من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    الزمالة يبدأ مشواره الأفريقي بخسارة أمام ديكيداها الصومالي    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا    المفوض العام للعون الإنساني وواليا شمال وغرب كردفان يتفقدون معسكرات النزوح بالأبيض    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرد الصحفيين الأجانب.. قصص تخطي الإشارات الحمراء
نشر في السوداني يوم 06 - 01 - 2012

حالة من الغضب الحكومي أثارها تقرير صحفي صادر عن وكالة الأنباء الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ) ايرين) بعد حديثه عن أن الأوضاع في شرق السودان على وشك الانفجار، لم يمض كثير وقت حتى اعتذرت بعدها الامم المتحدة. ولكن الامور لم تنته عند هذا الحد، فقد كشفت الزميلة (الأحداث) أمس عن طرد الحكومة لاثنين من الصحفيين الفرنسيين يتهمان بأنهما وراء التقرير، وكشفت مصادر مطلعة لذات المصدر أن الجهات ذات الصلة أبلغت الصحفي الفرنسى ماثيو كالريتر الذي يعمل في شبكة أنباء الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "ايرين" ومواطنته التي تراسل بعض المطبوعات الأوربية والإفريقية أبلغا بضرورة الخروج من السودان.
فسرت خطوة الخرطوم بأنها تأتي بعد توصلها إلى أن المعنيين مسئولان عن كتابة التقرير مثار الجدل، وقالت مصادر مطلعة إن الأجهزة المختصة في ولاية كسلا أمرت فور ظهور التقرير باعتقال الرجل لفبركته التقرير في محاولة للفت الانتباه إلى حدوث مشكلة بشرق السودان والتي تشهد استقراراً كبيراً منذ توقيع اتفاق الشرق في العام 2005 ، واتهمت المصادر ماثيو بالكذب ونبهت إلى دخوله بنية التوثيق لأنشطة الصليب الأحمر الهولندي في منطقة "ود الشريف" وأشارت إلى أنه نسب نفسه إلى واجهة
إعلامية غير معروفة.
وعلي الرغم من تبرير الناطق باسم الخارجية السفير العبيد مروح للأمر بأن فترة تصاريح إقامتهم قد انتهت إلا أن سبب الطرد الأول يبقى هو الأول فالحكومة السودانية لا تقوم في الغالب بطرد الصحفيين الأجانب ولكنها تقوم بعدم تجديد الإقامة لهم فيما يشبه إيصاد الأبواب في وجههم.
حالة غموض
أعادت هذه الحادثة ملف الصحفيين الأجانب في البلاد للواجهة خاصة من طرد منهم، وهنا وتطرح الاسئلة حول فيما يعملون ولماذا يطردون وهل شبهة التجسس تظل عالقة دائماً بهم أم أنها هواجس الأمن.
يرى البعض أن النظرة الرسمية للوجود الأجنبي الغربي تنم عن ريبة حول النوايا التي يتواجد بها هؤلاء والحكومة ما تزال تفكر بذات ماجرى من المنظمات الغربية التي كانت تتواجد في إقليم دارفور واتهمت بفبركة تقارير ومد المحكمة الجنائية بمعلومات، لذلك أخذت تتحسب لأي وجود أجنبي في البلاد ناهيك إذا كان هذا الأجنبي صحفي يتجول ويطرح الأسئلة ويجري المقابلات مع كافة فئات الشعب وعلى الرغم من سعي الحكومة عبر مجلس الصحافة والمطبوعات والإعلام الخارجي بوضع عدد من اللوائح والقوانين التي تحدد كيفية إعطاء رخص عمل للصحفيين الأجانب في البلاد إلا أن البعض منهم يتسرب من تلك القوانين ويلتف عليها من الحصول على الحرية في التنقل والتقاط المعلومات التي بالتأكيد تقلق الحكومة.
وليس بعيداً عن حادثة الصحفيين الفرنسيين ففي بداية نوفمبر من العام الماضي اعتقلت الأجهزة الأمنية المختصة شخصين يبدو عليهما أنهما صحفيان ألمانيان عقب دخولهما بطرق غير شرعية لمناطق المتأثرين بمحلية البحيرة بنهر النيل دون وثائق ثبوتية.
ووصف رئيس لجنة متضرري سد مروي بنهر النيل العقيد «م» الطيب محمد الطيب ، في تصريح صحفي اعتقال الألمانيين، بأنه إحباط لأكبر محاولة لتدويل قضية ملف المتضررين من قيام سد مروي، مبيناً أن الرجلين كانا يقومان بجمع المعلومات بمنطقة بحيرة سد مروي وحقيقة إغراقها للأهالي. ولم يستبعد الطيب أن يكون الموقوفان الألمانيان رهن التحقيق ،جاءا موفدين من قبل المحاكم الألمانية والتي كانت قد قبلت بعض الشكاوي من معارضين لقيام سد مروي ،يقف من ورائها بعض دعاة التدويل لما ترتب على قيام السد من حقوق للمتأثرين قدمت لتلك المحاكم التي قبلت منهم شكاوى ضد الحكومة السودانية ومجلس السد ولجنته التنفيذية بشأن إغراق المنطقة دون حصر للممتلكات الخاصة بالأهالي وتشريدهم.
صحفيون أم جواسيس
رجال المخابرات في العالم يعرفون أن أكثر مهنة يمكن أن يتخفى بها عند الدخول لأي دولة والتحرك بها بحرية هي مهنة الصحافة حيث بحملك هوية صحفي تفتح لك كل الأبواب ومن باب ذلك "يدخل الريح" خاصة للدول التي لديها ماتريد أن تخفيه وهو بالتأكيد سيكون متعلقاً بالأمن القومي لها ونال السودان بالتأكيد الكثير من هذا الباب حيث رصدت خاصة بعد تفجر أزمة دارفور وتدويلها فأصبح الكثير من الصحفيين الأجانب قد يكونون غير ذلك وفي هذا الكثير من القصص.
حيث تشير المعلومات أيضا إلى أن أبرز زيارات الموساد للخرطوم قام بها ضابط الموساد الإسرائيلي مايكل روز كندي الأصل في الفترة التي أعقبت ضرب سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا من العام 1998 وقبيل ضربة مصنع الشفاء بالخرطوم ، وبحسب تصريح منسوب للضابط الإسرائيلي الذي تقاعد حالياً وأصبح مستشاراً لقضايا المخابرات والتجسس أنه استطاع الحصول على العديد من المعلومات بشأن السودان والإسلاميين في تلك الفترة من تاريخ البلاد ، حيث وصل السودان عبر كينيا تحت غطاء أنه صحفي كندي، وقد كان مهتماً بأخبار المجموعات الإسلامية التي تواجدت في تلك الفترة بالخرطوم، وقد حاول السكن بالقرب من مقر أسامة بن لادن بحي الرياض، لأنه كان يخطط لاغتياله، ولكن المخطط تم إلغاؤه في آخر لحظة. واصل روز مهمته مستغلاً الأوراق التي منحها له الموساد كصحفي ليعمل على جمع المعلومات عن القيادات الإسلامية تمهيداً لضربها.
دخل روز السودان والتقى بعدد من المسؤولين السودانيين بصفته الصحفية خاصة أنه لديه علاقة بالكتابة ومجال النشر فهو معلق وكاتب ناشر، كتب عن قضايا الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب ب(ناشونال بوست) و(قلوبال أند ميل).
حالة تسلل
وليس بعيداً عن قصة روز فقد شهد السادس من أغسطس من العام 2006م عبور الصحفي الأمريكي بول سالوبيك الحدود السودانية التشادية لدارفور برفقة سائقه ومترجمه التشاديين، قبل أن يعترضهم شاب مسلح ببندقية كلاشنكوف، يتبع لحركة تحرير السودان جناح مناوي قبل ساعات قليلة من لقاء الرئيس الأمريكي جورج بوش بكبير مساعدي الرئيس مناوي!!، ووفقاً لشهادة سالوبيك فقد قام مسلحو مناوي بضربه ومرافقيه كما قاموا بسرقة سياراته ومقتنياته الشخصية، وبعدها وضعوهم في أكواخ مملوءة بالقمل. ويقول سالوبيك إن أحد رجال المليشيا هددهم بالقتل ولكن بقية رجال المجموعة تجاهلت أوامره.
بعد أيام، تمت مقايضة المعتقلين الثلاثة مقابل صندوق من البزات العسكرية الجديدة فسُلم ثلاثتهم للجيش السوداني، في سلسلة من الأكواخ الموبوءة.. تم وضع المعتقلين الثلاثة، وهذه الأكواخ عبارة عن زنازين في سجن مبني من الطين والطوب، وفيه غرف للتحقيق ، وخلال مدة الاعتقال كان سالوبيك يسجل ملاحظاته عن كل ما يحيط به.
وبرر سالوبيك دخوله غير الشرعي بأنه في بداية الأمر كان ينوي السفر للمنطقة الحدودية بين تشاد والسودان، لكنه اتخذ قراراً في اللحظة الأخيرة بدخول دارفور، فالمسؤولون في حكومة الخرطوم- كما يرى- شحيحون في منح تأشيرات الدخول للصحفيين الأجانب، وذكر في مقاله أيضاً أن الصحفيين الأجانب لسنوات كانوا يدخلون السودان من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وحاول في المقابل إثارة اتهامات بحق الخرطوم عبر حديثه عن أن اعتقالهم كان بمثابة رسالة تحذيرية لكل المراسلين الأجانب. واضاف:"الخرطوم فقدت صبرها من كثرة الأخبار السلبية التي تتناول قضية دارفور".
فى المقابل اتهمت السلطات السودانية سالوبيك بتمرير معلومات بصورة غير قانونية وكتابة أخبار كاذبة بالإضافة إلى دخول البلاد من غير الحصول على تأشيرة دخول.
لاحقاً تم إطلاق سراح سالوبيك وسائقه ومترجمه بناءً على عفو رئاسي شملهم به الرئيس البشير في التاسع من سبتمبر 2006 بعد أن التقى حاكم نيو مكسيكو بيل ريتشارسون التي ينتمي إليها الصحفي بالرئيس البشير.
ومن حديث سالوبيك حول تفضيل الصحفيين للدخول عبر المناطق التي يسيطر عليها المتمردون نجد أن أشهر من دخل السودان عبر هذه الطريقة هو المفكر والكاتب الصحفي الفرنسي هنري برنارد ليفي الذى دخل الجنوب عبر الجيش الشعبي وزار زعيم الحركة الشعبية الراحل د. جون قرنق فى العام 2001 ورحل معه لمنطقة قوقريال والتقى بمقاتلي الجيش الشعبي، ومن ثم تحدث مع بول مالونق قائد القطاع الشمالي بالجيش الشعبي بمنطقة قوقريال –التي وصفها بمدينة الأشباح-، قبل أن يجلس لساعات مطولة في منطقة (جبل بوما) مع قرنق، واستمع منه لخطط الحركة المستقبلية.
و بعد اندلاع أزمة دارفور غرباً تسلل ليفي في العام 2007 للإقليم, حيث قام بكتابة تقارير ادعى فيها وجود عمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية بصحيفة "لوموند" الفرنسية, و" الجمهورية الجديدة" الأمريكية. وقال في تلك التقارير إنه تسلل عبر الحدود مع تشاد قاطعاً 500 إلى 600 كيلومتر داخل دارفور بمساعدة من الحركات.
اللعب في المحظور
قصة أخرى لا تقل غموضاً وإثارة عن الأولى وهي تتحدث عن صحفية كندية الجنسية ومصرية الأصل تدعى هبة علي وهي التي أتت للخرطوم بصفتها الصحفية وكانت تمني النفس أن تجري تحقيق عن الصناعة العسكرية.. الحكومة عاجلتها بالإبعاد لمخالفتها لقوانين السفر والهجرة، وعدم حصولها على رخصة لمزاولة العمل والحكومة تطرح الأسئلة الصعبة عن من وراء هبة ولماذا تختار الكتابة عن الصناعة العسكرية في البلاد إلا أن هبة في روايتها لقصتها تقول إنها أتت إلى السودان بجواز كندي، عليه تأشيرة سياحية لمدة شهر ونصف الشهر. ولدى وصولها ذهبت إلى وزارة الإعلام ، فتم التعامل معها بصفتها صحفية زائرة لتمنح تصريحاً لشهر واحد، مما دفعها لمزاولة عملها وبعد أن طاب لها المقام
قررت البقاء فيه بشكل دائم، فشرعت من فورها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، عبر طلبات لمجلس الصحافة والمطبوعات ودائرة الهجرة ومكتب العمل. ثم تضيف هبة أنها اكتشفت إمكانية استخدامها لجوازها المصري الآخر، مما يوفر لها الكثير من المزايا، ويجعل حياتها تمضي في الخرطوم بصورة أكثر يسراً.
و شرعت هبة في فتح مكتب صحفي لمزاولة عملها خاصة أنها تراسل العديد من المؤسسات بكندا والولايات المتحدة. ووعدها المجلس بالنظر في طلبها، هبة لم تنتظر طويلا «واعترفت بذلك لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) التي تتعاون معها» حيث ذكرت أنها عملت في الشهر الأخير من إقامتها دون تصريح رسمي، لكنها اضطرت لذلك بعدما بدأت تحقيقاً حول الصناعة العسكرية، الأمر الذي توقف فورا بمجرد أن طلب منها مغادرة البلاد.
وتمضي هبة فى الحديث عن آخر لحظاتها بالخرطوم وتقول إنها ذهبت للسفارة الكندية لتشرح ما حدث لها، ثم رافقها القنصل الكندي إلى المطار ليجلس معها في غرفة الانتظار طوال ساعة ونصف الساعة مليئة بالهواجس والظنون. قبل أن تستقل الحافلة الداخلية بالمطار وهي تحت أعين السلطات المختصة، حتى وصولها للمدرج ومن ثم الطائرة.
وترد الحكومة السودانية على أن طرد هبة ليس له علاقة بعملها الصحفي، وتضيف أن المسألة متعلقة بجواز سفرها وتأشيرتها، وهو أمر يخص بطبيعة الحال دائرة الهجرة.
وفى سياق متصل يقول بيار أمبرواز من منظمة (مراسلون بلا حدود) في معرض تعليقه لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) على حادثة إبعاد المراسلة الكندية (إن المفارقة تكمن في أن السودان يشهد حالة من حرية الصحافة قياساً بالدول الإفريقية الأخرى). ويضيف أمبرواز أنه رغم إقرار الحكومة السودانية بحرية الصحافة ومنح الموافقة للمراسل الأجنبي مبدئياً، فإنها تشدد الإجراءات عملياً.
غير أن مديرة إدارة شؤون المراسلين الأجانب بالإعلام الخارجية السابقة سمية الهادي تؤكد توفير تسهيلات للمراسلين في عملهم، وتضيف أن هناك تجاوباً من مختلف المسؤولين في هذا الصدد. وتقول سمية إن الإجراءات التي يتم اتخاذها تأتي لتقنين العمل وتنظيمه بجانب مراعاة سلامة هؤلاء المراسلين، وقطعاً ليس بقصد تحجيم نشاطهم أو الحد من حريتهم. وتضيف أنهم يعملون عادة على لفت النظر أول الأمر في حالة مخالفة المراسلين أو تجاوزهم للوائح، وتلمح إلى أن بعض حالات الإبعاد قد تكون لأسباب غير متعلقة بالعمل الإعلامي.
عوامل جذب
ويرى مراقبون أن السودان أصبح في الآونة الأخيرة مركز جذب للمؤسسات الإعلامية العالمية، فأصبحت تبحث عن موطئ قدم لها بالخرطوم. وتشير الإحصائيات الرسمية - كما أمدني بها السيد محمد الأمين المسؤول بمجلس الصحافة والمطبوعات في وقتٍ سابق - إلى وجود أكثر من سبعة مكاتب مراسلين، بجانب أربعة وتسعين مراسلاً لمنافذ إعلامية خارجية بالسودان.
فيما تقول مديرة إدارة شؤون المراسلين الأجانب بالإعلام الخارجي السابقة سمية الهادي إن أزمة دارفور لعبت دوراً كبيراً فى جذب الانتباه الإعلامي نحو السودان، مما دفع بموجة كبيرة من الإعلاميين لزيارة السودان عامة ودارفور خاصة، في وقت فضلت فيه غالبية المؤسسات الإعلامية الاستعانة بخدمات سودانيين لذات الغرض لا سيما المقيمين به، لكسر حاجز اللغة العربية والعادات المحلية. وتضيف سمية أن المراسلين والمكاتب الإعلامية بالسودان أسهموا بشكل ما في رسم صورة إيجابية للسودان ولطبيعة الصراع فى إقليم دارفور. وأضافت في إفادة سابقة أن الدولة تعمل لتقنين عمل هؤلاء المراسلين عبر التنسيق بين ثلاث جهات هي إدارة الإعلام الخارجي والمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، ووحدة الإعلام بجهاز الأمن.
وتؤكد سمية أنهم حرصون على تسهيل العمل، وفقاً للأطر القانونية، وأنهم ساعدوا الكثيرين في الذهاب إلى دارفور للوقوف على حقيقة الأوضاع، وتضيف أن هذه التغطيات كانت أفضل من تلك التى تتم من خارج الحدود وتتجاوز الحقائق الموضوعية.
وتشير إلى أن اللوائح تفرض على من يود فتح مكتب صحفي تقديم خطاب إلى مجلس الصحافة والمطبوعات يحوي تصديقاً بالعمل، وعقد تأجير للمقر، بجانب صحفيين محترفين لا تقل خبرتهم عن الخمسة أعوام. ويلفت محمد الأمين من إدارة الصحافة بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات إلى جملة من الحقائق أبرزها أن هناك الكثير من المراسلين غير موفقين لأوضاعهم أو يعملون بصورة غير شرعية، خاصة المراسلين الموسميين الذي ينشطون مع الأحداث فقط. ويزيد الأمين أن قرابة ال(90%) من مراسلي الصحف والقنوات العالمية في السودان هم سودانيون.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الخرطوم لا تميل لطرد الصحفيين الأجانب إلا في حالات نادرة يكون الصحفي الأجنبي هو المسؤول عنها، ويشيرون إلى أنه فى هذه الفترة تتواجد بالسودان قرابة 84 جهة ومكتب إعلامي. ويدللون على حديثهم بالإشارة لواقعة عدم تجديد إقامة مراسل البي بي سي جون فيشل في مارس 2006، بعد أن اكتشفت السلطات أربع مواد تحريرية أعدها وأرسلها من شقته بالخرطوم 2 بينما كان يتحدث فيها بصيغة من تواجد في الإقليم، دون أن يشير لاتصال هاتفي أو غيره بل يقول إنه قابل النازحين وتحدث معهم، وقد تم إخطاره أكثر من مرة بخطورة ما يقوم به إلا أنه كان يصر على أنه سافر لهناك، وهنا يقع الصحفي فى أزمة أخرى فهو لم يلتزم بالترخيص الممنوح له فالتحرك في مناطق نزاعات لا يتم إلا بإخطار السلطات الأمنية، لذلك لم يكن مستغرباً أن يجد رفضاً لتجديد تأشيرته فيتم استبادله من قبل مؤسسته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.