** قبل عام ونصف تقريباً، سأل مناديب الصحف بالبرلمان لجنة النقل بالبرلمان عن مصير (قضية خط هيثرو).. فأجابهم نائب رئيس لجنة النقل، سليمان الصافي، بالنص: (عقدنا 33 اجتماعاً، واطلعنا على 22 وثيقة، واستمعنا إلى أكثر من 10 شهود، ثم توصلنا إلى بعض الاحتمالات لما حدث لخط هيثرو، منها البيع أو السرقة أو عدم الإحاطة)، هكذا قال للرأي العام.. فسألته بمنتهى البراءة: (بنعرف معنى البيع، وكذلك معنى السرقة، لكن عدم الإحاطة ده يعني شنو؟)، ولم - ولن - نجد الرد..!! ** واليوم، أي بعد عام ونصف من ذاك التصريح، بات الرأي العام قاب قوسين أو أدنى من معرفة معنى (عدم الإحاطة)، وهو الاحتمال الثالث لمصير (خط هيثرو).. فالبارحة، تحدثت لجنة النقل بالبرلمان على لسان رئسها أوشيك محمد أحمد، وقلبت طاولة الحدث وقالت بالنص: (لم تكتمل التحقيقات في قضية خط هيثرو، ولم نرفع التقرير النهائي لوزير النقل، وما كان على وزير النقل أن يستبق لجنة التحقيق بعرض الملف لرئاسة الجمهورية، وما كان على الإعلام أن يتناول هذه القضية بمنظور المحاسبة قبل أن يكتمل التحقيق)، أو هكذا يعيد أوشيك القضية إلى (المربع الأول)، أي مربع انتظار المجهول..!! ** وعليه، نصدق من؟، ونكذب من؟.. وزير النقل الذي أكد اكتمال التحقيق لحد عرض التقرير لرئيس الجمهورية، أم رئيس لجنة النقل بالبرلمان الذي يرفض ويستنكر ذاك العرض ويصرح بأن التحقيق لم يكتمل؟.. أيهما يصدق؟، وأيهما يتجمل؟.. ليس مهماً، فالمهم: قبل ثلاث سنوات ونيف، أي في عام فقدان الخط، كان على وزير العدل أن يتدخل - عبر أجهزة الدولة النيابية والقضائية - ويستلم الملف، أو كما يحدث - في قضايا كهذه - في دول الدنيا والعالمين التي تقدس العدالة وتؤمن أن الكل - رعاة ورعية - سواسية أمام القانون.. قضية خط هيثرو - وغيرها من القضايا ذات الصلة بإهدار الحق العام - ليست بقضية سياسية حيث يتم تشكيل لجان برلمانية ورئاسية بغرض التحري والتحقيق..!! ** بالدولة نيابات ومحاكم، وهذه وتلك - حسب الدستور، ما لم يكن دستوراً للعرض فقط - هي الجهات المناط بها التحري والتحقيق ثم الحكم بالإدانة أو البراءة في مثل هذه القضايا، فلماذا إهدار الجهد والزمن ما بين لجان البرلمان وتقارير الوزارات؟.. هكذا نسأل بمظان الجهل الإجابة، بيد أن الإجابة هي: كل اللجان وكل التقارير مراد بها الرهان على عامل الزمن حتى تتبخر القضايا من أذهان الناس، وإن لم يكن الأمر كذلك فأشيروا إلينا بلجنة عبرت قضيتها من شاطئ الاتهام إلى شاطئ الإدانة والمحاسبة طوال (الربع قرن إلا قليلاً).. وقضية خط هيثرو لن تختلف عن الأخريات، بدليل أنها - منذ ثلاث سنوات ونيف وإلى يومنا هذا – لا تزال في دهاليز (مراكز القوى).. ولن تخرج من تلك الدهاليز، فالتحقيق لم يكتمل، كما قال أوشيك، أو لن يكتمل، كما يقول المناخ العام.! ** تلك هي إدارات سودانير، السابقة والحالية، وتلك هي الشركة البريطانية التي حلت محل شركة سودانير في مطار هيثرو، وهيثرو ذاتها ليست بكوكب واقع جنوب شرق كوكب زحل، بل هي إحدى مدائن الأرض، وعليه: ليس بالاستدعاء وتشكيل اللجان وعقد الاجتماعات بالسنوات، بل مكالمة هاتفية مقدارها (نصف ساعة)، يستطيع أي جهاز مسؤول بالدولة معرفة تفاصيل ما حدث لخط هيثرو، ثم عرض التفاصيل للرأي العام والمحاكم.. ولكن أين الإرادة؟.. المهم، لفض الاشتباك ما بين لجنة النقل بالبرلمان ووزارة النقل، ولحفظ ماء وجه المناخ العام، نقترح للوزارة والبرلمان الإعلان عن ذاك الاحتمال الثالث - المعلن من قبل نائب رئيس لجنة النقل البرلمان - بحيث يكون مصيراً لخط هيثرو.. نعم، مصطلح (عدم الإحاطة) يصلح مصيراً لهذه القضية، لخلوه من الضالعين، وكذلك لعدم توفر معناه في (قاموس العرب)..!!