أحياناً يجثم القلم في صمت عن الذي يجري من أشياء غريبة ودخيلة على المجتمع السوداني في بلادنا فجامع الخليفة عبد الله التعايشي، الذي شيده وأشرف عليه وبمساعدة سواعد الانصار، تم تشييد هذا الجامع العتيق والمعتق بحلاوة وطلاوة القرآن الكريم وظل المصلون يدوامون الصلاة بداخله.. "75"خمسة وسبعون ألف مصل عند صلاة الجمعة. في الماضي وبعد معركة كرري أرادت الإنجليز أن يحولوا هذا المسجد العتيق إلى مربط للخيل "أصطبل" لكن العلماء تصدوا للسلطان ووقفوا في وجههم ورفضوا هذه الفكرة الاستعمارية فتراجعت السلطات عن قرارها ثم حاولت أن تحوله إلى سوق تجاري لكن التجار رفضوا ذلك ، وقالوا للحاكم العام البريطاني "تهدم بيوتنا ولا تهدم بيوت الله" ثم حاولت السلطات أن تجعله ميداناً لتحوله بعده إلى ساحة للعب واللهو وكذلك تصدى لهم العلماء في هذا الشأن إذ أن هذا الجامع ظل الخليفة عبد الله التعايشي يؤم المصلين بداخله ستة عشر عاماً لم يغب يوماً واحداً عن أداء الصلاة فيه. وعندما جاء النظام المايوي العسكري أقام بداخله نصبا تذكاريا ظل قائماً إلى يومنا هذا. وكان النظام المايوي يريد الاستيلاء عليه بعد وقوع أحداث ودنوباي الدموية في مارس 1970م، والتي امتدت آثارها حتى الجزيرة أبا حينما تصدى له الإمام الشهيد الهادي المهدي والشريف حسين الهندي بأم درمان والشهيد محمد صالح عمر يوما تصدى لجبروات وطغيان النظام المايوي الغاشم ازاء هذا الجامع العتيق. قبل أيام خلت قامت ولاية الخرطوم بإدخال أكثر من أربعمائة بص لساحة الجامع ودون الرجوع إلى مشورة لجنته أو الاستئذان منهما وفوجئ الناس بوجود هذه "الباصات" داخل ساحة الجامع، الامر الذي اثار حفيظتهم وحفيظة المسؤولين عن إدارة الجامع وعلى رأسهم اللجنة. إن هذا المسلك الذي سلكته الولاية لا يمت للحضارة بشيء!! فأين هو المشروع الحضاري الذي ظلوا يتحدثون عنه؟ ففي هذا انتهاك صارخ لحرمة المساجد. إن هذا المسجد ليس هدفاً للمزاولات فلا تجعلوا من ساحته "موقف بصات" حتى ولو كان مؤقتاً، ثم كيف تقوم الولاية بذلك دون الرجوع إلى الجامع؟ فلمصلحة من يجعلون من ساحة المسجد "جراجا" للباصات؟ هذا أمر غير مقبول من قبل عامة الجماهير فقد ظلت ساحة المسجد تقام عليها الاحتفالات الدينية كذكرى المولد النبوي الشريف وأداء صلاة العيدين وكذلك كل المناسبات الوطنية فالساحة للمسجد تعتبر بوابة دينية وبوابة وطنية فلا تعتدوا على هذه الساحة والاعتداء عليها اعتداء على حرم المسجد. اتقوا الله يا ولاة الأمور وارفعوا أياديكم عن جامع الخليفة .