المعلمة وأثناء تدريسها لتلاميذها فى واحدة من مدارس احدى الدول العربية قالت للتلاميذ (أنتو عارفين السودانيين بشربوا من حاجة كده بدخلوا يدهم جواها بكباية ويشربوا الموية) تقصد (الزير) الطلاب صاروا يضحكون إلا واحدة خرجت من الفصل باكية. إنها طالبة سودانية أحزنها ضحك زملائها على شعبها وكان الأجدر بالأستاذة أن تكون أكثر حكمة وهى تتناول عادات وتقاليد الشعوب وأن تحترمها. هكذا روى الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج الدكتور كرار التهامي القصة فى المؤتمر العام لرؤساء وممثلي الجاليات السودانية بالخارج والذى ضم شبابا سودانيين يقيمون فى العديد من الدول العربية والاوربية. فحقيقة نحن ينقصنا الكثير فى التعريف بأنفسنا وعاداتنا وتقاليدنا السمحة كسودانيين كما قال د. كرار التهامي. كيف لنا أن نعرف بأنفسنا على الشكل الأمثل فنحن شعب طيب ومسالم بالرغم من أن الولاياتالمتحدةالامريكية ما تزال تضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب لترسخ أننا شعب إرهابي وإن كان خلافها الرئيسي مع الحكومة وليس الشعب. التقصير ليس فينا كأفراد او مجموعات يقيمون فى هذه الدول فهم سفراء لنا وبالتأكيد سيعملون بالطريقة التى تتناسب مع الشعب الذي يعيشون. التقصير الذى أقصده هو التقصير الحكومي. الدولة وأجهزتها الإعلامية بداية من وزارة الإعلام والتلفزيون القومي والإذاعة وغيرها فهي لا تعمل على تعزيز الهوية الوطنية فى المجتمع مثلما تفعل الشعوب الأخرى لنأخذ الجارة العزيرة شقيقة بلادي مصر الذى يعمل إعلامها على تعزيز الهوية المصرية بشكل لافت سواء من خلال الدراما او البرامج والأخبار من خلال تقديم جرعات تعمل على ترسيخ أن المصري هو شخص يتميز بكل الصفات الجميلة، إضافة الى الدعاية لمصر وثقافتها وتاريخها وحضارتها بل حتى الأغنيات التى يحفظها الكثير من السودانيين والعرب من كثرة ما تردده وسائل الإعلام أصبحنا نرددها معهم. تستحضرني هنا أغنية الفنانة شيرين (ما شربتش من نيلها جربت تغنيلها). نحن نحتاج اولا أن نحترم الوطن فالوطن حقا لا يجد التقدير المطلوب منا كسودانيين. أرجع ذلك البعض نيجة للظروف الاقتصادية والسياسية التى تمر بها البلاد والهجرة المتسارعة لخارج السودان والفقر ووو.. فتجد الشباب قد يتطاولون ويشتمون الوطن بأفظع العبارات، وإذا اعترضت او تجادلت معه يقول (الوطن قدم لي شنو) تأمل عزيزي القارىء يقوله المصريون فى نفس الظروف المشابهة فى أفلامهم (ما تقوليش ايه ادتنى مصر قول حاندى ايه لمصر) هذا الشيء مفتقد فينا تماما فنحن لا نفرق حقا بين الوطن والحكومة فالوطن يبقى والحكومة تذهب كما قال الشاعر الكبير محمد الحسن سالم حميد (حيكومات تجى وحيكومات تغور) نحن نحتاج لتفعيل الوطنية والترسيخ لها وسط الشباب والأجيال القادمة فالتربية الوطنية يجب أن تبدأ من مرحلة الروضة ولا تتوقف إلا عند القبر.