الجالية السيريلانكية بالخرطوم.. ماضي (الثلج).. وحاضر (القراصة)..! الخرطوم: فاطمة خوجلي مظلومة بلادهم.. هكذا كان يردد بعضهم خلسة.. وعندما اقتربنا اكثر علمنا أن دولتهم سيريلانكا تعتبر من اجمل البلاد في العالم، لكنها مظلومة إعلامياً-هكذا كانوا يعتقدون- والأجواء في قاعة المؤتمرات بجامعة أفريقيا العالمية أمس الأول كانت بخلاف ذلك الاعتقاد، حيث احتلفت الجالية السيريلانكية بعيد استقلالها الوطني بحضور وزيرة التعليم العالي (أ. سعاد عبد الرازق) ذلك الاحتفال الذي بدأ برفع العلمين (السوداني والسيريلانكي) ووقفة للنشيد الوطني للبلدين كذلك، وإطفاء الشمعدان الزيتي. بطاقة تعريفية: وبحسب الجالية فإن 1984م هو عام استقلال واستقرار جمهورية سيريلانكا ووفقاً لهم فإنها جزيرة جميلة تقع على المحيط الهندي يبلغ عدد سكانها عشرين مليون نسمة.. وبالسؤال عن قبائلهم، يقولون بأنهم ينتمون إلى سلالات عرقية متباينة الياكشا والناغا والسنهال والتأميل و(المور المسلم) وينتمون كذلك إلى ديانات متعددة. وحول مواردهم الطبيعية فإن الزراعة هي عصب النشاط الاقتصادي، ومن أهم المنتجات الزراعية الشاي والمطاط وجوز الهند والأرز والتوابل. وحول اللغة الرسمية فإنها السنهالية التاميلية إضافة إلى الإنجليزية. بلد جميل: الجالية السيريلانكية التي استطعمت المأكولات السودانية في حديثها ل(السوداني) لم تخف إعجابها بالشعب السوداني وعاداته وتقاليده.. مبينين أن البساطة هي قرينة السماحة والتلقائية والفطرة واليسر والسهولة لدى السودانيين. ولم تخالف (تونيا) ذات السبع سنوات ما ذهب إليه والداها رغم صغر سنها. تونيا لفتت أنظارنا إليها وهي تلهو مع أقرانها السودانيين والسيريلانكيين في انسجام تام برغم اختلاف الملامح الآسيوية عن الأفريقية. تونيا توقفت عن اللعب لتخبرنا أنها في الأول أساس وأن (السودان بلد جميل). بعد أن أكدت حبها للسودان نادت (ماما.. ماما) لتأتي والدتها وتعرفنا بأنها فاطمة وأن والد (تونيا) سوداني الجنسية، وعن تفاصيل زواجهما أنها إلتقته في لبنان ثم جاءت معه لتستقر هنا في السودان تحديداً بأم درمان الثورة منذ ثمان سنوات، فاطمة تشارك ابنتها الرأي في أن (السودان بلد كويس). زوج متفهم: والدة تونيا دلفت في الحديث أنها منذ فترة طويلة لم تذهب في إجازة إلى سيريلانكا، مشيرة إلى أنها تشتاق إلى أهلها كثيراً. وعن الفروقات في العادات والتقاليد للشعبين تقول إنها مختلفة تماماً وبالرغم من ذلك نتقاسم الود والمحبة. وعن سبب حزنها فاطمة تومئ بكتفيها إشارة منها أنها لا تتقن عمل المأكولات السودانية التي يطلبها زوجها، مستدركة أنه متفهم ويتناول ما نقدمه له من وجبات سيريلانكية ذاكرة (الأرز البرياني)... وأضافت قائلة: في رمضان أسعد بتقديم (القراصة). ومبدية رغبتها وإصرارها في التعلم من جاراتها اللاتي لا يبخلن عليها بالمساعدة واللاتي وجدت فيهن خير مُعين لتخفيف غربتها عن أهلها. يعجبني.. ولكن.؟ الوالدة تُبدي إعجابها بالثوب السوداني مستدركة أنها لا تعرف طريقة لبسه بالرغم من محاولتها مراراً وتكراراً. وعن الصراع الذي يدور بداخلها تعزيه لضعفها في اللغة العربية الأمر الذي جعل الأولاد اقرب إلى والدهم في استذكار الدروس.. فاطمة تختم حديثها قائلة: (أحب الحناء والبخور السوداني)، موضحة أن أهلها لا يبخلون عليها في إرسال البهارات السيريلانكية التي تنال استحسان جاراتها السودانيات. اللعب بالثلج: عائشة طفلة بالصف الرابع تتحدث العربية بطلاقة بحكم مولدها في السودان حسبما أخبرتنا وعن أسرتها تقول إنها من أم وأب سيريلانكيين وان والدتها تدرس بجامعة أفريقيا العالمية وعن سبب استقرارهم هنا توضح أن والدها يعمل ب(اليونيسيف)، وعن ما تفتقده هنا قالت افتقد اللعب بالثلج كما في سيريلانكا.. وهي تلوح بيديها على خديها وتقول: إن السودان بلد حار جداً وبه غبار، وعن الأكلات التي تحبها تبين أنها اللقيمات وكعك العيد والبليلة والأرز باللبن..! حب القراصة: ثلاثة إخوة أكبرهم لم يتجاوز التاسع من العمر وهم عبد الرحمن ومبارك وايمن، يشيرون إلى أن والدهم سيريلانكي ووالدتهم سودانية مضوا في حديثهم بأنهم لم يزوروا سيريلانكا نهائياً مبررين بذلك حديثهم للهجة السودانية بطلاقة، وفي الوقت نفسه يؤكدون لحبهم الشديد للدمعة بالقراصة.