:: القصة معروفة.. حمار و نسر ترافقا في رحلة جوية على متن طائرة ..وعلى ارتفاع شاهق، شرع النسر في توجيه القائد بسخرية : (لف يمين، لف شمال، دوس فرامل، أدي أبانص، و..)..فإستاء القائد، وأمر أفراد التأمين بالطائرة بإسكات النسر، فقذفوه بالنافذة..وقبل أن يواصلوا رحلتهم، لم يتعظ الحمار من درس النسر، فشرع يوجه القائد : (لف يمين، لف شمال، أدي أبانص، دوس فرامل، قدامك خور، و..)..فاستاء القائد وأمر أفراد التأمين بإسكات الحمار أيضاً، فقذفوه بذات النافذة التي قذفوا منها النسر.. بالخارج، وقبل الأرض بنصف ميل، سأل النسر رفيقه : (بتعرف تطير؟)، فأجاب الحمار متوجساً : (لا والله، الحل شنو؟)، فغادره محلقاً وقائلاً : (لو ما بتعرف تطير، الشلاقة العليك شنو ؟) :: وقبل شهر تقريباً، احتفى اتحاد عمال السودان وملأ الصحف فرحاً بما أسماها باتفاقية زيادة أجور العاملين بالقطاع الخاص .. كان قد وقعها اتحاد عمال السودان مع وزارة تنمية الموارد البشرية واتحاد أصحاب العمل، ولم يكشف عن تفاصيل الاتفاقية ونسبة الزيادة بحيث يعرف العامل بالقطاع الخاص (مرنبه بقى كم؟).. وكتبت معلقاُ عن هذه الاتفاقية بأنها (كلام ليل) و(طق حنك) و(لن تُنفذ)، لأن تلك الأطراف الثلاثة يمثلون في الاتفاقية (من لايملك)، أي بالدستور والقانون لايملكون حق (زيادة الراتب)..وقد كان، أي لم تحدث أي زيادة في مرتبات العاملين في القطاع الخاص.. والمُضحك في الأمر، لتغطية عجزه عن زيادة الأجور، خرج اتحاد عمال السودان للناس والصحف قائلاً بمنتهى الذكاء : لقد رفعنا الحد الأدنى لأجر العامل بالقطاع الخاص إلى (450 جنيهاً)..هكذا أظهروا الإنجاز، وكأن هذا الحد الأدنى - قبل الاتفاقية - كان أقل من (100 جنيه).. علماً بأن العامل بالقطاع الخاص لم يطالب الاتحاد بزيادة أجره، ولكنها (الشلاقة)..!! :: و اتحاد عمال السودان ذاته، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للأجور، أعد دراسة قبل أشهر و حدد فيها الحد الأدنى لأجر العامل بالقطاع العام ب (1.947 جنيها)، لمجابهة غلاء الأسعار ورسوم المدارس وغيرها من متاعب الحياة..وكان الاتحاد قد وعد عمال السودان قبل الشروع في إعداد الدراسة بإلزام الحكومة ووزارة ماليتها بنتائج الدرسة و(حدها الأدنى).. ولكن البارحة، في إطار الإحتفال باليوم العالمي للعمال، يتحدث رئيس اتحاد العمال عن تلك الدراسة وحدها الأدنى قائلاً بالنص : (تطبيق الحد الأدنى للأجور - 1.947 جنيهاً - مستحيل، وزيادة الحد الأدنى إلى هذا المبلغ تعادل ثلاثة أضعاف ميزانية الدولة، ولذلك التطبيق مستحيل)، هكذا لسان حال الاتحاد ..كان قد وعد العمال بإلزام الحكومة بتطبيق هذا (الحد الأدنى) ، ولكن - فجأة كده - صار التطبيق مستحيلاً.. علماً بأن العامل بالقطاع العام لم يطالب الاتحاد بهذا المبلغ، ولكنها (الشلاقة)..!! :: وبالمناسبة.. (شلاقة الاتحاد)، لم تعد محلية.. وكمثال، نقرأ ما يلي نصاً : (الشركات العابرة للقارات لا تراعي الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للعمال، وتلجأ إلى أسلوب فصل العمال في كل يوم و في كل شهر، وهذه الشركات العابرة تنهب ثروات الشعوب)، هكذا تحدث رئيس اتحاد عمال السودان لصحف البارحة، أي فجأة (بقي زول عالمي)..اتحاد فريد من نوعه، وعد عمال القطاع الخاص بزيادة أجورهم و (عجز)، ثم وعد عمال القطاع العام برفع الحد الأدنى لأجورهم و(فشل)، ولذلك شرع يدافع عن ثروات الشعوب التي تنهبها الشركات العابرة للقارات، أي تجاوز القضايا المحلية إلى (شلاقة دولية)..!!