أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرد الصحفيين الأجانب.. قصص تخطي الإشارات الحمراء
نشر في السوداني يوم 06 - 01 - 2012

حالة من الغضب الحكومي أثارها تقرير صحفي صادر عن وكالة الأنباء الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ) ايرين) بعد حديثه عن أن الأوضاع في شرق السودان على وشك الانفجار، لم يمض كثير وقت حتى اعتذرت بعدها الامم المتحدة. ولكن الامور لم تنته عند هذا الحد، فقد كشفت الزميلة (الأحداث) أمس عن طرد الحكومة لاثنين من الصحفيين الفرنسيين يتهمان بأنهما وراء التقرير، وكشفت مصادر مطلعة لذات المصدر أن الجهات ذات الصلة أبلغت الصحفي الفرنسى ماثيو كالريتر الذي يعمل في شبكة أنباء الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "ايرين" ومواطنته التي تراسل بعض المطبوعات الأوربية والإفريقية أبلغا بضرورة الخروج من السودان.
فسرت خطوة الخرطوم بأنها تأتي بعد توصلها إلى أن المعنيين مسئولان عن كتابة التقرير مثار الجدل، وقالت مصادر مطلعة إن الأجهزة المختصة في ولاية كسلا أمرت فور ظهور التقرير باعتقال الرجل لفبركته التقرير في محاولة للفت الانتباه إلى حدوث مشكلة بشرق السودان والتي تشهد استقراراً كبيراً منذ توقيع اتفاق الشرق في العام 2005 ، واتهمت المصادر ماثيو بالكذب ونبهت إلى دخوله بنية التوثيق لأنشطة الصليب الأحمر الهولندي في منطقة "ود الشريف" وأشارت إلى أنه نسب نفسه إلى واجهة
إعلامية غير معروفة.
وعلي الرغم من تبرير الناطق باسم الخارجية السفير العبيد مروح للأمر بأن فترة تصاريح إقامتهم قد انتهت إلا أن سبب الطرد الأول يبقى هو الأول فالحكومة السودانية لا تقوم في الغالب بطرد الصحفيين الأجانب ولكنها تقوم بعدم تجديد الإقامة لهم فيما يشبه إيصاد الأبواب في وجههم.
حالة غموض
أعادت هذه الحادثة ملف الصحفيين الأجانب في البلاد للواجهة خاصة من طرد منهم، وهنا وتطرح الاسئلة حول فيما يعملون ولماذا يطردون وهل شبهة التجسس تظل عالقة دائماً بهم أم أنها هواجس الأمن.
يرى البعض أن النظرة الرسمية للوجود الأجنبي الغربي تنم عن ريبة حول النوايا التي يتواجد بها هؤلاء والحكومة ما تزال تفكر بذات ماجرى من المنظمات الغربية التي كانت تتواجد في إقليم دارفور واتهمت بفبركة تقارير ومد المحكمة الجنائية بمعلومات، لذلك أخذت تتحسب لأي وجود أجنبي في البلاد ناهيك إذا كان هذا الأجنبي صحفي يتجول ويطرح الأسئلة ويجري المقابلات مع كافة فئات الشعب وعلى الرغم من سعي الحكومة عبر مجلس الصحافة والمطبوعات والإعلام الخارجي بوضع عدد من اللوائح والقوانين التي تحدد كيفية إعطاء رخص عمل للصحفيين الأجانب في البلاد إلا أن البعض منهم يتسرب من تلك القوانين ويلتف عليها من الحصول على الحرية في التنقل والتقاط المعلومات التي بالتأكيد تقلق الحكومة.
وليس بعيداً عن حادثة الصحفيين الفرنسيين ففي بداية نوفمبر من العام الماضي اعتقلت الأجهزة الأمنية المختصة شخصين يبدو عليهما أنهما صحفيان ألمانيان عقب دخولهما بطرق غير شرعية لمناطق المتأثرين بمحلية البحيرة بنهر النيل دون وثائق ثبوتية.
ووصف رئيس لجنة متضرري سد مروي بنهر النيل العقيد «م» الطيب محمد الطيب ، في تصريح صحفي اعتقال الألمانيين، بأنه إحباط لأكبر محاولة لتدويل قضية ملف المتضررين من قيام سد مروي، مبيناً أن الرجلين كانا يقومان بجمع المعلومات بمنطقة بحيرة سد مروي وحقيقة إغراقها للأهالي. ولم يستبعد الطيب أن يكون الموقوفان الألمانيان رهن التحقيق ،جاءا موفدين من قبل المحاكم الألمانية والتي كانت قد قبلت بعض الشكاوي من معارضين لقيام سد مروي ،يقف من ورائها بعض دعاة التدويل لما ترتب على قيام السد من حقوق للمتأثرين قدمت لتلك المحاكم التي قبلت منهم شكاوى ضد الحكومة السودانية ومجلس السد ولجنته التنفيذية بشأن إغراق المنطقة دون حصر للممتلكات الخاصة بالأهالي وتشريدهم.
صحفيون أم جواسيس
رجال المخابرات في العالم يعرفون أن أكثر مهنة يمكن أن يتخفى بها عند الدخول لأي دولة والتحرك بها بحرية هي مهنة الصحافة حيث بحملك هوية صحفي تفتح لك كل الأبواب ومن باب ذلك "يدخل الريح" خاصة للدول التي لديها ماتريد أن تخفيه وهو بالتأكيد سيكون متعلقاً بالأمن القومي لها ونال السودان بالتأكيد الكثير من هذا الباب حيث رصدت خاصة بعد تفجر أزمة دارفور وتدويلها فأصبح الكثير من الصحفيين الأجانب قد يكونون غير ذلك وفي هذا الكثير من القصص.
حيث تشير المعلومات أيضا إلى أن أبرز زيارات الموساد للخرطوم قام بها ضابط الموساد الإسرائيلي مايكل روز كندي الأصل في الفترة التي أعقبت ضرب سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا من العام 1998 وقبيل ضربة مصنع الشفاء بالخرطوم ، وبحسب تصريح منسوب للضابط الإسرائيلي الذي تقاعد حالياً وأصبح مستشاراً لقضايا المخابرات والتجسس أنه استطاع الحصول على العديد من المعلومات بشأن السودان والإسلاميين في تلك الفترة من تاريخ البلاد ، حيث وصل السودان عبر كينيا تحت غطاء أنه صحفي كندي، وقد كان مهتماً بأخبار المجموعات الإسلامية التي تواجدت في تلك الفترة بالخرطوم، وقد حاول السكن بالقرب من مقر أسامة بن لادن بحي الرياض، لأنه كان يخطط لاغتياله، ولكن المخطط تم إلغاؤه في آخر لحظة. واصل روز مهمته مستغلاً الأوراق التي منحها له الموساد كصحفي ليعمل على جمع المعلومات عن القيادات الإسلامية تمهيداً لضربها.
دخل روز السودان والتقى بعدد من المسؤولين السودانيين بصفته الصحفية خاصة أنه لديه علاقة بالكتابة ومجال النشر فهو معلق وكاتب ناشر، كتب عن قضايا الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب ب(ناشونال بوست) و(قلوبال أند ميل).
حالة تسلل
وليس بعيداً عن قصة روز فقد شهد السادس من أغسطس من العام 2006م عبور الصحفي الأمريكي بول سالوبيك الحدود السودانية التشادية لدارفور برفقة سائقه ومترجمه التشاديين، قبل أن يعترضهم شاب مسلح ببندقية كلاشنكوف، يتبع لحركة تحرير السودان جناح مناوي قبل ساعات قليلة من لقاء الرئيس الأمريكي جورج بوش بكبير مساعدي الرئيس مناوي!!، ووفقاً لشهادة سالوبيك فقد قام مسلحو مناوي بضربه ومرافقيه كما قاموا بسرقة سياراته ومقتنياته الشخصية، وبعدها وضعوهم في أكواخ مملوءة بالقمل. ويقول سالوبيك إن أحد رجال المليشيا هددهم بالقتل ولكن بقية رجال المجموعة تجاهلت أوامره.
بعد أيام، تمت مقايضة المعتقلين الثلاثة مقابل صندوق من البزات العسكرية الجديدة فسُلم ثلاثتهم للجيش السوداني، في سلسلة من الأكواخ الموبوءة.. تم وضع المعتقلين الثلاثة، وهذه الأكواخ عبارة عن زنازين في سجن مبني من الطين والطوب، وفيه غرف للتحقيق ، وخلال مدة الاعتقال كان سالوبيك يسجل ملاحظاته عن كل ما يحيط به.
وبرر سالوبيك دخوله غير الشرعي بأنه في بداية الأمر كان ينوي السفر للمنطقة الحدودية بين تشاد والسودان، لكنه اتخذ قراراً في اللحظة الأخيرة بدخول دارفور، فالمسؤولون في حكومة الخرطوم- كما يرى- شحيحون في منح تأشيرات الدخول للصحفيين الأجانب، وذكر في مقاله أيضاً أن الصحفيين الأجانب لسنوات كانوا يدخلون السودان من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وحاول في المقابل إثارة اتهامات بحق الخرطوم عبر حديثه عن أن اعتقالهم كان بمثابة رسالة تحذيرية لكل المراسلين الأجانب. واضاف:"الخرطوم فقدت صبرها من كثرة الأخبار السلبية التي تتناول قضية دارفور".
فى المقابل اتهمت السلطات السودانية سالوبيك بتمرير معلومات بصورة غير قانونية وكتابة أخبار كاذبة بالإضافة إلى دخول البلاد من غير الحصول على تأشيرة دخول.
لاحقاً تم إطلاق سراح سالوبيك وسائقه ومترجمه بناءً على عفو رئاسي شملهم به الرئيس البشير في التاسع من سبتمبر 2006 بعد أن التقى حاكم نيو مكسيكو بيل ريتشارسون التي ينتمي إليها الصحفي بالرئيس البشير.
ومن حديث سالوبيك حول تفضيل الصحفيين للدخول عبر المناطق التي يسيطر عليها المتمردون نجد أن أشهر من دخل السودان عبر هذه الطريقة هو المفكر والكاتب الصحفي الفرنسي هنري برنارد ليفي الذى دخل الجنوب عبر الجيش الشعبي وزار زعيم الحركة الشعبية الراحل د. جون قرنق فى العام 2001 ورحل معه لمنطقة قوقريال والتقى بمقاتلي الجيش الشعبي، ومن ثم تحدث مع بول مالونق قائد القطاع الشمالي بالجيش الشعبي بمنطقة قوقريال –التي وصفها بمدينة الأشباح-، قبل أن يجلس لساعات مطولة في منطقة (جبل بوما) مع قرنق، واستمع منه لخطط الحركة المستقبلية.
و بعد اندلاع أزمة دارفور غرباً تسلل ليفي في العام 2007 للإقليم, حيث قام بكتابة تقارير ادعى فيها وجود عمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية بصحيفة "لوموند" الفرنسية, و" الجمهورية الجديدة" الأمريكية. وقال في تلك التقارير إنه تسلل عبر الحدود مع تشاد قاطعاً 500 إلى 600 كيلومتر داخل دارفور بمساعدة من الحركات.
اللعب في المحظور
قصة أخرى لا تقل غموضاً وإثارة عن الأولى وهي تتحدث عن صحفية كندية الجنسية ومصرية الأصل تدعى هبة علي وهي التي أتت للخرطوم بصفتها الصحفية وكانت تمني النفس أن تجري تحقيق عن الصناعة العسكرية.. الحكومة عاجلتها بالإبعاد لمخالفتها لقوانين السفر والهجرة، وعدم حصولها على رخصة لمزاولة العمل والحكومة تطرح الأسئلة الصعبة عن من وراء هبة ولماذا تختار الكتابة عن الصناعة العسكرية في البلاد إلا أن هبة في روايتها لقصتها تقول إنها أتت إلى السودان بجواز كندي، عليه تأشيرة سياحية لمدة شهر ونصف الشهر. ولدى وصولها ذهبت إلى وزارة الإعلام ، فتم التعامل معها بصفتها صحفية زائرة لتمنح تصريحاً لشهر واحد، مما دفعها لمزاولة عملها وبعد أن طاب لها المقام
قررت البقاء فيه بشكل دائم، فشرعت من فورها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، عبر طلبات لمجلس الصحافة والمطبوعات ودائرة الهجرة ومكتب العمل. ثم تضيف هبة أنها اكتشفت إمكانية استخدامها لجوازها المصري الآخر، مما يوفر لها الكثير من المزايا، ويجعل حياتها تمضي في الخرطوم بصورة أكثر يسراً.
و شرعت هبة في فتح مكتب صحفي لمزاولة عملها خاصة أنها تراسل العديد من المؤسسات بكندا والولايات المتحدة. ووعدها المجلس بالنظر في طلبها، هبة لم تنتظر طويلا «واعترفت بذلك لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) التي تتعاون معها» حيث ذكرت أنها عملت في الشهر الأخير من إقامتها دون تصريح رسمي، لكنها اضطرت لذلك بعدما بدأت تحقيقاً حول الصناعة العسكرية، الأمر الذي توقف فورا بمجرد أن طلب منها مغادرة البلاد.
وتمضي هبة فى الحديث عن آخر لحظاتها بالخرطوم وتقول إنها ذهبت للسفارة الكندية لتشرح ما حدث لها، ثم رافقها القنصل الكندي إلى المطار ليجلس معها في غرفة الانتظار طوال ساعة ونصف الساعة مليئة بالهواجس والظنون. قبل أن تستقل الحافلة الداخلية بالمطار وهي تحت أعين السلطات المختصة، حتى وصولها للمدرج ومن ثم الطائرة.
وترد الحكومة السودانية على أن طرد هبة ليس له علاقة بعملها الصحفي، وتضيف أن المسألة متعلقة بجواز سفرها وتأشيرتها، وهو أمر يخص بطبيعة الحال دائرة الهجرة.
وفى سياق متصل يقول بيار أمبرواز من منظمة (مراسلون بلا حدود) في معرض تعليقه لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) على حادثة إبعاد المراسلة الكندية (إن المفارقة تكمن في أن السودان يشهد حالة من حرية الصحافة قياساً بالدول الإفريقية الأخرى). ويضيف أمبرواز أنه رغم إقرار الحكومة السودانية بحرية الصحافة ومنح الموافقة للمراسل الأجنبي مبدئياً، فإنها تشدد الإجراءات عملياً.
غير أن مديرة إدارة شؤون المراسلين الأجانب بالإعلام الخارجية السابقة سمية الهادي تؤكد توفير تسهيلات للمراسلين في عملهم، وتضيف أن هناك تجاوباً من مختلف المسؤولين في هذا الصدد. وتقول سمية إن الإجراءات التي يتم اتخاذها تأتي لتقنين العمل وتنظيمه بجانب مراعاة سلامة هؤلاء المراسلين، وقطعاً ليس بقصد تحجيم نشاطهم أو الحد من حريتهم. وتضيف أنهم يعملون عادة على لفت النظر أول الأمر في حالة مخالفة المراسلين أو تجاوزهم للوائح، وتلمح إلى أن بعض حالات الإبعاد قد تكون لأسباب غير متعلقة بالعمل الإعلامي.
عوامل جذب
ويرى مراقبون أن السودان أصبح في الآونة الأخيرة مركز جذب للمؤسسات الإعلامية العالمية، فأصبحت تبحث عن موطئ قدم لها بالخرطوم. وتشير الإحصائيات الرسمية - كما أمدني بها السيد محمد الأمين المسؤول بمجلس الصحافة والمطبوعات في وقتٍ سابق - إلى وجود أكثر من سبعة مكاتب مراسلين، بجانب أربعة وتسعين مراسلاً لمنافذ إعلامية خارجية بالسودان.
فيما تقول مديرة إدارة شؤون المراسلين الأجانب بالإعلام الخارجي السابقة سمية الهادي إن أزمة دارفور لعبت دوراً كبيراً فى جذب الانتباه الإعلامي نحو السودان، مما دفع بموجة كبيرة من الإعلاميين لزيارة السودان عامة ودارفور خاصة، في وقت فضلت فيه غالبية المؤسسات الإعلامية الاستعانة بخدمات سودانيين لذات الغرض لا سيما المقيمين به، لكسر حاجز اللغة العربية والعادات المحلية. وتضيف سمية أن المراسلين والمكاتب الإعلامية بالسودان أسهموا بشكل ما في رسم صورة إيجابية للسودان ولطبيعة الصراع فى إقليم دارفور. وأضافت في إفادة سابقة أن الدولة تعمل لتقنين عمل هؤلاء المراسلين عبر التنسيق بين ثلاث جهات هي إدارة الإعلام الخارجي والمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، ووحدة الإعلام بجهاز الأمن.
وتؤكد سمية أنهم حرصون على تسهيل العمل، وفقاً للأطر القانونية، وأنهم ساعدوا الكثيرين في الذهاب إلى دارفور للوقوف على حقيقة الأوضاع، وتضيف أن هذه التغطيات كانت أفضل من تلك التى تتم من خارج الحدود وتتجاوز الحقائق الموضوعية.
وتشير إلى أن اللوائح تفرض على من يود فتح مكتب صحفي تقديم خطاب إلى مجلس الصحافة والمطبوعات يحوي تصديقاً بالعمل، وعقد تأجير للمقر، بجانب صحفيين محترفين لا تقل خبرتهم عن الخمسة أعوام. ويلفت محمد الأمين من إدارة الصحافة بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات إلى جملة من الحقائق أبرزها أن هناك الكثير من المراسلين غير موفقين لأوضاعهم أو يعملون بصورة غير شرعية، خاصة المراسلين الموسميين الذي ينشطون مع الأحداث فقط. ويزيد الأمين أن قرابة ال(90%) من مراسلي الصحف والقنوات العالمية في السودان هم سودانيون.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الخرطوم لا تميل لطرد الصحفيين الأجانب إلا في حالات نادرة يكون الصحفي الأجنبي هو المسؤول عنها، ويشيرون إلى أنه فى هذه الفترة تتواجد بالسودان قرابة 84 جهة ومكتب إعلامي. ويدللون على حديثهم بالإشارة لواقعة عدم تجديد إقامة مراسل البي بي سي جون فيشل في مارس 2006، بعد أن اكتشفت السلطات أربع مواد تحريرية أعدها وأرسلها من شقته بالخرطوم 2 بينما كان يتحدث فيها بصيغة من تواجد في الإقليم، دون أن يشير لاتصال هاتفي أو غيره بل يقول إنه قابل النازحين وتحدث معهم، وقد تم إخطاره أكثر من مرة بخطورة ما يقوم به إلا أنه كان يصر على أنه سافر لهناك، وهنا يقع الصحفي فى أزمة أخرى فهو لم يلتزم بالترخيص الممنوح له فالتحرك في مناطق نزاعات لا يتم إلا بإخطار السلطات الأمنية، لذلك لم يكن مستغرباً أن يجد رفضاً لتجديد تأشيرته فيتم استبادله من قبل مؤسسته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.