:: قبل نصف عام تقريباً، أغضب الوزير أسامة عبدالله أهل البحر الأحمر بنفي جدوى مشروع مياه النيل، وباستحالة مد ولاية البحر الأحمر من نهر عطبرة، وأن الوعد الحكومي بتنفيذ هذا المشروع الخدمي مجرد (خطاب سياسي).. بعد هذا التصريح الصادم، شكلت رئاسة الجمهورية لجنة عليا برئاسة الدكتور عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بالمالية لتنفيذ المشروع بواسطة الشركة الصينية الموقعة على عقد التنفيذ بتاريخ (مارس 2011).. وبعد تشكيلها بأسابيع، اجتمعت تلك اللجنة (مرة واحدة)، ربما للتعارف فقط لاغير، بدليل أنها لم تجتمع مرة أخرى إلى يومنا هذا.. وغادر رئيس اللجنة، والذي كان يمثل وزارة المالية في رئاستها للجنة، غادر وزارة المالية إلى أحد المصارف التجارية، فأصبحت اللجنة بلا رئيس..!! :: وكذلك، لم تشهد أرض الواقع أي حراك يشير إلى بداية العمل في هذا المشروع الخدمي والإستراتيجي.. علماً أن ميزانية المشروع (450 مليون دولار)، وفترة تنفيذه على طول (470 كلم) لا تتجاوز (18 شهرا)، حسب العقد الموقع عليه الدكتور عوض الجاز، وزير المالية الأسبق، قبل ثلاث سنوات.. وميزانية مشروع مياه البحر الأحمر (قرض صيني)، أي الشركة المنفذة هي ذات الشركة الممولة، ودفعت الحكومة مكونها المحلي المسمى تجارياً بالمقدم (47 مليون دولار) في عام التوقيع على عقد التنفيذ.. وعلى ضوء دفع المقدم، تم التصميم الهندسي للمشروع وكذلك إنشاء معسكرات العمالة وجلب المعدات وشراء الساقية التي تضخ منها المياه بقرية الهديبة، أو هكذا أثبتت الشركة جديتها.. ثم طالبت وزارة المالية بخطاب ضمان يحفظ حقوق الشركة..!! :: وعند تلك المطالبة، تكشفت للناس نوايا وزارة المالية وحكومتها.. تلكأت المالية في إصدار خطاب الضمان بأعذار واهية، ثم رفضت بلا تبرير.. فالكل كان حائراً ويسأل بعضهم بعضاً عن سر رفض الحكومة لهذا القرض المراد به تنفيذ مشروع خدمي وإستراتيجي.. فالمعلوم لكل أهل الأرض أن عشق حكومتنا للقروض أعمق من عشقها للإنتاج والاكتفاء والتصدير، وأنها تستخدم هذه القروض (في البيسوى والما بيسوى)، أي كما هناك قروض للسدود والكهرباء وغيرها من المشاريع الحيوية فهناك أيضا قروض للمباني وغيرها من المشاريع غير المهمة.. ومع ذلك، أي رغم غرامها للقروض، تتلكأ وزارة المالية - منذ العام 2011 - في إكمال إجراءات قرض مشروع مياه البحر الأحمر، لماذا؟.. هكذا كان سؤال أهل البحر الأحمر قبل أن يفصح الوزير أسامة عبدالله ب(بعض الإجابة)..!! :: ثم استبشر الأهل خيراً بتشكيل تلك اللجنة العليا(لجنة ضرار)، وأن يأتي أخيراً خير من ألا يأتي نهائياً، وعملاً بتلك الحكمة تجاوزوا آثار تصريح أسامة عبد الله على أمل (تحقيق الحلم) واكتمال المشروع خلال (عام ونصف).. ولكن، سلحفائية اللجنة التي لم تتجاوز سرعتها على أرض الواقع محطة (اجتماع التعارف) تشير إلى أنها (لجنة تخدير) وليست (لجنة تنفيذ)، أو هكذا إحساس الأهل بالبحر الأحمر.. وللأسف، قضية المياه هي التي تهزم اليوم كل إنجازات حكومة البحر الأحمر، وقضية المياه هي التي تفسد على الأهل هناك فرحتهم بمشاريع الأخرى اجتهدت حكومتهم في تنفيذها ولا تزال تجتهد بصدق وإخلاص.. عند افتتاح مدرسة بالريف (لكن الموية أهم)، وعند رصف طريق بمحلية (لكن وين الموية)، وعند افتتاح مستشفى بالمدينة (ياخ عايزين موية)، وهكذا كانت – ولا تزال وستظل - مياه نهر عطبرة هي (ترمومتر النجاح والفشل)، ليس لحكومة البحر الأحمر، بل لحكومة السودان.. نعم، فالأهل بالبحر الأحمر على علم بأن قضية المياه (قضية مركزية)، ويخطىء المركز لو حول هذه القضية الخدمية والإستراتيجية إلى (مجرد خطاب سياسي)، أو كما قال أسامة..!!