في الأسبوع الماضي نظمت وزارة العلوم والاتصالات بالتعاون مع المجلس الوطني ورشة عمل حول الجريمة الالكترونية. مع كامل الاحترام والتقدير لمنظمي الورشة فإننا نعتقد أن وضع مؤسساتنا ووزاراتنا وقطاعنا الخاص من استخدام التكنلوجيا في مهامها وأعمالها هو الأجدر بالاهتمام والبحث والمتابعة. أغلب الظن أن تنظيم ورشة للجريمة الالكترونية جاء مسايرة لما تورده بعض الصحف والوسائل الاعلامية، بإثارة مقصودة، لجرائم محدودة مختصة بانتهاك الخصوصية أو الاحتيال بالرسائل الالكترونية وغيرها. وهذه كما قال الفاتح عز الدين رئيس المجلس الوطني، في الورشة ذاتها، مسائل محدودة وغير مؤثرة لا مجتمعياً ولا سياسياً ولا اقتصادياً. ان الأولى بالاهتمام في وزارة مهمة كوزارة العلوم والاتصالات ولمؤسسة مهمة كالمجلس الوطني معرفة كيف نفذت الأجهزة الحكومية مقتضيات الخطة الخمسية (2012-2016) في مجال الاتصالات وتقانة المعلومات. إن هذه الخطة، ونحن الآن في منتصفها، تنص على العمل على الوصول الى مجتمع معرفى شامل وتحويل السودان الى منطقة منتجة ومستخدمة ومصدرة للتقنية المتطورة للاتصالات والمعلومات اقليمياً. وتعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبناء الحكومة الإلكترونية والتحول الى مجتمع المعرفة. وتوطين وتحديث صناعة وتقانة المعلومات والاتصالات. وتوصيل خدمات الاتصالات الى جميع مناطق الدولة. وجعل مجال الاتصالات جاذباً للشركاء من قطاع عام وخاص ومؤسسات دولية. وتطوير محتوى المواقع الالكترونية والنشر الالكترونى وتهيئة الظروف التقنية الملائمة (التنوع اللغوي). وتطوير آليات حماية وتأمين سلامة الاتصالات والمعلومات. تركنا الخطة الاستراتيجية هذه كلها لنركز على بندها الأخير (تطوير آليات حماية وتأمين سلامة الاتصالات والمعلومات). لقد انتهينا الى الاستراتيجية أعلاه بعد تطورات هامة، ففي العام 2006 أقر بنك السودان خطة التقنية المصرفية. ووجه البنوك بتركيب وتشغيل نظم التقانة المصرفية. وفي العام 2007 صدر قانون المعاملات الالكترونية. وأعقبه في نفس العام قانون جرائم المعلوماتية. وأُقرت في العام ذاته استراتيجية مجتمع المعرفة، وأضيفت كأحد ركائز الخطة الخمسية 2007-2011 للاستراتيجية القومية الشاملة. وتم الشروع وبحماس كبير في تنفيذ بعض التطبيقات داخل المكاتب الحكومية مثل نظام الحزمة الحسابية ونظام شئون العاملين ونظام ادارة المكاتبات. كما تم تطبيق المحول القومي للقيود ونظام المقاصة الالكترونية في النظام المصرفي. وفي العام 2008 أصدر مجلس الوزراء الاتحادي قراره رقم 350 الذي وجه فيه بتحويل كل المرتبات الحكومية لتصرف عن طريق بطاقات الصراف الآلي، كما وجه باستخدام نقاط البيع في نقاط التحصيل الحكومية خصوصاً في الجمارك والضرائب، ووجه كذلك بتنفيذ نظام الخزانة الواحدة أو ما يطلق عليه بالانجليزية Treasury Single Account (TSA). وفي العام 2009 تم تخصيص وزارة للاتصالات وتقانة المعلومات وهي الوزارة، التي الى حين إلغائها، لم تتح لها الفرصة الكافية ولا التمويل المناسب لإنفاذ مشروعاتها المدروسة وعلى رأسها مشروع الحكومة الالكترونية. إن متابعة تنفيذ هذه القضايا الهامة هو ما ينبغي على المجلس الوطني الموقر، ووزارة العلوم والاتصالات المحترمة الاهتمام به عوضاً عن الانشغال بمسألة جانبية هي جرائم المعلوماتية. وعلى أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة المالية أن تعلم ان تطبيقات التقانة في مختلف مجالات عمل الدولة ليست ترفاً فكرياً، أو صرفاً بذخياً، بالعكس من ذلك هي السبيل الوحيد لتحقيق شعار خفض نفقات ادارة الدولة، وهي من مستلزمات تحديث ادارة الدولة، وخفض تكلفة الانتاج في مختلف المجالات، وتوسيع المظلة الضريبية وزيادة كفاءتها. وهذه هي التحديات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد السوداني في الوقت الحالي. وأنا على يقين تام أن الدكتور بدر الدين محمود وزير المالية الحالي على علم تام بهذه القضايا وبتحدياتها لذا أنا متفائل بالمستقبل في هذا المجال. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته