سيد الأتيام يحقق انتصارًا تاريخيًا على النجم الساحلي التونسي في افتتاح مشاركته بالبطولة الكونفدرالية    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    إلى متى يستمر هذا الوضع (الشاذ)..؟!    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الزراعة ووالي ولاية الخرطوم السابق د. عبد الحليم المتعافي ل(مراجعات) ردة الحركة الإسلامية من ا
نشر في السوداني يوم 15 - 04 - 2014

وزير الزراعة ووالي ولاية الخرطوم السابق د. عبد الحليم المتعافي ل(مراجعات)
ردة الحركة الإسلامية من القومية صوب القبلية والجهويات تمت بوعي كامل.
لن أنسى هذه (...) الحالات التي ماتت على يدي كطبيب.
(ما داير أترشح في انتخابات) .. ولن أخوضها إلا إذا اقتضت ضرورة ملحة وملزمة.
قررت الاغتراب في السعودية بسبب (الفلس).
++
الحلقة الثالثة
+++
حاوره: الطاهر حسن التوم
++
قدم وزير الزراعة والغابات بولايتي النيل الأبيض والخرطوم الأسبق د.عبد الحليم اسماعيل المتعافي إفادات جريئة حول تجربته السياسية وحياته العلمية وتطرق الرجل خلال استفاضته في الحلقة الثالثة ببرنامج (مراجعات) الذي يعده ويقدمه الإعلامي الطاهر حسن التوم وفيما يلي تقدم (السوداني) تلخيصاً لأبرز الإفادات التي وردت بتلك الحلقة.
++
* ظاهرة الجمع بين الطب والسياسة في أوساط الإسلاميين لم تكن حكراً عليك فهناك المرحوم مجذوب الخليفة، غازي صلاح الدين، مطرف صديق، ابراهيم غندور، مصطفى عثمان اسماعيل، الطيب إبراهيم محمد خير فما مرد الظاهرة؟
ربما كانت ظروف الحركة الإسلامية التي دفعت بعدد كبير من منسوبيها في كليات الطب لمغادرة هذه المهنة النبيلة اضطرارا الى السياسة، وأنا أيام الجامعة لم أكن سياسياً وإنما كادر دعوي ولم تكن لي علاقة بالسياسة، كنت كادرا دعويا. وحين تخرجت من الكلية وذهبت الى بلدنا الدويم وبحكم أنني من جامعة الخرطوم أوكل لي قيادة مكتب الحركة في الدويم، وطبعا ذلك لم يكن خياري الشخصي وإنما خيار المجموعة والشورى التي كانت موجودة في تلك الفترة .
* هل تجاربهم ناجحة في السياسة؟
"ما بطالة" وأداؤهم إن لم يكن مساويا لإخوانهم الآخرين فهو متقدم عليهم. ولا تستطيع القول إنهم كانوا فاشلين في أدائهم السياسي، والى حدٍّ ما معقولون.
* يقال إن مهنة الطب لا تقبل الشريك؟
الى حد كبير، ولكن حدث أمر دفعنا الى دخول هذا المعترك وهو أن العامين 85-1986م شهدا مجاعة طاحنة. كنا نعمل في المستشفى وفي الأمسيات نتفرغ للعمل الإسلامي ساعة ساعتين في اليوم، وقتها حلت مشكلة كبيرة، مشكلة المجاعة في النيل الابيض وكردفان ودارفور وآلاف الأسر تزحف نحو النيل. واجتمعنا في المستشفى وتناقشنا وتوصلنا الى أننا نستقبل جوعى وليس مرضى، وما كان الدواء ينفع الجائع، ولذا قررت إدارة المستشفى أن يتفرغ (2) من الأطباء للبحث عن الغذاء، وهما د. عبد الله عبد الكريم جبريل أخصائي القلب المعروف في جامعة الجزيرة ومستشفى مدني، وشخصي الضعيف، وكنت تلميذه. أوكل إلينا مهمة البحث عن الغذاء وحين انقشعت المجاعة في 1986م بعد خريف جيد كانت الانتخابات على الأبواب فاضطررنا أن ندخل الى المعترك السياسي دون رغبة منا .
* نفهم أن الاختيار دون إرادتكم ودفعتكم الظروف فقط؟
أبداً. لم يكن لدي مزاج أو رغبة سواء في السياسة أو النيابة –البرلمانية- وكنت كادرا في العمل الإغاثي وطفت كل منطقة النيل الابيض وكنت أعرف (450) قرية في النيل الابيض وأعرف المشايخ من هذا الباب دخلنا، باب أننا مواجهون بهجمة جوع قاسية جداً في تلك الفترة واضطررنا أن ندخل الى الحياة الاجتماعية من أوسع الأبواب ونتعرف على المشايخ والقبائل والطرق الصوفية وجاءت فجأة 1986م فنظر الإخوان لمن يمكن أن يصبح نائبا.
* هل الخبرة العملية لدى د. المتعافي تجعل منه طبييا مميزاً؟
لا أستطيع أن أقول دكتور شاطر ولكن مقبول، وحين تخرجت كانت الكلمة التى تستعمل في ذلك الوقت ليست الطبيب الشاطر ولكن الطبيب الآمن الذي لا يخطئ أخطاء قاتلة.
* ألم يمت مرضى على يدك؟
كثيرون ماتوا في أيدينا، وهذه من التجارب التي لا تنسى. ومن أكثر التجارب مرارة على الطبيب أن يموت شخص تحت يديه وهو يعالجه، ويعتقد أنه كان عليه أن يبذل مجهوداً أكبر لإسعاف حياته فإذا أسعفت ألف نفس وضاعت نفس واحدة تحت يدك ربما لا تنسى النفس التي أزهقتها طوال حياتك.
* هل في حياتك حادث دفعك لأن تقول "ما داير طب عديل"؟
كنت طبيب امتياز في مستشفى الخرطوم وحضر شاب في منتصف العمر "نهاية الاربعينات وبداية الخمسينات- بأزمة "ربو". وكنت مشغولا إذ حضر في الذروة في حوادث الخرطوم وبدأت علاجه ثم انصرفت الى مريض آخر أيضا كان في حالة حرجة، وحين عدت الى الشاب وجدته بالكاد يتنفس فأخذته بسرعة الى غرفة العمليات لمزيد من الإسعاف، فلم أفلح، وما استطعت –حتى- أن أخرج من غرفة العمليات حيث الأوكسيجن متوفر وأجهزة المساعدة على التنفس متوفرة، وما كنت أقوى على تبليغ مرافقيه، وكان قادما من بيت "عزّابة" مع أصدقاء له، دون أن يرافقه فرد من أسرته، وتلك الحالة كانت من أكثر الحالات إيلاما عندي.
وحالة أخرى كنت طبيبا في مستشفى "شبشة" وتم إحضار طفل صغير ب "إسهال وطراش" فقمت بإدخاله الى العنبر. قررت إدخاله للعنبر لأني شعرت بأن حالته حرجة، فأصدرت التعليمات بما يجب أن يتم عمله ثم سافرت لمستشفى الدويم وتأخرت في العودة وعندما حضرت وجدته في اللحظات الأخيرة ومات في يديّ، وهاتان الحالتان عاجز عن نسيانهما بالإضافة الى حالة ثالثة أكثر منهما إيلاما.
* رغم ما يقال إن الأطباء ولكثرة ما شاهدوه أصبحوا في تصالح نفسي مع الموت؟
لو كان الطبيب يجزع كما يجزع الآخرون، لما استطاع ممارسة المهنة. المهنة فيها كثير من التحدي، ومناظر المرضى في لحظاتهم الأخيرة أو في حاجاتهم لإسعاف عاجل او قد يكون المنظر مريعا نحو أن ينزف المريض وقد ينزف في يديك، لذا ينبغي أن تتجمل بقدر وافٍ من رباطة الجأش وفي نفس الوقت عدم الاضطراب حتى لا تفقد المريض، وهذه ضرورة في الطبيب وتتأتى بالتدريب.
* كيف تنظر إلى ظاهرة الأخطاء الطبية واللغط الدائر حول تناميها سيما وأن البعض يردها الى ضعف سياسة المقاضاة في مقابل الحقوق؟
هي ظاهرة ليست حكرا على السودان، وإنما في البلدان الاسلامية عموما. فالناس تؤمن بالقضاء والقدر وحتى ان أخطأ الطبيب تتم مسامحته، لكن هذا السلوك لن يصمد طويلا. فالحياة تتغير نحو إدراك الناس لأهمية الحقوق، خاصة تجاه أخطاء الأطباء الناجمة عن إهمال فالطبيب يتعامل مع أعلى قيمة في الأرض وهي أرواح البشر، والأخطاء المرتبطة بحياة البشر خاصة الناتجة عن إهمال ليست مقبولة.
* الأطباء السودانيون يصادفون صيتا وشهرة في الخارج، في بريطانيا هنالك أعداد كبيرة منهم فلماذا يندر ذلك في داخل البلاد؟
السبب واضح جداً النظام "السيستم"، والسيستم في بريطانيا لا يسمح أن يعطي الطبيب عائدا مجزيا دون تجرد تام، وعندنا لا يوجد سيستم، ولذا لا تجد ساعات محددة للعمل في المستشفيات، وهناك أطباء يعملون أثناء ساعات العمل ومشاكل كثيرة، هنالك السيستم ليس في بريطانيا وحدها بل حتى في المملكة العربية السعودية، أما طبيب حر أو طبيب متعاقد مع الحكومة ولا يمكن الجمع بين الأختين. وهذه واحدة من إفرازات الوضع الاقتصادي السيىء للأطباء لدينا، ودفعهم للبحث عن أرزاقهم في عياداتهم الخاصة.
. ألم تجد الجبهة الإسلامية في انتخابات 1986م سوى عبد الحليم المتعافي لتدفع به في مغامرة كبيرة قبالة رجل بقامة خليل عثمان؟
خليل لم يكن في الصورة بادئ الأمر. ومشواري كما قلت سابقاً بدأ بالمجاعة والعمل الطوعي الإنساني، وأتيحت لنا وقتها وخلال أكثر من عام التجوال في ريفي النيل الأبيض ومعرفة الأعيان والمشايخ والطرق الصوفية والرعاة والأماكن والعادات والتقاليد، وهو أمر لم يتاح لأحد في الجبهة الاسلامية وقتها، فرأى إخواننا في مكتب الدويم وبعد نقاش طويل استثمار ذلك، ابتداءً قابلت ذلك بالرفض، ولم يفحلوا في إقناعي إلا بعد أن توسط الوالد إذ أفلحوا في إقناعه بأن يتحدث معي، فقبلت. والى وقتها لم يكن في الصورة خليل وكنا ندرك عدم قدرتنا على الفوز ولكن "عارفين دايرين شنو."
* وما الذي تريدونه؟
الانتخابات بالنسبة لنا سوق لعرض بضاعتنا، وترى من يقبلها من الشباب المستنير، ومن ثم تدير حوارا معهم وفي أغلب الأحيان ننجح في جعل جزء كبير من هؤلاء الشباب يلتزم بنهج الحركة الاسلامية والمشايخ أيضاً الذين لهم قدرة على استيعاب الأفكار الجديدة، وغير المتحزبين، فهي محاولة زيادة قاعدة الإسلاميين خاصة والاسلاميين لم يكونوا موجودين في المجتمع بصورة منداحة في كل أركان المجتمع وفي القرى والأرياف.
* غير متجذرين؟
غير متجذرين، كنا صفوة في المدارس والجامعات، وتلك كانت فرصة لندخل المجتمع من أوسع أبوابه، فتم الاختيار على ذلك، وكان المرشح للفوز هو مرشح حزب الأمة، فالمنطقة منطقة أنصار ثم يليهم في الحظوظ الاتحاديون أما الإسلاميون كانوا قليلين، ثم يأتي بعدهم أهل اليسار، وبالتالي ما كنا نظن أننا سنفوز، ولكن نظن أن بمقدورنا أن نحدث اختراقات ونتمدد شعبياً في القرى والأرياف والأصقاع، ولكن فجأة اتصل خليل عثمان بقيادات الأحزاب السياسية الكبرى في الخرطوم، وطلب أن يتنازلوا له ويترشح مستقل. ولم يحدث ذلك فقرر أن يخوض التجربة، ولم يكن لديه مشكلة في كسب أصوات مدينة الدويم وهي تعدل نصف أصوات الدائرة الانتخابية. وتبقت معضلة الريف التي يتصارع حولها حزبا الأمة والاتحادي وحدثت عوامل ساعدت خليل بانقسام قبيلتين كبيرتين مساندتين للأمة انحازت إحداهما له وبموجبها أصبح أمر فوزه محسوماً وحينما طلب من كل المرشحين التنازل له لعمره وخبرته باعتباره فوق الستين ولن تكون لديه فرصة ثانية للترشح رددت عليه بأننا لن نتنازل له لأنه بالحسابات فائز بفارق كبير ونحن لدينا أهداف أخرى.
* كان متخوفاً من أن تحصدوا أصوات الشباب؟
كان يعتقد أننا من مدينة واحدة وأهل ويمكن نقتسم أصوات الشباب، وكنا نعرف أن جزءاً كبيراً من الشباب صوتوا لخليل وفاءً لما قدمه من خير لأهل الدويم، وفعلاً فاز خليل، ورغم أنه تجاوز في الصرف واستخدم التاكسي الجوي في توزيع حلوى الماكنتوش للناخبين فإننا لم نتقدم بشكوى ضده. في النهاية فقد فاز خليل ب2 ألف صوت وسعدنا بفوزه وسعى لتقريب وجهات النظر بين الأحزاب الثلاثة وقتها (الأمة، الاتحادي والجبهة الإسلامية) وبعد دخوله للبرلمان بوقت وجيز مرض وانتقل بعدها لرحمة الله تعالى.
* للمال دور كبير جداً في مجال السياسة وحسم الانتخابات؟
بعد تلك الحملة وصلت لقناعة مفادها أننا بحاجة إلى زمن طويل لننجز ديمقراطية "راشدة" وكان للمال دور كبير في حسم تلك الانتخابات. وفي الديمقراطيات الغربية التي تعتبر أنموذجا للمال تأثيره ولكن في الغرب الإخراج جيد وبصورة ممنهجة وعلمية فلا تحس بالتخلف في العطاء المباشر لشراء الأصوات ولكن العطاء غير مباشر، والمال يلعب دورا كبيرا جدا في الانتخابات وفي السياسة. في زماننا كان الحال كذلك.
* هل خضت بعد انتخابات 1986م غمار أي تجربة انتخابية؟
بعد 1986م قررت عدم خوض الانتخابات مرة أخرى، وعوضا عن العمل السياسي من الأفضل للشخص أن يعمل للدعوة ولكن لاحقاً فرض على أهلنا في سنار حينما كنت وزيراً للصناعة الترشح في دائرة سنار الغربية منطقة (جبل الموية، ودود وبيوت، والسكر) لم يكن لي يد في الأمر، إذ اجتمع المؤتمر الوطني واختاروني مرشحاً وفزت بالتزكية ودخلت البرلمان لأول مرة وبعدها بأشهر عينت والي الخرطوم فقدمت استقالتي من البرلمان، وفي انتخابات 2010م اعتذرت خوض الانتخابات في مواجهة السماني الوسيلة باعتباره حليف للمؤتمر الوطني كما أنني لم أريد منافسته في دائرة واحدة وكما تعلم فإن الانتخابات فيها أجواء منافسة شديدة وتحدث فيها مشاكل ربما تؤدي لشروخ في الأسرة الممتدة والحمد لله فقد قبل الإخوة في المؤتمر الوطني فكرتي بالتنازل عن الدائرة للسماني ثم طلب مني الأخ محمد مندور المهدي الترشح في دائرة أمبدة فاعتذرت وقلت له: "كنت والياً للخرطوم واعتذرت، ما داير انتخابات وما داير أترشح) وأعتقد أنني يمكن أن أخدم في العمل السياسي دون ان أخوض الانتخابات، ولن أخوضها إلا إن اقتضت ضرورة شديدة وملحة وملزمة.
* حينما كنت والياً للنيل الأبيض جاءت بصات من الولاية الى المركز وهي وتقول لا نريد المتعافي واليا للنيل الأبيض ؟
ليست بصات، هما بصان صغيران وأتي بعدهما حوالي (10) بصات تقل حوالي (40 – 50) وجاء بعدهم (300) شخص، وحينما التقاهم الرئيس قال لهم: " لم يحصل لعبد الحليم براه، وأي والي جاء النيل الابيض اشتكوه" ثم أضاف لهم: "عبد الحليم ما نافع معاكم، أحسن لينا يجي الخرطوم" وقال لهم:"اشتكيتوا فلان وفلان وعدد لهم كل الولاة الذين سبقوا والمحافظين".
* حاولنا من الأسئلة السابقة إخضاع فرضية نجاح "ود المنطقة" في تولية المناصب في بلدانهم للتمحيص؟
هذا الكلام غير صحيح، وهي ردة في التفكير وساهمت في تعميق البعدين القبلي والجهوي، فحتى أغسطس 1997م كان اختيار الولاة قومي، وكان الحاج آدم والياً للشمالية، وعبد الله ابو فاطمة والياً في النيل الازرق وهو من البحر الأحمر، والمتعافي واليا في دارفور وهو من النيل الابيض، ومجذوب يوسف بابكر –عليه الرحمة- محافظا للدلنج وهو من الجريف، واخونا ابراهيم يحيى كان معتمد المتمة وهو من أبناء الفور، وأخونا عبد الله آدم محافظ حلفا من أبناء المساليت، وحمدون كان محافظا للدويم وهو من أبناء الزغاوة ومن ثم نائب الوالي في جوبا، وكانت النظرة قومية والتوزيع قومي، وتوفر البعد القومي الذي يجعل من السودان بلدا للجميع.
* إذن ما سبب الردة؟
السبب ردة في تفكير الحركة الإسلامية، وقيادة الحركة الاسلامية كانت تعتقد أنها تتواجد في البعد القبلي، وتعتقد أنه بمقدور البعد القبلي نصرة الحركة الاسلامية، وتم تركيز شديد على القبيلة والجهة، ونشأت في تلك الفترة حركة –كنت أشعر بها- لتجميع بعض القبائل، وإيجاد نفوذ سياسي للقبائل الكبرى في السودان برعاية من قيادة الحركة الاسلامية في الخرطوم، وهي الردة التي حدثت في الانقاذ في التحول من موضوع القومية لأبناء المناطق يحموا مناطقهم. ومباشرة حدثت مشكلات كبيرة بسبب ذلك، وحين بدأنا كأبناء مناطق في العمل بمناطقنا طرأت مشكلات لم تكن معروفة، وبدأت الاحتكاكات القبلية في الولاية الواحدة، "ديل جابوا ود القبيلة الفلانية" ومن ثم بدأوا في تبادل الولاة بالقبائل، وحتى الآن هذه القضية مستمرة وغير صحيحة.
* وما المخرج؟
أن نرجع للقومية.
* هل ذلك ممكن؟
ممكن، ويحتاج الأمر الى خيار سياسي. وأي خيار سياسي له ثمن، وثمن الخيار السياسي الخاطئ دفعنا فاتورته وتمثل في اتساع نفوذ القبلية والجهوية، والخيار السياسي الأصح - في تقديري- أن نعود الى القومية وأن يحكم أبناء السودان كل السودان، وأعتقد أن أنجح تجاربي كانت في سنار وبورتسودان ودارفور لأنني كنت في نظر المواطنين محايداً ولا يستطيع أحد أن يقول إنني مع طرف ضد الآخر، وأذكر من النكات التي قيلت وقتها إبان تولي ابراهيم منصب محافظ المتمة قول الجعليين (الدنيا انقلبت، المتمة خربها تعايشي وصلحها تعايشي)، إذاً لماذا ارتددنا لهذا الدرك؟!
* هل تمت تلك الردة بوعي؟
في رأيي تمت بوعي كامل.
* الحكم الاتحادي غذى الجهة والقبيلة؟
نعم، ولكنه أمر بحاجة لأناس أكثر خبرة مني بعلم السياسة.
* لماذا غادرت للسعودية وتركت السودان في 1986م؟
السبب بسيط جداً (الفلس).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.