الأربعاء الماضي ذهب أحد الزملاء إلى أحد مكاتب الاستقدام الذي يضع لافتته الشهيرة على شارع رئيسي (معروف)، باحثاً عن (شغّالة) أجنبية فعندما صعد للطابق الأول توقع أن يجد مكتباً محترماً به موظفون يسألهم عن حاجته، فإذا به يطرق باب شقة أشير إليها بأنها المكتب المقصود، الشقة تكتظ بالداخل بفتيات أجنبيات متبرجات من دول مجاورة، يجلسن في رصة كأنهن سلعة للبيع. قابله موظف المكتب أو إن شئت قل (السمسار) أمام باب الشقة دون أن يسمح له بالدخول، وعندما سأله عن حاجته اعتذر له بعدم وجود (شغالات حالياً) وعندما سأله عن هذه (الرصة) قال إنها (مسفرنّها لبنان) يعني الكمية التي بحوزتنا صادر لبنان!! في أسلوب رخيص (للإتجار بالبشر). وقبلها قام شابان من معارفي بسداد رسوم مالية لأحد مكاتب الاستقدام بحجة استخدامهم ومرت حتى يوم أمس ثلاثة أشهر ولم يسافروا أو تسترجع أموالهم!! هذا نموذج للفوضى الضاربة بأطنابها بمكاتب الاستخدام، لذلك لن نستغرب أن يستفحل الأمر إلى مثل (إعلان أبوجمال) فمن أمن العقاب أساء الأدب. قبل أسابيع حملت عناوين الصحف الرئيسية تصريحاً للأستاذة إشراقة محمود وزيرة العمل والموارد البشرية قائلة (أتمنى أن أقول كل مابنفسي)، واضح أن التصريح كان يشير إلى حمل ثقيل تنوء به الجبال جاثماً على (نفس) الوزيرة إلى أن جاء الإعلان (الفاضح) عن طلبات (بمواصفات) للجنس اللطيف من السودانيات ويحمل الإعلان ترويسة الوزارة!. فأصبح الإعلان شبيهاً بصخرة كبيرة قذف بها أمام قطار الإصلاح بالوزارة كما صرحت الوزيرة بوجود خيوط لها علاقة في ذلك لإثارة الرأي العام! ماذا يعني وجود (لوبي) داخل الوزارة يفعل فيها ما يشاء غير عابئ بوزير أو خفير وماذا يعني هذا لوزارة منوط بها إصلاح الخدمة المدنية وبابها مخلع فاقدة السيطرة على نفسها؟ وأين كان ديوان شؤون الخدمة المدنية (طيلة هذه الفترة) التي (يزّور) فيها (موظف) خطاب انتداب ويحصل على ترقيات حتى بلغ الدرجة الثانية ويصبح مديراً للشؤون المالية والإدارية بالوزارة وتبقى له عامان ليصبح بدرجة (وكيل وزارة) ويصرف لنفسه حافزاً شهرياً يبلغ (26) ألف جنيه غير الرواتب والمخصصات، شفتو (الحرفنة) كيف؟، كل ذلك وديوان شؤون الخدمة ينام عيونه ملء شواردها وغيره يترقى وينتدب، ولولا (أبوجمال) لتبوأ وكيل وزارة وتقاعد بالمعاش بعد أن يصرف حقوقة بدرجة (وزير)!! ما يتضح من تصريحات الوزيرة (بالأمس) أن الوزارة كانت نائمة ملء جفونها على كومة فساد ينخر في عظامها بجزيرة منعزلة في ظل وزراء (الترضيات) من الجنوبيين الذين لايهشوا ولاينشوا مادامت مخصصاتهم سارية المفعول، واستغل البعض حالة (اللامسؤولية) وخلقوا امبراطورية للفساد في وزارة يفترض أن تصلح غيرها فأصبحت فاقدة لنفسها تغوص في وحل الفساد ولكن يبقى السؤال أين جهاز الرقابة والمراجعة الداخلية والخارجية لهذه الوزارة أم أنها كانت (كسفينة مختطفة بسواحل الصومال) كما ذكر الزميل ضياء الدين. لأول مرة في التاريخ نشهد نقابة أغنى من وزارتها (الأصل أغنى من الفرع) وهي تكسب 300 ألف جنيه شهرياً من عائد (شباك) داخل الوزارة يجني رسوم خدمات إجبارية على المواطنين بمبالغ خيالية أضعاف ماتتحصله الوزارة بصورة رسمية لرسم أذونات السفر في حين أن إجمالي تكاليف الخدمة التي تقدمها في العام (375) ألف جنيه لاغير، كما جاء بهذه الصحيفة يوم أمس!! (وما المسؤول بأعلم من السائل) والوزيرة نفسها تسأل أين تذهب هذه الملايين وموظفو الوزارة فقراء!! علامات تعجب واستفهام كثيرة نضعها أما حيرة الوزيرة التي (حيرتنا) بكشف هذا (المستور). ومن المفارقات أن الوزيرة تفصح عن فساد النقابة الفرعية للوزارة التي تقول إنها تتحصل على أموال من المواطنين دون وجه حق ولا إيصالات مالية ولاتعرف أين تذهب هذه الأموال وتصدر (ذات النقابة) بياناً تدين فيه الإعلان (المسيء للسودانيات) وتحمل الوزيرة المسؤولية الأخلاقية والإدارية للإعلان وتطالب بذهابها غير مأسوف عليها!!. (مِحن) والله مسببة للاكتئاب..