قبل حوالي أسبوعين اجتهدت بعض الأقلام والمدونات الالكترونية للتعليق على تصريح لوالي ولاية الخرطوم قال فيه: (من لم يحصل على عمل من خلال التمويل الأصغر يأتي لمكتبي). وقد تم تحريف التصريح الأصلي ليصبح (من لم يجد عملاً يأتي لمكتبي) هكذا مطلقاً. والفرق كبير بين القولين. اعتقدت بعض الأحزاب السياسية المعارضة أن فرصة ذهبية قد لاحت لها لإحراج الوالي وحكومته. باعتبار أنه من الاستحالة الوفاء بوعد كهذا. تجمعت مجموعة كبيرة من الشباب العاطل عن العمل وتوجهت لمكتب الوالي. غالبيتهم من الشباب الشرفاء الراغبين في الشغل فعلاً. وقلة من المغرر بهم كان هدفهم سياسياً بحتاً يبحثون عن إحراج للحكومة لا غير. تعاملت سلطات الولاية بحكمة مع النوعين. وتشكلت لجنة ميدانية قامت بتوزيع الاستمارات على المتجمعين لتحديد رغباتهم في التشغيل الذاتي. وتم البدء في إجراءات حقيقية مع عدد مقدر منهم. إن تشغيل الشباب والخريجين والعاطلين عن العمل ليس شعارات ترفع بل هو واقع معاش. حيث تم خلال الأشهر الماضية تقديم تمويل مقداره 168 مليون جنيه (168 مليار جنيه بالقديم) لعدد 128000 مستفيد من مؤسسة التنمية الاجتماعية وهي مؤسسة متخصصة في التمويل الأصغر تتبع لولاية الخرطوم ويقع مقرها في بري شارع المعرض. وتم تمليك تاكسيات وعربات ومواتر نقل وحافلات نقل ركاب لعدد 5700 مستفيد بتكلفة 163 مليون جنيه من هيئة تنمية الصناعات والأعمال الصغيرة. وهي هيئة تتبع أيضاً لولاية الخرطوم ومقرها كوبر شمال مستشفى الأمل. أما مشروع تشغيل الخريجين الذي أصبح لاحقاً صندوق تشغيل الخريجين، وهو شراكة ما بين الاتحاد الوطني للشباب السوداني والنظام المصرفي تحت رعاية ولاية الخرطوم، فقد قام بتمويل 35000 خريج بمبلغ 43 مليون جنيه. من ناحية ثانية أشرفت وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم على تقديم تمويل لعدد ألفي امرأة في إطار مشروع تمكين المرأة الريفية بمبلغ 13 مليون جنيه. فيما أشرفت نفس الوزارة على منح تمويل مقداره 32 مليون جنيه لعدد 3100 شخص من ذوي الإعاقة. وعلى منح تمويل مقداره 30 مليون جنيه من خلال شبكة منظمات المجتمع المدني استهدف 16 ألف شخص. وأشرفت الوزارة أيضاً على منح 31 ألف شاب تمويلاً مقداره 24 مليون جنيه في إطار مشاريع استقرار الشباب. أما مشروع التشغيل بديوان الزكاة فقد قدم تمويلاً مقداره 39 مليون جنيه لحوالي 7 آلاف مواطن. في ظل سياسة الديوان الرامية لتخصيص 50% من حصيلة الزكاة من مصرف الفقراء والمساكين لمشروعات الأسر المنتجة. إن جملة هذه التمويلات في إطار التشغيل وحل مشكلة البطالة قد بلغت 513 مليون جنيه استفاد منها حوالي 230 ألف مواطن. هذه أرقام حقيقية خاضعة للفحص والتدقيق بواسطة الجهات الرسمية مثل ديوان المراجعة القومي. وهي متاحة ومفتوحة للأجهزة الإعلامية للتحقيق والتدقيق فيها. وهو مجهود مقدر جداً من وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم والمؤسسات التابعة لها. غير أن هذه الأرقام لا تعني بالتأكيد أن مشكلة البطالة قد حلت. لأنها مشكلة عميقة في الاقتصاد السوداني لا تحل إلا بتوسيع هذا الاقتصاد توسيعاً حقيقياً. من خلال سياسات تتجه لتمكين القطاع الخاص. وإزالة المعيقات أمام الاستثمارات الداخلية والخارجية. لتنطلق مشروعات زراعية وصناعية ضخمة جداً. تشغل مئات الآلاف من طالبي العمل. ويكفي أن نقول إن مصنع النسيج السوداني بالخرطوم بحري كان في فترة ازدهاره يشغل 10 آلاف تشغيلاً مباشراً عمالاً وفنيين وإداريين. وأكثر من 50 ألفاً تشغيلاً غير مباشر في الترحيلات وبيع الأطعمة وكافة الخدمات للعاملين. لمثل هذا يجب أن نسعى. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته