** مادة عند نيابة الصحافة- كما أقراص البندول - تُستخدم عند (اللزوم)، أي عندما تُصيب الصحف أجهزة الدولة بالصُداع.. حظر النشر في القضايا التي تثيرها الصحف قبل أن تصل ملفاتها إلN قاعات المحاكم، كان منسياً ثم - فجأة كده - رجع منذ البارحة بقوة..بأمر نيابة الصحافة وبعلم مجلس الصحافة، تم حظر النشر في قضية مكتب والي الخرطوم، وكذلك بأمر النيابة وبعلم مجلس الصحافة تم حظر النشر في قضية عقد جوهرة سنار، وهذا عقد مخالف لضوابط العقود الحكومية، حسب تقرير الإدارة القانونية بولاية سنار..هكذا الحال قبل أن يمضي الشهر على إطلاق سراح الحريات..قضية وأخرى تم حظر نشرها، ونترقب حظر النشر في قضية أراضي وكيل وزارة العدل أيضاً.. !! :: وعليه.. نرى، وكذلك السواد الأعظم من أهل القانون، بأن حظر النشر الصحفي يجب أن يتم بواسطة سلطة قضائية، كما يحدث في معظم دول العالم الثالث والأخير، وليس بواسطة سلطة نيابية، أو كما يحدث في دولتنا الطيب أهلها.. وليتأمل ولاة أمر العدالة في بلادنا بأن حد طموحنا لم يرتق إلى حيث ما يحدث في دول العالمين الأول والثاني، بل غاية طموحنا هي أن نفعل كما تفعل دول العالم الثالث والأخير، إذ قوانينها تحظر النشر في بعض القضايا بعد أن تتجاوز ملفاتها مرحلة التحري إلى مرحلة القضاء، أي يتم الحظر بأمر قضائي .. ولكن هنا - يا كافي البلا - يتم الحظر في ساعة ضحى وبجرة قلم في مرحلة التحري بأمر نيابي..!! :: فالتحري، بالفهم البسيط جداً، مرحلة إجرائية لجمع البينات والمعلومات من طرفي القضية مباشرة ، فكيف يتأثر هذا الجمع - سلباً أوإيجاباً - بما تنشره الصحف عن تلك القضية، علماً أن المعلومات والبينات تجمع من طرفي القضية وليست من الصحف ..؟..ثم النيابة هي التي تقرر تحويل القضية إلي المحكمة أو شطبها أو حفظها، ولا تفعل ذلك إلا وفق ما لديها من بينات ومعلومات تحصلت عليها من طرفي القضية وشهودهما، فكيف يتأثر هذا القرار - تحويلا كان أو شطباً أوحفظاً - بما تنشره الصحف، طالما أن الصحف ليست مصدراً معلوماتياً مؤثراً في القرار النيابي ؟..هذا السؤال وما سبق، هما مصدر الحيرة التي تؤرق عقل الصحافة وأهل القانون حين تصدر نيابة ما أمراً بحظر النشر في قضية ما بتبرير (حتى لايؤثر في سير التحري) ..!! :: نعم ، نفهم - ونتفهم - أن النشر (قد) يؤثر في مرحلة التقاضي..ثم نفهم - ونتفهم - أن للسلطة القضائية مطلق الحق في توفير المناخ الذي يحقق العدالة.. وإن كان حظر النشر بعضاً من هذا المناخ المطلوب، فلا ضرر ولا ضرار بأن تلتزم به الصحف بكل احترام وتقدير ..هذا ليس محل خلاف، ومعمول به في معظم بلاد الدنيا والعالمين ..طبعاً مع اختلاف التقديرات، حيث لكل دولة سلطة قضائية تزن قضايا العباد بميزانها، ثم تقرر أية قضية هي التي يجب حظر نشرها ثم أية قضية هي التي لاتتأثر بالنشر؟.. ورغم إختلاف التقديرات والموازين، فلكل تقدير تقدير عند الصحف وكذلك لكل ميزان احترام..وعليه، فالحديث ليس عن السلطات القضائية في (المنح والمنع)، ولكن عن سلطة النيابات - بما فيها نيابة الصحافة - في هذا (المنع الراهن)..لقد خرجت الرقابة الأمنية بالباب، وليست من الحرية أن يدخل الحظر النيابي بالنافذة.. !!