمات ومراكز وإعلام ذكي ومرتبط بالعالم الخارجي. تحتاج إلى المزيد من (القوة الناعمة)... وعليها أن تخفف من استعمال العكاكيز وتضعها رويدا رويدا وبمحض اختيارها في الدولاب (لوقت الحاجة)... لأنه قد يأتي الأوان وهي غير جاهزة بالقوة الناعمة المطلوبة ولا الكوادر التي تمتلك مقدرات سياسية للتعاطي مع الواقع المتغير. وعندها ستذكرون ما أقول لكم.