عثمان ميرغني يكتب: «منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود    مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلفاية الملوك تؤبن الأديب الراحل عبد القادر شيخ إدريس أبو هالة(2-2)
نشر في السوداني يوم 13 - 01 - 2012


عبد القادر "أبو هالة".. وبلادنا في شعرنا
وليد كمال النويري دفع الله *
فقيه، أديب، شاعر، ناقد، له الرسائل البليغة، والشعر المتين، والفضل المبين، وفي آبائه شيوخ، وفضلاء، وفقهاء منعوتون؛ قالت عنهم ابنة خاله الشاعرة فاطمة بنت نصر بشير كمبال:
هنيئاً لك تهنأ يا أصل الملك والدين
وأبواتك أكارم في البلاد باينين
ود البمسكو السهرة بالتحصين
كم سريتو عقلاً سيده شاكي حزين
عظيم القريتين الدين والملك وصفه
ود بيت الكرم المو بالشهر صرفه
جده الغول بشير فارساً بصول كفه
وجده الشيخ هناك بحراً بعيدا غرفه
كما نظلم الراحل "أبو هالة" قصيدة بديعة الالفاظ بليغة المعاني هنأ بها الراحل الشيخ الدكتور حسن الفاتح قريب الله عندما قلد خلافة الآباء والأجداد "خلافة الطريقة السمانية" والتي منها:
اناتك العلم بالأخلاق يمتحن
حقاً جنى أحلى زهرات لها
حسنُ
آباؤه الغر اشياخ جحاجِحة
أقدارهم بين أرباب التقى
قُننُ
بالعلم والذكر قد طابت حياتهم
فعُبِّدت للسُرى من سيْرهم
سَننُ
كانوا منار الهدى والرشد في زمن
حوى الضلالة واستولت
به فتنُ
تعاهدوا وهج القرآن فاحترقت
خفافش الجهل وانصاعت له
فطنُ
ساروا على نهج خير الخلق أحمدنا
وسامروا الليل كم في
أنسه مننُ
إلى أن يقول:
وما ابالي علا قدري بقدرهم
فوق الثريا وها فخري بهم
قََمِنُ
أُلاك ابناء طيب القوم عُمدتنا
شيخ الشيوخ به شرُفْنا يا
حسنُ
كان- رحمه الله- حسن الإشارة وتآليفه شاهدة بذلك، له في الشعر عامة والشعر السوداني على وجه الخصوص دراسات ووقفات، قال عنها عبد المجيد عابدين عندما قدم لكتابه (وقفات مع العباسي).. "فهي وقفات لا يريد بها الكاتب حصراً ولا شمولاً.. ولكنها زهرات يانعة يقف عندها الكاتب في رحلته بين تلك الرياض الفيحاء التي استوعبها العباسي في ديوانه، ورحلة الكاتب بين تلك الرياض تعكس أصداءها إلى اسلوبه- إذ يتمثل لنا في اسلوبه الرشيق ماهراً في إدارة الحوار لبقاً في مخاطبة القارئ، وكأن القارئ رفيق له يتنقل معه بين تلك الرياض في يوم صحو من أيام الربيع يخاطبه حينا ويجاذبه الحديث حينا آخر، والقارئ الرفيق مستمتع بهذا الحديث لا يمل السير معه ولا يحس على طول الطريق وكثرة المنعطفات سأماً ولا خوفاً.
و(بلادنا في شعرنا) أو (شعرنا وبلادنا)، هو كتاب قام بجمعه الراحل الدكتور عبد القادر"أبو هالة" منذ العام 1993م، ولما يزل بعد مخطوطاً ينتظر طباعته- جمع فيه عدداً من القصائد "ما لا يقل عن ثلاثين قصيدة" لثمانية عشر شاعراً من الذين كتبوا عن السودان، جميعهم سودانيون عدا الشاعر الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي وأمير الشعراء أحمد شوقي، وجميع القصائد تتحدث عن السودان، أو قطعة من الوطن الحبيب..
كان هدف "أبو هالة" من جمع هذه القصائد، هو غرس الروح الوطنية في الشباب عن طريق الشعر؛ لانه سهل الهضم، وسهل الحفظ لما فيه- أي الشعر- من حلاوة الجرس وتحسين الخيال، وتشخيص الصور، لذلك كانت مقدمته رسائل إلى الشباب لتلمس آثار من سبقوهم بغرس بذور العزة والإباء، والشمم، وتقوية لنفوسهم وإعداداً لها للمقاومة في عصر لا يؤمن إلا بالقوة المادية، ولا يحترم إلا المتفوقين.
أراد تجسير الماضي بالحاضر والمستقبل؛ فالحاضر يستمد من الماضي والمستقبل يبنى عليه، ولا يقوم البناء إلا على أساس وإلا انهار على قواعده، فالحياة الإنسانية نهر متصل ينبع من حيث بدأت الإنسانية، ويتسلل خلال العصور والأجيال يسقي أبناء اليوم من رحيق ما خلف آباؤهم حتى يبلغ بالإنسانية غاية المدى من الكمال.
صدر الراحل كتابه- كما ذكرنا آنفاً بمقدمة أهداها إلى الشباب المتوثب المتطلع، حاثاً لهم تلمس آثار من سبقوهم، والتحلي بصفاتهم، من شجاعة ومروءة وكرم؛ حيث يقول فيها: إلى الشباب المتطلع إلى آفاق رحبة في الساحة الوطنية الأصيلة أهدى هذه الأفواف من رياض الشعر الوطني الأصيل، هذه القوافي التي حوت جمال الوطن الطبيعي والخلقي، قصدنا منها أن ترسخ معنى الوطنية في القلوب والحب والفداء وفي إظهار هذه المحاسن مما يوجِد روح الجهاد من أجل حريته وعزته وكرامته.
وهذه القصائد هي قطرة من بحر وذرة من بر, فالذي نظم عن السودان ومدنه وقراه وأوديته.. كثير، أكد ذلك الراحل أبو هالة عندما قال: "وليس هذا كل ما قيل عن بلادنا في شعرنا ولكن ما لا يعرف كله أو يعرض جله لا يغني عن ذكر بعضه، وأدبنا الشعبي يفيض بوصف البلد ومآثر أبطالها من شجاعة وكرم وفداء كما يفيض بوصف مواقفها الباسلة وزود ابطالها عن الارض والعرض وكذلك مدائحنا الشعبية عن الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام.
افتتح دراسته بقصيدة "سنار" للشاعر الكبير باعث نهضة الشعر في السودان الحديث محمد سعيد العباسي، والذي ارتبط مع أبي هالة بعلاقة النسب والأدب، فأبو هالة هو حفيد الشاعر وكلاهما أديبان يقرضان الشعر، كما ذكر ذلك أبو هالة في مقدمة كتابه "وقفات مع العباسي" حيث قال: " هذه وقفات مع العباسي، فيها تخليد الحفيد لجده، وتقدير رضا الجد بعمل حفيده".
وقد كان لقصائد العباسي النصيب الأوفر في الدراسة حيث تناول بالشرح والتحليل ستا منها، وهي: سنار، ومليط، والنهود، وذكريات، ووادي الربدة، واسمعينا جنان. وهذه بعض أبيات من قصيدة سنار:
لهف نفسي فقدتِ يا قبلة الخير
كهولاً حموا حماك
ومُرْداً
كنت مثوى للأكرمين وميدانا
رخياً لخيلهم ومندَّى.
حيث يقول: وقد أرخصوا في هواها كل عزيز وغال، وهكذا هوى الأوطان يبذل في سبيله النفس والنفيس، دفاعاً وتنمية، فداء وتضحية من غير من أو أذى فللاوطان يد سلفت ودين مستحق.
أرخصوا في هواك كل عزيز
فتباروا في الحرب والسلم جندا
ويقول الراحل شارحاً: ثم بعد هذه العزة القعساء، ركبت الأمة السودانية العشواء، فقد مزقها التفرق، وأضعفها التنافر، ولا عزة لشعب ولا منعة له إلا عن طريق الوحدة والتآلف والتحابب والانسجام، وتلك أطواق النجاة قديماً وحديثاً. ثم يطوف بنا في روضة أخرى من رياض الشعر التي أحسن اختيارها، وهذه المرة مع الشاعر عزيز اباظة في قصيدته "ذكريات المقرن" وينقلنا منه إلى الشاعر المصري الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي وقصيدته الرائعة "مدينتي" أو "الخرطوم والذكريات" والتي منها:
مدينتي الخرطوم أهلك الكرام
عُدتي أحسابهم أحسابي
أنسابهم في المجد والعروبة الشماء
والتاريخ هم انسابي
في الدين في النضال في الحرية
الكبرى وفي الفصحى همو أترابي
ويدلف بنا إلى بستان الشيخ الناصر قريب الله شاعر الطبيعة الذي يضفي على مظاهرها صفات الأحياء ويتعاطف معها ويعايشها في ود وصفاء ليحدثنا عن أربع من قصائده التي يتغنى فيها بأمجاد: توتي الباسمة، وأم بادر، وحنيني إلى الأبيض، ورحلة إلى أربعات، ويقول في توتي:
هي في الماء من صميم الشعاع
جنة للنهى ودنيا متاع
ويعلق الدكتور أبو هالة قائلاً: هذه جزيرتنا التي حاول الاستعمار بحيله أن يحولها ملهى فلم يستطع فقد ثار اهلها حتى ارغموه على "لحس" قراره دفاعاً عنها، ترسوا البحر صددوه.
ويختار للشاعر الملهم التجاني يوسف بشير ثلاث قصائد هي: الخرطوم والمعهد العلمي، وفي محراب النيل، ثم ينتقي من شعر مختار محمد مختار قصيدته الرائعة "كرري" وللدكتور كامل السيد محمد الباقر "على ضفاف نهر الرهد" وللشاعر جعفر محمد عثمان رائعته "من وحي التاكا" أما الشاعر أحمد محمد صالح فقد اختار قصيدته "دنقلا عروس النخيل" و"قريتي" للشاعر أحمد محمد صالح، وغيرها لمصطفى عوض الكريم، ومحمد أحمد المحجوب، وإدريس جماع، ومحمد المهدي المجذوب، وخالد آدم الخياط، ويوسف مصطفى التني، وأمير الشعراء أحمد شوقي، ومصطفى طيب الأسماء.. وهكذا ينقلنا المؤلف من شاعر إلى آخر ومن قصيدة إلى أخرى بأسلوب رشيق مكنه من تفهيم المعاني الجزلة بالألفاظ السهلة، دون أن نحس مللاً ولا سأما.
والذي يطلع على شرح القصائد التي وردت في هذه المخطوطة يتضح له بجلاء الثقافة الموسوعية للراحل، وأنه نهل من الشعر قديمه وحديثه مما اتاح له اجراء مقارنات مميزة في بعض من موسوعة الشعر السوداني.
ختاماً اتمنى أن أكون قد وفقت في نقل صورة عن هذه المخطوطة القيمة، والتي تعكس الروح الوطنية العالية للراحل من خلال الإشارات والرسائل التي كان يبعثها ويوصي بها الجميع، وعلى وجه الخصوص الشباب.
وانني اناشد وزارة الثقافة ممثلة في وزيرها الهمام الأخ الاستاذ السمؤال خلف الله، الذي يعمل بجد لتغيير المقولة التي رسخت بالأذهان.. "القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، والخرطوم تقرأ" لتصبح "الخرطوم تكتب وتقرأ وتطبع" أناشده بإعادة طباعة كتب الراحل عبد القادر "أبو هالة" وطباعة مخطوطاته التي لم تر النور بعد.. وأحسب أنه سيفعل.
*باحث بمجمع اللغة العربية
عضو لجنة التوثيق
الدكتور عبد القادر الشيخ إدريس أبو هالة
أنموذج المثقف الأديب التأصيلي الفاعل
أ.يس إبراهيم
لو أن أحداً لم يقل كلمة واحدة في حق أديبنا الراحل الدكتور عبد القادر الشيخ إدريس سوى ما قاله عميد الشعر السوداني الراحل عبد الله الشيخ بشير في وصفه، لكفاه.. إذ يقول:
تخذ الحقيقة في الحياة مراما
شغفاً بها، وسعى بها مقداماً
غيران يعني بالعقول مكرساً
سهران يغشاه المنام لماما
حمل الأمانة وهي عبء فادح
وهفا لها، وبنى لها، وأقاما
واندس في دنيا التواضع كلما
لاحته بارقة الظهور تعامى
وغدا يهادي للبلاد كتائباً
ويقيم للوطن الحطيم دعاما
لا حزمه قهر ولا إذعانه
ضعف، وليس عقابه إيلاما
يغدو بمثلوج الفؤاد لأنه
منح الحياة أشعة وسلاماً
يمشي وئيد الخطو موفور النهى
متحرجاً يخشى الأذى والذاما
تلقاه يزهو من نجاح لم ينل
منه ثناء قل أو إكراماً
وتراه يأسى للضعيف يفوته
شرف النجاح فينطوي أياماً
هذي الصروح الشامخات تشامخت
مما يعانيه وكن حطاما
أعطى عطاء القادرين مسوراً
بين الصدور المجد والأحلاما
استاذ الجيل وفقيد البلاد أنموذج حي للمثقف الفاعل المتفاعل مع المجتمع، حيث تتحول حركة المجتمع وواقع الحياة إلى صورة حية ومتحركة في أدبه وفكره وعطائه الثقافي والفني.. مع تواضع جم ورغبة ملحة في الربط بين الفعل الاجتماعي الايجابي والمنتج الأدبي.. فالمثقف الذي ينتج أدباً منقطع الصلة بالواقع والمجتمع، أو غير مصبوغ بإرادة التغيير في هذا الواقع أو المجتمع.. أو لا يضيف بشكل إيجابي موضوعياً أو فنياً، فليس حقيقاً أن يقال له أديب، وليس جديراً بلقب المثقف..
من المهم أن يعبر عن حياة الناس وأن يقدم مفهوماً جديداً للحياة بواسطة أدب ملتزم يدعو إلى إحياء روح الإبداع في المبدعين الذي يرفضون النزعة التقريرية، ويتجاوزون المباشرة، ويعتمدون على تفجير طاقات اللغة بإمكاناتها الهائلة، وقدراتها التعبيرية الفائقة من إيحاء ورمز ومجاز وإيجاز، وأشكال تعبيرية وأسرار جمالية تجعل اللغة ريشة تعبر باللون والحركة والإيماءة واللمسة.
وهكذا كان عطاء أديبنا الراحل، الذي شهد له به أهل الفكر والادب، فهو يتخذ من ادبه وسيلة لتقديم مشروع ثقافي المتناسق مع فطرة الانسان، والمتناغم مع حركة الوجود. دكتور عبد القادر أبو هالة شكل حضوراً عريضاً في المجتمع الثقافي السوداني تأليفاً وتحريراً ونقداً وتقديماً ما بين الكتاب والصحافة والإعلام المسموع والمقروء والمرئي.
واستطاع من خلال العديد من النوافذ التي فتحها أن يعبر عن الاتجاه الجديد للادب الملتزم فهو مطالب بتجديد الحياة وتطويرها، والارتقاء بها لان عملية التجديد عملية حياتية مستمرة.
إن المضمون الفكري للأديب الراحل ارتبط بالعقيدة الصحيحة التي تعمل على إيجاد الإنسان الصالح والمجتمع الصالح وتجعل من الأدب في اشكاله المختلفة، قصة أو رواية أو قصيدة أو مقالا، أدباً يحرك النفوس إلى الجدية في الحياة والعمل، ويدفع إلى البناء ويجعل التفكير والتأمل عبادة وقربى ويرفض الظلم ويربط حياة الأفراد بالإيمان الذي ينتظم الحياة كلها والسلوك كله.
وكان نتاج ذلك إضافة قيمة للمكتبة السودانية والعربية بعدد من المؤلفات تنوعت بين الفكر الإسلامي والأدب والتربية والتعليم، وطرق التدريس، ولعل اشهرها وقفات مع العباسي، والناصر الشيخ قريب الله والشاعر إدريس جماع.
وتشهد له صفحات الصحافة السودانية بالمشاركة الإيجابية في صفحاتها الثقافية والأدبية بحثاً ونقداً من خلال قلم رشيق واسلوب لغوي وأدبي جاذب..
الدكتور الحبر يوسف نور الدائم عندما قدم كتابه (الناصر الشيخ قريب الله.. حياته وشعره)، والذي كان عبارة عن رسالة ماجستير بإشراف البروفيسور عبد الله الطيب، بالقول إن الرسالة تناولت شعر الناصر قريب الله تناول أديب أريب باحث ناقد منقب ودارس محلل نافذ له في كل باب من أبواب البيان سهم فائز ربيح. ووصفه الدكتور عبد المجيد عابدين في تصديره لكتابه "وقفات مع العباسي" بأنه صاحب الاسلوب الرشيق والدراسة الأدبية الممتعة.
ويتمدد نشاطه إلى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، من خلال تقديمه للعديد من البرامج بإذاعة أم درمان حيث كان يقدم برنامجاً يومياً عرف ب"الهمسات الادبية" وفي إذاعة القرآن الكريم اشتهر برنامجه "الدين والحياة" كما قدم العديد من برامج التراث والأدب في التلفزيون السوداني.
ألا رحم الله الأديب الراحل د.عبد القادر الشيخ أبو هالة.
حلفاية الملوك .. الوفاء لأهل العطاء
محمد حسن التوم "الجعلي" *
حلفاية الملوك انصهرت فيها أعراق مختلفة فصارت نسيجا وحدها، تمشي سماحتهم بينهم، لهم نظرة خاصة في الدنيا والناس والأشياء، لهم عراقة وثقافة خاصة بهم تضرب في جذور تقاليدهم السمحة، يتلاحمون صفاً ويجتمعون على كلمة سواء عند الشدائد والملمات ولا يتناسون من قدم للحلفاية كشخص الدكتور عبد القادر الشيخ إدريس أبو هالة، فلا غرو أن تنادوا وتجمعوا ليأبنوا "أبو هالة" نوارة المجالس والاجتماعات- المعلم- المربي- الأديب- الشاعر الصوفي، لا استطيع أن أعدد صفاته ومناقبه وإسهاماته في المجتمع السوداني ككل ناهيك عن الحلفاية التي وهب لها عمره، اشترك معنا بصورة فاعلة المجمع اللغوي للغة العربية وأهلنا بالجيلي في اللجنة التحضيرية وجعلوا يوم السبت من كل إسبوع يوم اجتماعهم الراتب يتناقشون في التحضيرات ويعدون ليوم التأبين، تكونت مختلف اللجان، لجنة المال: وقد قررنا الاعتماد على أنفسنا في جمع المال للتأبين، أما ما بعد التأبين من طباعة لمؤلفاته التي لم تطبع بعد والمكتبة التي ستقام بمسيده بالجيلي وهكذا- عندها سوف نلجأ للمؤسسات والدوائر المختلفة لمد لجنة الإعلام: وقد ظهر نشاطها في الصحف والفضائيات بالحديث عنه وعن إسهاماته المختلفة وليلة التأبين التي ستكون يوم 21/1/2012م، بنادي حلفاية الملوك في السابعة مساءً فقد أعدت الملصقات والمطبوعات واللوحات التي ستوزع من بعد غد. لجنة البرنامج: أعدت كل المتطلبات للإجلاس والضيافة بجانب مشاركاته وإسهاماته مع مختلف الهيئات والمؤسسات كمجمع اللغة العربية، لجنة النصوص، اتحاد الأدباء وهكذا ثم حددت الكلمات والمتحدثون وبرمجت لذلك. لجنة الوثائق، وبإشراف المجمع اللغوي للغة العربية قد جمعوا كثيراً من المواد والمؤلفات وأحاديثه في الصحف والندوات ومشاركاته في الإذاعة والتلفزيون وسوف يتم عرضها بالمعرض يوم التأبين.
نسأل الله التوفيق وأن يجعل التأبين بقامة الدكتور "أبو هالة" ولكم الشكر الجزيل.
*رئيس لجنة التأبين- 10/1/2012م.
مكتبة "أبو هالة" بالجيلي
ظل حضور أهلنا من الجيلي لاجتماعات اللجنة التحضيرية لتأبين "أبو هالة" مناسبة للبوح بما في قلوبهم من محبة وتقدير صادق للراحل المقيم.. فأحاديثهم عن حياته بينهم طيبة ومفعمة ببشريات هممهم العالية لتخليد ذكراه.. بالباقيات الصالحات.. برعاية المسجد والخلوة وكل ما ورثوه من مناقب باقية في الوجدان.
ويتجلى ذلك في أنصع شواهده أقدامهم المبادر لتشييد مكتبة "أبو هالة" بمدينة الجيلي العظيمة الهميمة.. هذا العمل العظيم في اللجنة التحضيرية كبادرة ملهمة للمواصلة لما بعد التأبين.. وقد تأكد ذلك في الاجتماع الذي تم بين اللجنة وبروفيسور محمد علي أحمد بابكر رئيس مجمع اللغة العربية.. حيث نوقشت التفاصيل المتعلقة باستكمال ما بدأه الاخوة الاعزاء في الجيلي.. وقد أكد بروفيسور محمد علي رعاية مجمع اللغة العربية لمشروع المكتبة بالتعاون مع وزارة الثقافة المركزية وما يتطلبه ذلك من إشراف وإدارة وتوفير مطلوبات التسيير.
بهذه البشريات فإن مكتبة "أبو هالة" بالجيلي ستكون بإذن الله مركز إشعاع فكري ثقافي تربوي ينعم ويسعد بثماره كافة أهل المنطقة.. بالمشاركة في تشييده وتأهيله والتعاون الفعال مع ذوي الهمة الذين بدأوا العمل وبالله التوفيق والسداد.
من موسوعة القبائل والأنساب
ولد عبد القادر الشيخ إدريس ابو هالة عام 1922م، والتحق بالمعهد العلمي 1946م، وبخت الرضا وتدرب في الجامعة الأمريكية ببيروت ونال دبلوم الصحافة بالمراسلة وعمل أستاذاً ببخت الرضا حيث اسهم في وضع مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية وعمل في معهد تدريب المعلمات بأم درمان والمعهد الفني وأصبح مديراً للمعهد العلمي بأم درمان والمقرن الثانوية بنين وبحري بنين ونال الماجستير من جامعة الخرطوم عن الناصر قريب الله والدكتوراة عن جماع الشاعر، والده جموعي من نسل الشيخ أحمد الطيب البشير ووالدته ست البنات "الباشا" بنت بشير بك كمبال حفيد الملك جاويش ونسبه كما يلي: عبدالقادر الشيخ إدريس بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد القادر بن الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ الطيب أحمد البشير. وقد آلت إليه خلافة السمانية فرع الجيلي حيث يشرف على مسجدهم هناك تزوج الجاز أحمد بابكر وانجب هالة وعكرمة ومحمد ومهلب.
"من موسوعة القبائل والأنساب في السودان وأشهر اسماء الأعلام والأماكن- الجزء الخامس ،ق-م-صفحة 1827
اللجنة التحضيرية.. قصة التأبين من الألف إلى الياء
اللجنة التحضيرية لتأبين الراحل دكتور عبد القادر شيخ إدريس "ابو هالة" بحلفاية الملوك والجيلي بالتعاون مع مجمع اللغة العربية
بحمد الله وتوفيقه وبعد التشاور بين اسرة الراحل الدكتور عبد القادر شيخ إدريس "أبو هالة" في حلفاية الملوك والجيلي ومجمع اللغة العربية ولفيف من الأهل وتلاميذه على امتداد الوطن تم تكوين اللجنة التحضيرية المشار إليها. واتفقت الآراء حول الإطار العام لبرنامج التأبين بحيث يتم التركيز على حصيلة اسهاماته في المجالات الثقافية والتعليمية المختلفة وما أنجز من مؤلفات.. وكتابات في الصحف والمجلات وبرامج في الاذاعة ومحاضرات قدمها في منابر متعددة.. وذلك لتوثيق هذه الحصيلة العلمية لتعميم الفائدة وكذخيرة لأجيال الشباب في مقبل الأيام.
ولانجاح هذه المقاصد تناشد اللجنة التحضيرية كافة المواقع التي عرفت الراحل وقدم جهده من خلالها مشاركاً في مناشطها مد يد العون للجنة القومية لاستكمال كل ما يلزم لإثراء برنامج التأبين.. وبما للراحل المقيم دكتور "أبو هالة" معلم الأجيال من مكانة في قلوب كل الذين تلقوا العلم على يديه وتشربوا القيم التربوية السامية من مناهجه وأساليبه المتميزة في تدريس اللغة العربية وعلوم الدين الحنيف.. ومما اكتنزه هؤلاء تتعشم اللجنة القومية مشاركتهم في هذا العمل الجليل.. لتخليد ذكرى الدكتور عبد القادر شيخ إدريس "أبو هالة" في وجدان أبناء السودان جميعاً.. ذخيرة تربوية باقية للأجيال خيراً وبركة بإذن الله، هذا وقد تقرر إقامة التأبين بحلفاية الملوك يوم 21يناير 2012م وبالله التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.