:: ولدته أمه (أعمى)، ونشأ على ذلك حتى صار (شيخاً).. كان جالساً تحت شجرة بطرف القرية عندما أعاد القدر -فجأة كده- بصره لثوان، حيث لمح فأراً، ثم أعماه القدر مرة أخرى.. أي لم يرَ في الحياة غير (فأر)، ولذلك اختزل كل أشكال الحياة وألوانها وأحجامها في (الفأر).. على سبيل المثال، حين يبشرونه: (ما شاء الله بنتك جابت طفلة جميلة، ولونها قمحي زي لونك)، يسألهم بمنتهى البراءة: (قمحي كيف يعني؟ زي لون الفار مثلاً؟).. وعندما يبشرونه : (ما شاء الله ولدك بنى بيت كبير)، يسألهم بذات البراءة : (كبير كيف يعني؟ قدر الفار كم مرة؟).. وعندما يستأنسون في حضرته: (والله ما شاء الله هايس مختار سرعتها رهيبة)، يباغتهم بالسؤال: (معقولة؟ يعنى أسرع من الفار؟).. وهكذا صار ذاك الفأر ترمومتر حياة شيخنا هذا و(معياره المثالي)!! :: وهكذا تقريباً بعض الناس في (الحياة العامة)، أي يختزلون الكرة الأرضية في (قضية واحدة فقط لا غير).. وتأبى عقولهم استيعاب قضايا الكون الأخرى.. هم يسمون اختزالهم هذا ب(الأولوية)، بيد أن الأمر (تقوقع)، وكذلك (قصر نظر مخيف). اختزال كل الأشياء (في شيء) ليس بتفكير راشد، فالخالق خلق لنا عقولاً لو أطلقنا عنانها لكان تفكيرها ب(حجم الكون). أديسون الذي أضاء ظلام العالم باكتشافه، لم يهدر حبرالتاريخ في توثيق قبيلته وعرقه وهويته، وهو لم يكن يثرثر بهذه وذاك وتلك على مدار سنوات عمره، ولم يتقوقع في تلك القيود لحظة، بل تجاوز كل تلك القيود إلى رحاب العالم ب(سعة تفكيره). والإنسانية أيضاً -كما العقل السوي- بلا حدود، ولكن لا يزال البعض يختزلها في حدود (قريته أو قبيلته أو إقليمه أو بلده)!! :: المهم.. شكراً للدكتور كمال الجزولي، الأمين العام لاتحاد الكتاب السودانيين، على اتصاله وتجاوبه مع مبادرة (حق الجيرة والخوة). اتصل الجزولي معاتباً على عدم التنسيق مع الاتحاد بحيث يكون شريكاً، وكذلك محفزاً أعضاء (إعلام للجميع) على بذل المزيد من الجهد وداعماً مبادرتهم وجهدهم حتى تحقق أهدافها، وأبدى رغبة اتحاد الكتاب السودانيين في رعاية مناشط المبادرة. شكراً لكمال وأعضاء الاتحاد على موقفهم هذا، وهذا ليس بمدهش، إذ أن كمال الجزولي وآخرين هم الذين سبقوا (إعلام للجميع) بمبادرة اتحاد الدولتيْن المستقلتيْن (آدم)، وهي رائدة مبادرات المجتمع المدني المراد بها ترسيخ عوامل (الوحدة الشعبية)، بين الأهل بالجنوب والشمال. وعليه، بمثل التضامن، سوف تمضي مبادرة (حق الجيرة والخوة) نحو غاياتها، والتي منها: لن تفصل السياسة وجدان الشعوب. :: وكما اتحاد الكتاب السودانيين، التحق اتحاد الفنانين أيضاً بركب مبادرة (حق الجيرة والخوة).. اتصل الدكتور محمد سيف -رئيس اتحاد المهن الموسيقية- بمجموعة (إعلام للجميع) داعماً المبادرة ومعلناً استعداد أعضاء الاتحاد للمشاركة في كل مناشط المبادرة.. وكما قلت بزاوية البارحة، تجاوب كل الفنانين الذين تلقوا دعوة المشاركة في مناشط المبادرة، وأعلنوا استعدادهم للمشاركة في العاصمة والولايات، ولهذا يأتي موقف اتحادهم داعماً لمواقفهم الإنسانية.. وكما أهل الفكر والفن وثقافة، كان لأهل الرياضة موقف إنساني جدير بالاحتفاء، فالهلال والمريخ التحقا بركب مبادرة (حق الجيرة والخوة).. وهذا هو المجتمع السوداني، لم ولن يتخلى عن أهل الجنوب.. وبإذن الله، قادمات الأيام حبلى بالمزيد حسب تأكيد مجموعة (إعلام للجميع).. نعم، بعض مناطق بلادنا تعاني ويلات الحرب والنزوح أيضاً، ويعاني أهلها كما أهل الجنوب، وأعضاء (إعلام للجميع) ليسوا بحاجة إلى (تذكير) أو (مزايدات)، أو كما لمّح البعض وصرّح.. أعضاء إعلام للجميع يؤمنون بأن الإنسانية -كما العقول السوية- تسع الكون، ومن ضيق الأفق (اختزالها)!!.