* قبل فترة ليست بالطويلة استفسرني أحد الزملاء والأساتذة: هل تعرضت للرجل في إحدى مقالاتك المنشورة؟ أجبته فقط استدللت بأحد المقاطع من قصيدة سياسية مغمورة له، كانت تعبر عن النشوى بمقتل الإمام الشهيد الهادي المهدي في أوائل حقبة مايو - حيث كانت تعبئة أحواض "الفودكا" للنشوى والتشفي والشماته في الموت تشابه ما ذكرت في المقال المعني بنشوة الشيوعي المخضرم "العطشان بالسنين" للاصناف النظيفة، حتى تحقق له الارتواء بأحد العواصم الإفريقية حينما أصطحبه رفاق الشمال بالحركة الشعبية، وكانت أول صيحة له (مصيرو الحي يتلاقي يا "جون ووكر").. وبالمناسبة مع الاعتذار لمشاعركم "الفودكا" خمر شرقي و "جون ووكر" علامة خمر غربي - المهم إن مستفسري هذا قال لي: إن الرجل لا يتحمل "الهبشة" untouchable وكدا. * في تزامن مفضوح مع حملة الطابور الخامس المساندة لعدوان التمرد على أبوكرشولا كتب كمال الجزولي على الجزيرة نت - المعرفة - بتاريخ 25 مايو: (شهدت الأيام الماضية استنفاراً ساخناً لاستعادة منطقة أبو كرشولا من أيدي قوات الجبهة الثورية. وبالحق تمنيت أن لو شهدتُّ، قبل ذلك، استنفاراً وطنياً آخر، لا يقل سخونة، لاستعادة حلايب) ذلك في خاتمة مقال له حمل عنوان (حلايب قبل أبو كرشولا) ومن الواضح أنه هدف للتشويش والتغبيش وإطلاق الدخان الكثيف والطعن والنيل من الشعور الوطني والاستنفار القومي لرد العدوان وهزيمة المعتدين، في استخدام ماكر لملف حلايب وقضية الحدود الشمالية التي في أصلها لم تكن الدولة السودانية طرفاً فيها إبان ترسيمها بواسطة دولتي الحكم الثنائي قبل الاستقلال (وسنعود لذلك)، وعمد المقال لتغافل الجهود المشتركة السودانية المصرية لتسوية الملف بالطرق السياسية، على عكس ما يهوى الجزولي بدق الإسافين بين الدولتين، وحمله للتراب بين كفيه على طريقة الأطفال في الشعللة "المديدة حرقتني". * في ذات التوقيت تناول الدكتور عبدالله علي إبراهيم ما جرى من عدوان على أبوكرشولا وما حدث من تخريب في أم روابة بصورة مغايرة، ورغم ما يمكن أن يوصف بنقاط اختلاف موضوعية مع تناول د. عبدالله، إلا أنه ينتزع الاحترام ويجعل التفاعل معه والتحاور حوله مهماً من أجل ثمرة إيجابية، وعقد المقارنة عندي نابع من إدراكي لحالة التحرر التي يتمتع بها د. عبدالله علي إبراهيم كونه أحد أساطين الفكر اليساري الذين نزعوا عن سلوك وأفعال المتفلسفين الشيوعين أمثال كمال الجزولي الذين ختم عليهم تاريخهم بأنهم رواد للفكر والأدب "الدراكولي"،، عبدالله علي إبراهيم حلل أبعاد العدوان الاجتماعية والجغرافية والقبلية، وفضح أعمال النهب والاغتصاب والقتل "بدم بارد" التي قام بها المتمردون، وهي بطبيعة الحال جرائم تقع تحت قانون الجرائم الدولية (مزدوج المعايير) الذي تلقى فيه كمال الجزولي دورتين بمحكمة الجنايات الدولية بلاهي (2005 و2008). * عجبت لبعض "عازفي الألحان النشاز" من رموز حزب الأمة، وهم يقولون إنهم يتناسون الأحداث التاريخية حين مسائلتهم عن تحالفهم مع الشامتين والمتشفين في مقتل قياداتهم التاريخية والروحية، ولا أدري أهي غفلة أم (غبوة) بأن هؤلاء القوم لن يتناسوا ولو دارت عجلة الزمان وتشابهت المواقف لفعلوا أكثر مما فعلوا، وما جبهة العدوان الماثلة الآن إلا مولود أصلابهم وامتداد أفكارهم وسلوكهم الدموي. * وتبقى أهزوجة الفرح "الدراكولي" التي صاغها كمال الجزولي بعد استشهاد الإمام الهادي المهدي وصمة عار تاريخية، وناقضة لكل محاولات التمشدق بالفكر والأدب والتحليل السياسي الموضوعي، والتباكي على الديمقراطية: ها أنت تعود إذن يا سيدنا حسنا!! ذلك آخر ما في جعبتنا أن نقتل أصبح أسهل من إلقاء تحية أن نطلق في الرأس رصاصة أن نغرز في الصدر الخنجر أن نشنق أن نخنق أن نبتر أن نمسح حد السيف بحد اللحية أصبح يا سيدنا أسهل من إلقاء تحية! * وما أجود التنفيذ وما أحسن سلوك درب السابقين والمحرضين؛ فقد مُسح حد السيف بحد لحية حافظ القرآن الكريم الشيخ محمد أبكر شهيد أبوكرشولا، الذي ستصيب بركة ذكره ووضاءة تبتله العدوان وطابوره الخامس بالخيبة والحسرة والهزيمة، وإلى الملتقى.