يعلم كل المتابعين لموضوع سد النهضة أنني قد سودت عشرات الصفحات وشغلت العديد من وسائل الإعلام المسموع والمقروء والمشاهد برأيي القانوني حول سد النهضة، والذي يتخلص في أن الشيء الوحيد الذى يضمن الامن المائي للسودان هو الوصول إلى اتفاق قانوني ومؤسسي مع اثيوبيا ومصر يتضمن ثلاثة موضوعات، وهي الملكية المشتركة والادارة المشتركة للسد وكيفية التصرف في المياه خلف السد، وأن الموضوعات التي ناقشتها اللجنة الفنية تأتي في مرحلة لاحقة بعد ابرام ذلك الاتفاق. ولقد ظل د. سلمان مناهضاً بعشرات المقالات والمقابلات الاعلامية لذلك الرأي على رؤوس الاشهاد ملخصاً رأيه القانونى في أنه من حق اثيوبيا أن تشيد السد لأن السودان ومصر ابرما اتفاقية 1959 دون اشراكها، وأن السد سوف يعود بالفائدة على السودان خاصة تقليل الطمي وتنظيم انسياب المياه وحجز الاخشاب. وعندما كنت احتد بعض الشيء على د. سلمان كان يتصل بي أخوة كرام يعاتبونني على ذلك، وكنت اتقبل عتابهم قبولاً حسناً، ولكنني كنت على يقين تام بأن د. سلمان يستحق تلك الحدة لأنه يورد معلومات غير صحيحة وهو امر ليس من الامانة العلمية في شيء، وأن الذي يورد المعلومات غير الصحيحة يمكن أن يرتكب ما هو أسوأ من ذلك. وأحد المعلومات غير الصحيحة التى أوردها د. سلمان في أحد مقالاته انه زعم بانه لم يشاهدني في اي من المحافل الدولية والاقليمية التي تم فيها نقاش الموضوع، على الرغم من أنني قد حضرت كل المحافل الدولية والإقليمية التي ناقشت اتفاقية عنتبى واتفاقية الاممالمتحدة لسنة 1997 حول قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لمدة تزيد على العشر سنوات، ومحاضر تلك الاجتماعات تقف شاهداً على ذلك، في حين انه هو الذي لم يحضر اي واحد من تلك الاجتماعات "رمتني بدائها وأنسلت". ولأن الذي لا يتحلى بالامانة العلمية سوف يستمر في نهجه ذلك إلى ما لا نهاية، فقد نشر د. سلمان مقالاً بصحيفة (السوداني) الصادرة بتاريخ 24 نوفمبر 2013 بعنوان "ماذا بعد فشل اجتماع نوفمبر الوزاري الثلاثي بشأن سد النهضة"، معلقاً فيه على الاجتماع الذي عقد بالخرطوم بتاريخ 4 نوفمبر 2013، ولا غبار في ذلك. ولكن المفاجأة من العيار الثقيل انه قد تبنى في مقاله ذلك الرأي القانوني لشخصي الضعيف والذي أعدت نشره مؤخراً في عدد صحيفة "إيلاف" الصادرة بتاريخ 6 نوفمبر 2013. ولقد توغل في السرقة لدرجة انه قد طالب ب"تقاسم مياه الرأي"، وهو ما كنا ندعو له، في حين أن د. سلمان كان يتحدت عن حجز الطمي والاخشاب. ولكن ليس المفاجأة في اقتناعه برأينا الذي دافعنا عنه سنوات طويلة، ولكن المفاجأة في انه قد تبنى ذلك الرأي دون أن يسند الرأي لصاحبه، وتلك سرقة علمية تعطيني الحق في مقاضاته، ولكنني لن افعل عسى أن يكون ذلك حافزاً له في ترك آرائه الفطيرة التي سود بها عشرات الصفحات والتي لن يجني منها السودان خيراً، والتي لا شك أنها قد ضللت الكثيرين. واتوقع أن يقوم د. سلمان مرة أخرى بتبني رأيي حول اتفاقية عنتبي، والذي يتلخص في انه ما لم تتضمن تلك الاتفاقية النص على "عدم المساس بالأمن المائي وحقوق واستخدامات كل دولة من دول حوض النيل"، فانه ينبغي عدم موافقة السودان عليها، في حين يرى د. سلمان أن اتفاقية عنتبي نفع محض وينبغي على السودان ومصر الهرولة للتوقيع عليها بصورتها الحالية. واخيراً اهمس في أذن د. سلمان بأن اثيوبيا لن تقبل الملكية المشتركة أو الادارة المشتركة للسد، كما انها لن تقبل الاتفاق على كيفية التصرف في المياه خلف السد. ليس ذلك رجماً مني بالغيب ولكن لأنني قد حضرت المحافل الدولية والاقليمية التي عبرت فيها اثيوبيا عن ذلك الموقف. وكل الذي يمكن أن توافق عليه اثيوبيا، ما لم يفطن السودان لذلك، هو ابرام اتفاق صوري حول الملكية المشتركة او الادارة المشتركة للسد لا يعطي السودان اي حقوق في تلك المجالات. وآمل أن يستبين قومي النصح قبل ضحى الغد، خاصة بعد أن ولى د. سلمان الأدبار مخلفاً آراءه القانونية خلفه. * مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان (KICHR)