تستخدم في جرائم الخطف والابتزاز.. المواتر والركشات.. النهب على الطريق العام! تقرير: هاجر سليمان لم تكن (م) تدري بأن هنالك من يتربص بها شراً، ولم يخطر ببالها قط أن تتعرض يوماً ما لتلك الحادثة، لقصر المسافة بين منزلها والشارع العام، فقد كان منزلها يبعد أقل من مترين من الموقع الذي تعرضت فيه لتلك الحادثة، فعند نزولها من المواصلات كانت تشعر بالإرهاق الشديد من جراء يوم عمل شاق، وتوجهت وهي تسير بخطى حثيثة ناحية منزلها، بينما كانت تضع حقيبتها على كتفها، وهي تنظر إلى منزلها، وآمالها المعلقة في الوصول والاسترخاء في أقرب فراش، ولكن آمالها تبددت حينما اقترب منها (موتر) ظنت في بادئ الأمر أنها تسبب له مضايقة، وأنها تسير في الطريق فتنحت جانباً، ولكن الموتر لم يتقدم وعندما التفتت لتنظر ولم تكد ترى شيئاً بل شعرت بيد تجتذب حقيبتها بقوة وتبتعد. ورغم أنها كانت متمسكة بحقيبتها، إلا أن يد المتهم الذي كان يجلس خلف سائق الموتر كانت أقوى، فسقطت هي أرضاً وابتعد الموتر مسرعاً، وقد أخذ حقيبتها كغنيمة في ذلك اليوم، فحاولت رغم سقوطها أن تلتقط أرقام لوحة الموتر، ولكن محاولاتها باءت بالفشل الذريع حينما لاحظت أن الموتر لا يحمل أي لوحات، ونسبة لوقوع الحادثة عند مغيب الشمس وقتها لم تتمكن من ملاحظة أوصاف المتهميْن الذين كانا على متن الموتر، الذي اختفى في أقرب زقاق ولم يعثر له على أثر. وكانت حقيبتها بداخلها موبايل ومبلغ مالي وأشياء أخرى مهمة فقدتها، لتبدأ معاناة اللهث خلف استخراج أوراقها الثبوتية التي ضاعت مع الحقيبة. تلك لم تكن أول جرائم خطف الشنط أو آخرها، تلك التي طالت فتيات وسيدات، ولكنها تمثل واحدة من عدد من الحوادث التي ترتكب بواسطة متهمين يمتطون دراجات نارية أو ركشات، لا تحمل لوحات ولا يمكن تمييزها. وتشير التقارير الجنائية إلى تزايد الجرائم التي ترتكب باستخدام الدراجات والركشات، والمتمثلة في ترويع المواطنين وخطف الحقائب وبلاغات السرقات المتعلقة بالمواتر والركشات؛ ففي الأيام الماضية أوقفت شرطة أمبدة اثنين من المتهمين بخطف حقيبة سيدة أجنبية أثناء سيرها في الشارع العام، وكانت السيدة وهي بائعة شاي أثناء سيرها في الشارع العام تفاجأت بالرجلين، وكانا على متن موتر بلا لوحات، قاما بخطف حقيبة يدها إلى أن سقطت أرضاً ولاذا بالفرار، لتقوم بإبلاغ الشرطة التي سارعت بتمشيط المنطقة، وتمكنت من ضبط المتهمين الاثنين والموتر، الذي تم حجزه وعثر بحوزتهما على الموبايل وبطاقات الشاكية بجانب المبلغ الذي كان بداخل الحقيبة، وقاما باقتسامه بينهما حسب إفاداتهما، وأقرا بارتكابهما الجريمة، ليتم تدوين بلاغ في مواجهتهما، ويجري إكمال ملف الدعوى لإحالتهما للمحاكمة. قصة أخرى بينما كانت تسير (د) وصديقتها (أ) في طريقهما إلى البوتيك مساءً، عقب صلاة المغرب مباشرةً، وبمنتصف الحي بمنطقة جبرة تفاجأتا بركشة تقترب منهما، وكان على متنها (4) أشخاص وفيهم سائقها وكانت إحداهما تحمل هاتفها الجوال فتفاجأت بأحدهم يجتذبه من يدها محاولاً أخذه عنوة فتمسكت به وتشبثت، وأمسكت بها صديقتها، إلا أن الرجل كان قوياً وأحكم قبضته على الموبايل، وكانت الركشة تسير مسرعة فسقطت الفتاتان أرضاً وسحبتها الركشة إلى مسافة طويلة، إلى أن أصيبت بكدمات وجروح وتسلخات من جراء تشبثها بهاتفها، وعندما استشعرت خطورة تلك العصابة، أطلقت العنان لهاتفها فأخذه المتهم في يده، واختفت الركشة في أقرب شارع وعادت إلى المنزل وملابسها المتسخة والممزقة تحكي ما جرى لها. حملات مكثفة كان للإعلان الذي أعلنته شرطة المرور بحجز المركبات غير المرخصة، والتي لا تحمل لوحات، أهميته القصوى في خفض تلك الحوادث، فقد حذرت شرطة مرور ولاية الخرطوم من المركبات التي لا تحمل لوحات خاصة المواتر والركشات، وأصبحت تشكل هاجساً أمنياً على مستوى الولاية الجنائي والمروري، والتي يقودها متفلتون بغرض تنفيذ مخططات إجرامية تتمثل في خطف الحقائب والموبايلات وعمليات النهب، وظلت تشن حملات يومية تسفر عن ضبط عشرات الدراجات التي لا تحمل لوحات. وعقب تفاقم ظواهر خطف شنط السيدات، وخطف الموبايلات من قبل مجهولين يستغلون المواتر؛ تم تشكيل أتيام من شرطة المرور والمباحث والجنايات وإطلاق عدة حملات انتظمت أجزاءً مختلفة من العاصمة القومية باعتبارها الأكثر تضرراً بالظاهرة، واعتبرت الحملات التي نظمتها الشرطة من أنجح الحملات، وتم خلالها حجز أكثر من (650) موتراً لا يحمل لوحات، ورفضت شرطة المرور إطلاق سراح تلك المواتر، إلا بإثبات ملكيتها وإزالة المخالفة بترخيصها، فكان أن أثبت عدد من أصحاب تلك المواتر ملكيتها وأحضروا المستندات التي تثبت صحة ادعائهم، ليتم ترخيص المواتر وتسليمها لهم، إلا أن هنالك أعداداً كبيرة من المواتر لم يحضر أصحابها مجدداً منذ حجزها لفشلهم في إثبات ملكيتها، بل ولم يذهبوا مرة أخرى للسؤال عن تلك المواتر، وذلك مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت تلك المواتر مسروقة أو مطلوبة لدى العدالة. استبعاد الأجانب لم يقف الأمر عند حجز المركبات فحسب؛ بل إن قوات الشرطة وحفاظاً على أرواح المواطنين نفذت التوجيهات الصادرة من رئاسة الشرطة باستبعاد الأجانب ومنعهم من قيادة الركشات، نسبة لتزايد الجرائم المرتكبة من قبل جانبهم، خاصة جرائم الخطف والسرقات والنهب باستخدام المواتر والركشات، وكان أن استدعت الشرطة كل الأجانب الذين يقودون ركشات، وتم منعهم واستبعادهم نهائياً من قيادتها، كما أن شرطة المباحث وضعت قائمة تحوي أخطر معتادي الإجرام الذين تخصصوا في ارتكاب الجرائم باستخدام الركشات والمواتر. وقالت مصادر ل(السوداني) إن (80%) من معتادي الإجرام تم ضبطهم، والآن بداخل السجون لقضاء مدة العقوبات التي أوقعتها عليهم المحاكم المختلفة، كما أكدت المصادر أن تلك الحملات ستستمر خاصة في الفترات المسائية، فستقوم الشرطة بنصب كمين في المواقع المتضررة من جرائم المواتر والركشات، وسيتم الإيقاع بالمركبة والمتهمين وحجزها نهائياً، بجانب تقديم المتهمين للعدالة، وكان لذلك الإعلان أثر كبير في هروب الدراجات النارية والركشات غير المرخصة، والتي لا تحمل لوحات من عدد من الأحياء التي تنشط فيها الشرطة. سريعة وخفيفة في السابق كان معتادو الإجرام -خاصة عصابات النهب- يميلون لتنفيذ جرائمهم في الفترات المسائية، وفي الشوارع الخالية من المارة لتنفرد بالضحية وتقوم بنهبها ومن ثم الهروب، أما الآن مع انتشار تلك الأنواع من الجرائم التي ترتكب باستخدام الدراجات النارية والركشات فإن المتهمين يستغلون الركشة والموتر لخفتها وسرعتها، كما أن بعض الجرائم أصبحت ترتكب بوضح النهار وليس ليلاً، وأمام أعين المارة، ويختفي المتهم قبل وصول المواطنين إليه باستخدام الركشة أو الموتر الذي لا يحمل لوحات بحيث يصعب تمييزه وكشفه، إذ يستخدم المتفلتون تلك الآليات الصغيرة غير المعرفة بلوحات مرورية، في جرائم خطف حقائب السيدات والموبايلات؛ ففي حالة المواتر يكون على متن الموتر عادة شخصان أحدهما يقود الموتر والآخر يجلس خلفه ليخطف الحقيبة أو الموبايل ويكونان عادة موجوديْن بالشارع المقصود وينتظرون وصول ضحية "مطرفة" تنتظر المواصلات أو في طريقها إلى المنزل، ويقوم الراكب الخلفي باجتذاب الحقيبة بعنف أو الموبايل، وكثيراً ما يضطر مع سرعة الموتر لسحب الضحية أرضاً عقب إسقاطه والتسبب لها في الأذى والجراح. أما الركشات فيكون على متنها عادة ثلاثة أو أربعة متهمين، ويذكر أن هنالك عصابات متفلتة تستخدم الركشات للوصول إلى مقر ضحاياها وعقب ارتكاب الجريمة يلوذ أفرادها بالفرار. فاقد تربوي الخبير الجنائي اللواء (م) عطا عبد الحميد الجاك، يقول إن الدراجات النارية والركشات تستخدم غالباً في ارتكاب جرائم خطف الموبايلات والحقائب، وغالباً ما يكون المتهمون عبارة عن شخصين يقومان باستهداف الأحياء الطرفية والشوارع المظلمة والهادئة. ويركز المجرمون في الغالب على ارتكاب جرائم تستهدف شريحة الفتيات كخطف حقائبهن أو الموبايلات. وأضاف عطا ل(السوداني) أن معظم المجرمين الذين يستخدمون تلك المركبات لأغراض النهب والخطف، هم من الفاقد التربوي، مشيراً إلى أنهم يتعلمون قيادة تلك الأنواع من الدراجات النارية والركشات بمناطق محددة درجت على تعليم المواتر للراغبين، مطالباً السلطات الأمنية بضرورة مراجعة تلك المناطق المنتشرة ببعض الميادين والأحياء الطرفية، التي تقوم بتعليم الطلاب والفاقد التربوي و(الشماسة) كيفية قيادة الدراجات النارية نظير مبالغ مالية بسيطة يدفعها راغب التعلم، وهذه المناطق تكمن خطورتها في أنها تعلم قيادة الدراجات لكل أنواع الشباب، وقد يكون بينهم فاقد تربوي وآخرون لديهم ميول إجرامية ينوون تعلم قيادة الدراجات لاستخدامها في ارتكاب جرائم الخطف. وأضاف عطا أن هنالك بعض المركبات تستخدم لوحات مزيفة، وأخرى تستخدم لوحات عليها علم السودان يجب مراجعتها جميعاً، وتضافر الجهود للحد من الجرائم التي تستخدم فيها المركبات رغم صعوبة متابعتها. جرائم أخلاقية يقول المستشار القانوني مجاهد عثمان عمر، إن الجرائم التي يتم فيها استخدام أدوات النقل السريعة أو الخفيفة كالمواتر والركشات عادة ما تستهدف الجرائم الواقعة على الأموال كجرائم النهب والخطف، ونجد في الآونة الأخيرة أن بعض الشباب المراهقين يستخدمون المواتر في الكثير من الجرائم مثل جرائم انتحال صفة الموظف العام وذلك بالادعاء بأنهم ينتمون لإحدى القوات النظامية باعتبارها أكثر الجهات استخداماً للمواتر لعناصرها، ويقوم المتهمون بالانتحال بتهديد الضحية وابتزازه وتهديده بفتح بلاغ في مواجهته خاصة إذا كان الضحية عثر عليه في وضع مخل أو أماكن نائية، وتحوم حوله شبهة فيطلبون منه تقديم فدية بقولهم (خارج نفسك)، وهنالك واقعة مماثلة وقعت بمحكمة أم درمان حيث دارت الوقائع بمنطقة المويلح جنوبأم درمان، وكان المتهم قد استخدم موترا وأصبح يرهب سائقي المركبات غير المرخصة خاصة البكاسي ويدعي أنه يتبع للشرطة ويأخذ منهم أموالاً، وكذلك هواتفهم، فكان يرتكب جرائم انتحال صفة الموظف العام والاحتيال والابتزاز. أما الركشات فهنالك بعض الركشات تستخدم في ارتكاب جرائم الآداب كجريمتي الأعمال الفاضحة والأفعال الفاحشة، بجانب نقل الخمور وترويجها وجرائم خطف حقائب السيدات والموبايلات، إذ أن الركشات يمكن تغطيتها بمشمعات على جوانبها تسهل مهامها وتخفي ما بداخلها. وقال مجاهد إنه ولمكافحة مثل هذه الجرائم، فلا بد من جهود مضاعفة بإنشاء نقاط مراقبة على الطرقات والتشديد على التفتيش وإخضاعها للترخيص، وحجز غير المرخصة، والتي لا تحمل لوحات بجانب مراجعة مستندات ملكيتها والتحقق من هوية أصحابها وسائقيها.