خبير بيئي الإعلام بصفة عامة ليس حديث العهد فله اصوله القديمة واساليبه الحديثه ولكنه اكتسب اهمية كبرى في مجال البيئة في الآونة الاخيرة نتيجة لازدياد معرفتنا بالمشكلات البيئية الكبرى مثل مشكلات الاسكان والطاقة والغذاء والتلوث واستنزاف الموارد وما يتبعها من ضرورة المشاركة الفعاله لكافة الطبقات في المجهودات الرامية إلى التقليل من المخاطر المرتبطة بتلك المشكلات. وبالطبع تختلف المشكلات البيئية من دولة إلى اخرى وان كانت تشترك في عاملين اساسين الا هما أن الانسان هو المتسبب والمتضرر في نفس الوقت. فالمشكلات البيئية في الدول المتقدمة تختلف كثيرا عن المشكلات البيئية في الدول النامية نتيجة التقدم الصناعي والتكنولوجي الذى وصلت اليه الدول المتقدمة. فلو نظرنا إلى الولاياتالمتحدة مثلا لوجدنا أن الجماهير تشعر بالقلق بشأن التخلص من الفضلات النووية ثم تبعها التخلص من الفضلات الصناعية واهلاك البيئة وتلوث المياه والهواء. وفي الدول الاوروبية كان القلق الجماهيري من الضرر الذي لحق بالبيئة وتلوث الانهار والبحيرات والتخلص من الفضلات الصناعية وتلوث الهواء وتدهور المناظر الطبيعية والضوضاء.. أما في الدول النامية فيختلف الاهتمام الجماهيري بالمشاكل البيئية من بلد إلى آخر وحتى من مكان إلى مكان آخر في نفس البلد الواحد. فالمناطق الحضرية مثلا قد يقلقون بالنسبة لتلوث الهواء والضوضاء والصرف الصحي وتكدس النفايات المنزلية كما هو الحال في السودان، اما من يعيشون في المناطق الريفية فقد يشعرون بالقلق بشأن المياه الصالحة للشرب والتخلص من الفضلات الآدمية واستخدام الاسمدة الزراعية والمبيدات الحشرية. وهذا ما ينطبق على العالم العربي باعتباره احد الأقاليم النامية. وسائل الإعلام لقد اصبحت وسائل الإعلام متنوعة ومتعددة وكفيلة بنقل المعلومات وإحداث رد الفعل بسرعة تتفاوت حسب الوسيلة المتبعة والهدف منها. فتوفير الإعلام البيئي للجمهور العام وحتى الفئات الخاصة يعد عنصرا مهما في إحداث الوعي البيئي ونشر الادراك لحقيقة التنمية المستدامة. وقبل التطرق إلى وسائل الإعلام البيئي لا بد من الاشارة إلى نقطة مهمة حيث انها تؤثر تأثيرا مباشرا في صياغة ونقل الخبر البيئي اضافة إلى زيادة فاعليته سلبا أو ايجابا. فالخبر البيئي يعتمد في نقله على الاعلامي نفسه سواء أكان مراسلا صحفيا أم مراسلا للاذاعة أم التلفزيون، ويتطلب ذلك منه الخبرة والموضوعية والامانة العلمية في تحليل الخبر وصياغته بطريقة بعيدة عن الاثارة الاعلامية، وهذا ما يفترض أن يكون عليه الإعلامي بطبيعة الحال. ولكن من المؤسف له حقا أن يفتقر اعلاميونا في بعض الاحيان هذه الصفات حيث تسيطر فكرة السبق الصحفي والاثارة الإعلامية بأشكالها المختلفة على معظمهم بهدف اثارة الجماهير لاغراض مختلفة ومعروفة بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية. وتجدر الاشارة إلى اننا نلاحظ من خلال تجاربنا اليومية أن المحرر البيئي في الصحافة ليس الا محررا عاديا أو معدا لبرنامج اذاعي أو تلفزيوني اضافة إلى ما يكلف به من اعمال اضافية، لذا فغالبا ما تجده بعيدا عن الدقة في التعبير وغير مدرك للجوانب البيئية التي تترتب على نقل الخبر البيئي بطريقة سلبية. ومن هذا المنطلق فاننا ندعو إلى ضرورة زيادة الوعي البيئي لدى هؤلاء المحررين ومعدي البرامج البيئية سواء في الاذاعة أم التلفزيون وذلك عن طريق عقد الدورات واللقاءات البيئية المتخصصة في مجال الإعلام البيئي ومحاولة شرح المفاهيم البيئية وتوضيحها بشكل مبسط لتمكينهم من استيعابها وبالتالي عرضها على الجمهور بصورة ابسط واكثر اقناعا. كما يجب الاخذ في الاعتبار عند نقل الخبير البيئي ترجيح الجانب البيئي على حساب الاثارة الإعلامية التي غالبا ما تنسى مع مرور الزمن. أ- الصحافة تلعب الصحافة دورا مهما في مجال التوعية البيئية خاصة انها اصبحت في متناول الجميع، ولكن يعاب عليها انها تكتفى بنقل الخبر من مصدره الأجنبي في اغلب الأحيان دون تحليل ومحاولة تبسيطة ليتسنى للجمهور فهمه والاستفادة منه، كذلك لا تقوم بمتابعة الخبر للتعريف بتأثيراته الفورية. ب- التلفزيون يمتاز التلفزيون بانه اكثر تأثيرا على المشاهدين حيث يجمع بين خاصتي السمع والبصر في الالتقاط والحركة، لانه من المعروف كلما زاد عدد الحواس التي يمكن استخدامها معا في تلقي اي فكرة معينة فان ذلك يؤدي إلى توعيتها وترسيخها في ذهن الفرد، وهذا ما يؤكد دور التلفزيون كوسيلة تعليمية واعلامية. لذا يجب على الاعلاميين المختصين مراعاة الجودة في الاعداد والتقديم والاخراج للبرامج البيئية واختيار الموضوعات المناسبة التي تهم المشاهد اضافة إلى اختيار الوقت المناسب لبث مثل هذه البرامج، فأغلب ما يعرض في هذه الوسيلة لا يمثل البيئة الوطنية كنتيجة لعدم وجود المادة اللازمة، وبالتالي فهناك احتياج لايجاد الهيئات الوطنية التي تمد هذا القطاع بالمادة العلمية اللازمة. ج- الاذاعة – الراديو وتلعب الاذاعة ايضا دورا مهما في مجال التثقيف الجماهيري ورفع الوعي البيئي خاصة عن طريق البرامج التمثيلية التي تؤثر على المستمعين. حيث أن الراديو منتشر بشكل يسمح أن يصل إلى المناطق النائية في المناطق الريفية. كما انه يمكن من توصيل المعلومة إلى الامي والمتعلم وذوي العاهات العصرية. ويمتاز عن الاذاعة المرئية أن الانسان يستطيع سماعه في اي وقت واي مكان. د- الاتصال المباشر (المؤتمرات وورش العمل) وهي وسيلة لايصال المعلومة والخبر البيئي دون وسيط حيث يمكن مناقشة الخبر وتحليله في نفس الوقت الذي يطرح فيه. وبهذه الوسيلة يمكن تحديد الجمهور المستهدف سواء عن طريق تخصيص محاضرات متنوعة حسب المستوى الثقافي والاجتماعي للمشاركين أو في الاماكن العامة وجمعيات النفع العام أو في مناطق التجمع الاخري. وباعتقادي أن وسائل الإعلام البيئي في السودان لم تقم بالدور المطلوب منها وذلك لانتفاء التخصص لدى المسئولين عن هذه الاجهزة. فمحرر الاخبار السياسية والاقتصادية كثيرا ما يكون هو نفسه المحرر البيئي، وبالتالي فهو يتناول الموضوع البيئي من زاوية محددة وبصورة تحقق له السبق الصحفي أو الاذاعي دون الاكتراث بالجانب البيئي، وبالتالي فإن التغطية الإعلامية تكون ذات مردود غير فاعل بالنسبة للحدث البيئي. وكذلك لعدم وجود المادة العلمية التي تسمح لهذا المحرر بالاستمرار في الكتابة. فاللوم لا يقع على المسئولين عن الإعلام فقط ، ولكن يشاركهم المسئولون عن البيئة ايضا.