..المتتبع لقانون الأراضي لسنة 2005م، يجد أن اسوأ ما في بنوده هو إعطاؤه مجلس إدارة مشروع الجزيرة صلاحيات تنفيذية عديدة بينما سلب الإدارة التنفيذية صلاحياتها مما أوجد نوعاً من الفوضى طالت العديد من أركان المشروع كما أنه أغفل تماماً تحديد الجهة التي يمكن أن تحاسب مجلس إدارة المشروع، كما ونجد أيضاً أن قانون الأراضي ذاك لم يحدد قيداً زمنياً لعمر مجلس الإدارة.!! إن عشواْئية هذا القانون تذكرنا بالكيفية التي تسلب بها الآن أراضي الملاك بالجزيرة، واصرار ظلم القوة على عدم دفع إيجاراتها التي تراكمت منذ العام 1967م وحتى اليوم! فسياسة اللا معقول واللا منطق واللاعقل واللا قانون هي التي تسوس هذه القضية بالذات!! ونتيجة لتلك اللا مبالاة وسياسة الامر الواقع المفروض تردى العمل بمشروع الجزيرة.. وأصاب محاصيله البوار تحت صيغة تمويل تعسفية.. والمتتبع للأحداث هذه الأيام يجد أن الحديث عن التمويل وعن ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية أو فساده في ظل غياب إدارة المشروع ولا مبالاتها تجاه كل ما يتعلق بأراضي المشروع ومزارعيه، يجد أن الحديث في ذلك الامر دون مردود، وأصبح ممجوجاً لكثرة تكراره ولم يعد الحديث فيه مجدياً، ولا لنقده اثراً، فما تحمله الصحافة اليومية من نقد يستقبله مسؤولو وزارة الزراعة وإدارة المشروع بالصمت، كأنما الصحافة اليومية والمزارعين وأهليهم يؤذنون في مالطا عند نقدهم للتمويل وآلياته وتحايل التجار في رفع أسعار المدخلات الزراعية من حين لآخر.!! وكثيراً ما تعالت أصوات المزارعين وبحت من ضعف التحضيرات الزراعية للعروة الشتوية لاسيما على مستوى قنوات الري وارتفاع اسعار المدخلات الزراعية، خاصة التقاوى والأسمدة حيث بلغ سعر جوال تقاوى القمح ال"175"جنيهاً، وجوال اليوريا ال"95" جنيهاً، وجوال السوبر فوسفات ال"100"جنيه، مما دفع ذلك اللا معقول في الأسعار عددا من المزارعين للتفكير في الانصراف عن زراعة القمح والاستعاضة عنه بزراعة البقوليات الاخرى!! وهنا فقط تحرك مسؤولو المشروع لا لخدمة المزارعين وتسهيل أمورهم الزراعية بل لاثنائهم عن ذلك الامر باتباع اسلوب الترهيب ولي الذراع وذلك برفع رسوم زراعة البقوليات لتصبح مائة جنيه!! هذا الاجراء التعسفي ربما يقود إلى تردي الأوضاع وفشل موسم زراعة العروة الشتوية وزراعة القمح على الأخص. إذا رجعنا الي صيغة التمويل تلك بصورتها الراهنة لوجدنا انها تمثل العقبة الكأداء في سبيل نجاح زراعة تلك المحاصيل.. فقد ألحقت تلك الصيغة بالاسلام لتكسب الشرعية وبالتالي ليقبل عليها المزارعون وأيضاً لحمايتها من حملات النقد، وأيضاً إن في ممارسة هذه الصيغة قد تعرض بعض البنوك للتعثر والاخفاق، وقد تعرض أيضاً عملاءها وهم المزارعون لعدم الايفاء بما عليهم من إلتزامات. فتمويل المزارعين من البنك بغرض الحصول على المدخلات الزراعية من التاجر واحسبه شركة "المزدانة" المعروفة التبعية، ذلك التمويل وإجراءاته المعقدة والبيروقراطية جعل المزارعين في صراع مرير بين البنك الزراعي وبين شركة المزدانة!! وان تعجب عزيزي القارئ فالعجب كله وأنت جالس لتشاهد مسرح اللا معقول على خشبة مسرح الجزيرة حين تشاهد مسرحية "المزدانة"!! وهي تلخص الحدث. عليه فإن لا مبالاة إدارة المشروع نحو أراضي المشروع ومزارعيه، ومن ثم فشلها في توفير معيناتهم الزراعية بالصورة المهنية لن تنال من عزيمتهم ولن ترمي مطلقاً إلى إدخال اليأس إلى قلوبهم ولا إلى لون من ألوان موت الارادة وترمد الرؤية، بل أن صمودهم في وجه العواصف ما ذلك إلا كنوع من أنواع تقبل الاقدار وهي تقبل نحوهم، وما صمودهم ذلك إلا احتجاجاً على الاستخفاف بهم، والتلاعب بمستقبل أيامهم، والمتاجرة بأقواتهم وأسرهم!! إن تصميم المزارعين على استنفاذ واقعهم المحبط الذي استغله التجار والسماسرة بنفوذهم يجب أن يزداد وأن يفعلوا كل ما عندهم من طاقة روحية، وقدرة، ورؤية تلمع في مداها أشعة الضوء من نهاية النفق!! فمهما طال ليل ألم ولادة استنهاض المزارعين إلا أن فجر ولادته قادم لا محالة!! والله من وراء القصد بشير كباشي إعلامي الخرطوم