** قبل أسبوع تقريباً، أصدرت المحكمة الإدارية العليا بالبحر الأحمر حكماً قضائياً بإبطال تخصيص جزيرة مقرسم للمستثمر السعودي محمد عبد الله الحصيني، ثم وجهت بتسليم الجزيرة للمستثمر السوداني دياب إبراهيم دياب.. وفي ذات الأسبوع أيضاً، أوقفت ذات المحكمة تنفيذ حكمها ذاك ، ثم وجهت المستثمر السعودي الحصيني بمواصلة الاستثمار في الجزيرة لحين النظر في الطعن المقدم منه ضد حكمها ذاك ..وعليه، اعتباراً من اليوم - ثم الأيام التالية التي قد نحسبها بالسنوات لاحقاً - الحصيني ودياب أمام المحاكم لتحكم لأحدهما بحق الاستثمار في الجزيرة.. والأجهزة الحكومية التي أجرت الجزيرة لدياب بمقابل مادي، ثم خصصتها للحصيني بمقابل مادي أيضاً، (تتفرج). نعم، لسان حال تلك الأجهزة أمام قضية الحصيني ودياب هو: ( نحن استلمنا رسومنا، إنتو اتصرفوا مع البعض)..وتقريباً، هذا ما يُلقب - إعلامياً وسياسياً - بجذب الاستثمار والمستثمرين، أي جذبهم - لحد الجر - إلى ( قاعات المحاكم)..!! ** المهم، تفاصيل تخصيص الجزيرة للحصيني معلومة للجميع، إذ تم تحويل الجزيرة - التي لم يدخلها إنس ولا جان منذ أن خلقها الله - إلى (منطقة حرة)، بقرار صادر عن مجلس الوزراء ..ثم تم تخصيصها للحصيني بقرار صادر عن مجلس الوزراء أيضاً لتكون ( مشروع قلب العالم).. ثم وضع رئيس الجمهورية (حجر أساس المشروع)، على أن تكتمل المرحلة الأولى (5 سنوات)، ثم تكتمل كل المراحل خلال (15 سنة) ..وبها منطقة صناعية وأخرى تجارية وثالثة سياحية ورابعة سكنية، ثم ميناء ومطار .. وكل هذا، بميزانية قدرها ( 11 مليار دولار)، تساهم فيها أكثر من ( 70 شركة عالمية وإقليمية ووطنية)، أو هكذا الدراسة المودعة بوزارة الاستثمار، والتي شرع الحصيني في تنفيذها..ولكن، يطرده المعتمد يوماً، ثم المحكمة يوماً آخر، والكوادر الهندسية مقيمة بفنادق بوتسودان، وغادر العمال الجزيرة، ومحطة تحلية مياه الجزيرة قابعة في الميناء..فالكل ينتظر ( القرار القضائي)، والحياة والرياض وغيرها من صحف الخليج تنقل الأحداث (أولا بأول) ، وأجهزة الحكومة تتابع كل هذه المآسي ..( باستمتاع تقريباً)..!! ** ذاك حال الحصيني، فماذا عن دياب؟ نقرأ أهم تفاصيل (عقد دياب).. دياب الطرف الثاني، أما الأول فهو الإدارة العامة لحماية الحياة البرية، أي إحدى الإدارات الشرطية، ولا نعلم متى تم تكليف إدارات شرطة بالتوقيع على عقودات الاستثمار إنابة عن وزارات المالية ؟..المهم .. (عقد إيجار)، لمدة (10 سنوات)، موقع بتاريخ (14 نوفمبر 2005)، بحيث يدفع الطرف الثاني للطرف الأول (7500 دولار سنوياً)، سبعة آلاف وخمسمائة دولار سنويا، مقابل السماح له بإدخال الحيوانات الى الجزيرة ثم جلب السواح ليمارسوا الغطس والتصوير مقابل (رسوم)، هكذا أهم نصوص العقد (غير الموثق).. نعم، غير موثق عند إدارة العقودات بوزارة العدل، حسب القانون..ولا يحمل توقيع أي مستشار قانوني، حسب اللوائح..فالأسماء هي : عميد شرطة علي كودي تربة، إنابة عن اللواء شرطة مدير الإدارة العامة للحياة البرية( الطرف الأول)، ثم العميد شرطة معاش تاج الدين ساتي، إنابة عن دياب ابراهيم دياب ( الطرف الثاني)، ثم شاهدين أحدهما مقدم شرطة محمد عبده سيد، ومفتش الحسابات نصر الدين ابراهيم ..هكذا شكل ومحتوى العقد مراد به الاستثمار في جزيرة مساحتها ( 30 كلم/ مربع)، وهكذا شكل ومحتوى العقد المستخدم حالياً في تعطيل مشروع بحجم ( 11 مليار دولار).. عفواً، ذاك ليس بشكل ومحتوى عقد فحسب، بل ( هكذا الدولة)..!!