:: لم يكن جحا ذكياً، عندما باع نصف منزله، واستأجر هذا النصف المباع من الشاري وأقام فيه، ثم باع النصف الآخر، وخرج للناس قائلاً: (هكذا يجب أن يُدار الاستثمار، لينجح). ربما راق نهج العم جحا للسادة بوزارة النقل وإدارة شركة سودانلاين، ولذلك نفذوه بالحذافير.. لعلكم تذكرون، كتبت يوم الثلاثاء الفائت أن إدارة شركة سودانلاين، باعت كل أسطولها (15 باخرة)، باخرة تلو باخرة، ولم تتبقَّ في أسطول الشركة غير النيل الأبيض ودارفور.. ثم باعت هذه وتلك أيضاً، كما قال مدير عام الشركة لصحف الإثنين الفائت!!. :: كيف تُباع البواخر؟.. بيع البواخر يختلف عن بيع الثوم والبصل، وكذلك يختلف عن التخلص من الأثاثات المنزلية القديمة.. فالكوادر الهندسية والفنية العاملة بالشركة، هي (صاحبة القرار)، وليست إدارة الشركة.. نعم، في كل دول الدنيا والعالمين، قبل بيعها، تُخضع الباخرة المستهدفة للفحص الهندسي والفني، وبعد التقرير الفني، يتم اتخاذ القرار الإداري بالتخلص من الباخرة أو صيانتها وإبقائها في الأسطول. النيل الأبيض ودارفور، آخر باخرتين تم التخلص منهما في الأسبوع الفائت، عرضتا على الإدارة الفنية بالشركة للفحص ثم اتخاذ القرار. :: بعد فحص الباخرتين دارفور والنيل الأبيض، بتاريخ 25 أبريل 2012، كتب المهندس تاج السر بكري، مدير الإدارة الفنية بالشركة، التقرير التالي: (لم يحدث أن عوضنا أية باخرة بيعت من قبل، ودارفور والنيل الأبيض ليست بهما عيوب أو أعطال فنية تمنع تشغيلهما تجارياً، ومرفق تكلفة تشغيلهما، وحالتهما الفنية هي نفس الحالة الفنية التي كانتا تعملان بها السنوات السابقة، ولم يستجد عليها شيء، ويمكنهما حالياً أن تعملا تجارياً وتحققا أرباحاً، وهناك الكثير من العروض التجارية في المنطقة.. وفقنا الله لما فيه الخير/ مدير الإدارة الفنية بشركة سودانلاين). :: هذه بعض نصوص التقرير الفني بالشركة، والتقرير من ثلاث صفحات، باللغتين العربية والإنجليزية، ويعرض حال البواخر بمهنية عالية، ومرفق معها المطلوب - إدارياً وتجارياً - لإعادة تشغيل البواخر، بحيث تحقق الأرباح.. وللأسف، كل التقرير يدحض تبرير إدارة الشركة بعدم صلاحية البواخر، ويُكذب جرس مزادها القائل (البواخر غير صالحة).. نعم، فالتقرير الفني يؤكد سلامة النيل الأبيض ودارفور وقدرتهما على الإبحار وتحقيق الأرباح للناس والبلد.. والأدهى والأمر، قالت الإدارة الفنية بسودانلاين في تقريرها ما يلي بالنص أيضاً: (الباخرة دارفور، لم تتوقف لأسباب فنية، وكانت لها شهادات صلاحية سارية عندما توقفت ببورتسودان). :: ثم قالت في ذات التقرير بالنص: (وأيضاً النيل الأبيض لها شهادات صلاحية سارية، وكانت قد توقفت بسبب كسر عمود المنتصف، وتم إصلاح العمود بتاريخ 18 أغسطس 2009).. أي، حسب التقرير المختص والصادر عن الجهة الفنية المختصة، باعت إدارة الشركة النيل الأبيض ودارفور رغم أنف صلاحيتهما السارية، ثم قالت للناس وسلطات البلد العليا: (البواخر بقت خُرد، وبعناها)، أو هكذا كانت الخدعة الكبرى.. عفواً، لم يكتمل سرد كل الحقائق، ولكن يبقى السؤال: لماذا - و لمصلحة من - تخلصت إدارة سودانلاين من بواخر البلد ذات شهادات الصلاحية السارية للشركة الهندية باعتبار أنها (إسكراب)؟.