الكتلة الثالثة ..هل تصنع التسوية؟! تقرير:خالد أحمد ثمة طريق ثالث بدأ بالتشكل في ساحة القوى السياسية المعارضة التي تبدو من ظاهرها في حالة تجانس ولكن عند تدقيق النظر فيها تجدها في حالة تباعد في اغلب المواقف والمحكات السياسية. واذا كانت القوى المعارضة تتوزع بين قوى الإجماع الوطني التي يقودها الحزب الشيوعي وحزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي وعدد من القوى الاخرى نجد أن هنالك معارضين جددا اغلبهم من الخارجين على المؤتمر الوطني وهي مجموعات كانت منقسمة ولكنها بدأت تتبلور واهمها حركة الاصلاح الآن التي يقودها د.غازي صلاح الدين بجانب المجموعات الاسلامية الاخرى مثل مجموعة "السائحون" وأن الطريق الثالث بدأت اشاراته في امكانية تحالف الكتل المتجانسة بين قوى المعارضة وهذا ما نلحظه من اللقاءات التي بدأها غازي صلاح الدين للترابي والمهدي . عدم التجانس في قوى الاجماع الوطني التي تصرح انها تتفق فيما بينها على اسقاط النظام كحد ادنى للاتفاق فيما بينها اول ما تأتي اشارات من الحكومة بأن بابا للحوار سيفتح تظهر التباينات في المواقف ويبدأ الاختلاف اكثر وضوحا. المهدي المنتظر كان في الفترة السابقة او من يشق صف قوى المعارضة ويضعف من موقفها هو حزب الأمة القومي وبالاصح الإمام الصادق المهدي الذي كان يعترض منذ البداية على الخط السياسي لقوى المعارضة الداعي لإسقاط النظام وطرح مشروع النظام الجديد الذي يعمل على فكرة الانتقال السلس بدل الإسقاط الحاد ولديه مبررات في هذا الطرح نسبة لخصوصية حالة البلاد والانقسام الحاد فيها بجانب الحروب المشتعلة في ثلاث جبهات وتخوفه من تفكك الدولة في حالة اسقاط النظام بالكامل ولذلك عمد الصادق المهدي إلى أن يخالف موقف قوى الإجماع كثيرا وحتى بعض التيارات داخل حزبه ولذلك اتسمت علاقته بالحكومة بالطيبة واستجاب للعديد من اللقاءات والحوارات مع النظام لدرجة أن الرئيس المشير عمر البشير كرمه واعطاه وسام الجمهورية ولذلك حضوره للقاء البشير السابق لم يكن محل دهشة نسبة للمواقف السابقة. الترابي يقترب اما المؤتمر الشعبي الذي كان الأعلى صوتا والاكثر صلابة في موقفه من اسقاط النظام وكان ينتقد دائما مهادنة الصادق المهدي للنظام والدخول معه في حوارات الا أنه وبعد حوارات يبدو انها استمرت بشكل "سري" بين المؤتمر الوطني ود.حسن الترابي وقد توصلت لتفاهمات ظهر بعضها للعلن مثل اطلاق سراح صحيفة رأي الشعب الناطقة باسم (الشعبي) بجانب اخبار عن اطلاق سراح عدد من المعتقلين المنتسبين ل(الشعبي) في الولايات والخرطوم ولذلك يقول البعض إن الترابي لا يمكن أن يحضر لقاء جماهيريا للرئيس البشير "مجانا" وهو الذي لم يتواجد في لقاء رسمي مع البشير منذ المفاصلة. وبعد استجابة وحضور الترابي يكون المؤتمر الشعبي قد سار في ذات طريق حزب الأمة والاثنان مخالفان لاتفاقاتهما التي يرددونها عندما يجلسون تحت لافتة قوى الاجماع الوطني . غازي على الخط التطور الثالث في مسار القوى المعارضة بشكلها الكلي دخول مكون اسلامي جديد وهو د.غازي صلاح الدين المنشق حديثا من المؤتمر الوطني وهو قد كون حركة الاصلاح الآن والتي تجمع اسلاميين متساقطين من سفينة المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وهو يريد أن يبني تحالفا هذه الايام مع الاقرب إليه فكريا وسياسيا من قوى المعارضة التقليدية ولذلك بدأ بلقاءات مع د.حسن الترابي ولقاء مع الإمام الصادق المهدي انتهى بالاتفاق على تكوين غرفة عمليات بالتشاور مع بقية القوى السياسية للدعوة لورشة عمل مهمتها الاتفاق على المطالب الشعبية وتحديد آليات تحقيقها والتوقيت المطلوب وهو تطور كبير في مجال التنسيق السياسي. الكتلة الثالثة مما يتضح سابقا بأن التقارب بين المؤتمر الشعبي والأمة القومي وحركة (الاصلاح الآن) او اذا قلنا بالاصح الاتفاق بين "الترابي وغازي والمهدي" هو قد يكون خيارا قويا في الفترة المقبلة نسبة لتباعد المواقف بين (الشعبي) و(الأمة) وبقية قوى الإجماع الوطني التي تضع شروطا صعبة التحقق مع المؤتمر الوطني ولذلك قيام هذه "الكتلة الثالثة" وارد حيث يمكن أن تدخل هذه القوى في حوار مع المؤتمر الوطني الذي يفتح الباب للقوى التي تريد تسوية ولكن "بمقدار" ما يريد واذا استطاع النجاح في ادخالها كشريك في الحكم وعقد اتفاقا مع الحركة الشعبية قطاع الشمال في المنبر التفاوضي المرتقب سيكون قد حقق مكسبا سياسيا كبيرا قد يوفر الغطاء له لدخول انتخابات يفتح فيها المجال لهذه القوى بأن تجد تمثيلا مناسبا في السلطة. (الوطني) ينتظر بعد أن رمى المؤتمر الوطني "حجرا" في بركة الأحزاب التي ثارت مياهها هذه الايام وفتح باب الحوار معها وهو يعرف أن هذا الحوار سيخل بميزان التوازن في القوى المعارضة وهو يعرف أن الترابي لا يريد أن يتم التغيير على حساب قوى غير اسلامية والبعض قال إن الترابي يقول همسا بأن" النظام اذا سقط يجب أن يسقط في ايدينا ومن دون ذلك من الافضل أن يستمر" لذلك عندما احس بأن الصادق اقرب للحكومة عمل على تقصير هذه المسافة بينه والمؤتمر الوطني الذي "يتبسم " على كل هذه الغيوم التي يعرف انها "ستهطل " في نهاية الامر عليه رطبا. ولهذا بدا مساعد رئيس الجمهورية والقيادي بالمؤتمر الوطني البروفيسور ابراهيم غندور متفائلا امس وقال إن الوثيقة التي طرحت في خطاب الرئيس المشير عمر البشير ستعرض على القوى السياسية في لقاء جامع يجري هذه الايام حوار مع الأحزاب لتحديد موعده وكيفيته، مشيرا الى انهم سيجلسون مع كافة الأحزاب من اليمين الى اليسار والوسط. واضاف غندور في تصريح ل(السوداني) أن هنالك حوارا يجري حول الحريات وما طرح في خطاب الرئيس كان دعوة للحوار، مشيرا الى أن المؤتمر الوطني لديه رؤية حول ما طرح في الخطاب وهي مكتوبة حول قضايا السلام والحريات وقانون الانتخابات بجانب الدستور والقضايا الاقتصادية وقضية الهوية وان دعوة الحوار جاءت من اجل أن يأتي كل حزب ليفتح بعدها الحوار حول هذه القضايا بجانب تقديم الأحزاب لرؤيتها وبعدها يتم الاتفاق حول برنامج واحد يقدم للشعب . وقال إن شروط قوى الاجماع الوطني للدخول في حوار غير مقبولة وأن من يريد الحوار لا يضع شروطا. وقال غندور إن البعض يحاولون أن يضعوا حاجزا بين (الوطني) والقوى السياسية في محاولة لعزلها ولكن سيتم الحوار مع كل القوى السياسية من دون عزل لاحد. وترجمة لحديث غندور يمكن أن نقول إن الحوار سيذهب الى منتهاه مع القوى التي تستطيع أن تقدم تنازلات وهي قد تكون مع الكتلة الثالثة التي يقودها الترابي والمهدي وغازي.