تمكنت وصديقي د. يوسف الكودة والصحفي أحمد عمر بصحيفة التيار من اللحاق أمس الأول بصلاة الجمعة مع المعتصمين المناصير فى ميدان العدالة قبالة مكاتب الولاية واستمعنا لخطبة قوية من الإمام حول قضيتهم، وكنا قد استخدمنا (فقه التعميم) إذا صحت العبارة اقتداءً برسول الله (ص) حين كان متخفيا وسأله أحدهم لم يعرفه ممن أنتم فقال له الرسول (من ماء)، تركه الرجل فلم يكذب الرسول فقد خلق من ماء. ولما علمنا بعدم السماح لوفد المعارضة أمامنا بعدم الذهاب للمناصير قلنا للمسئول حين سألنا الى أين أنتم ذاهبون - وعرفنا قصده-: (ذاهبون لعزاء فى الدامر)! لم نكذب فقد قررنا أن نعزى إخواننا المناصير فى مصيبتهم ونقرأ الفاتحة على الظلم الذى حاق بهم وعلى نقض العهود وعدم التزام إدارة السدود بقرارات الرئيس التى أعلن فيها الخيار المحلي فى احتفال يوم 26-1-2009 . السبب الذى دعاني للذهاب للمناصير أنني قلت لوزير الدولة محمد الحضري الذى زارني مشكورا لشرح وجهة نظر إدارة السدود أني سأكتب بعد أن أستمع لرأي المناصير وأشرحه للقارئ بعدما شرحت وجهة نظره سابقا وخلاصته أنهم ليسوا ضد الخيار المحلي فهو (ممكن ولكنهم يرونه غير ذات جدوى كما تقول الدراسات). أما المناصير المعتصمون فيقولون رأيا مغايرا ويتهمون إدارة السدود بعرقلة قرار الرئيس عام 2009، ويعززون رأيهم بأن والي نهر النيل الحالي أعلن أن قضية المناصير عادلة واعتصامهم مشروع ولكنه يراها قضية مركزية. ثم كوّن الوالي لجنة من وزراء ونائب رئيس المجلس وقال إنه حصل على تفويض من الرئيس لحل القضية. وعليه طلبت لجنته من لجنة المناصير الحوار على ضوء التفويض ولكن اتضح للمناصير أنه تفويض شفهي فرفضوه من منطلق أن هناك تفويضات شفهية سابقة لم تنفذ منذ 2009 وطالبوا بتفويض مكتوب واضح. المشكلة الآن أن الوالي لم يتمكن من تجاوز العقبة القانونية التى تخول لإدارة السدود وحدها التعامل مع المتأثرين وأصحاب الخيار المحلي فقد كتبت إدارة السدود للوالي بتاريخ 30-5 2010 تمنعه من التعامل مع هذا الملف بدعوى أنه لا يملك الصلاحيات القانونية...إذن قضية المناصير العادلة فى الخيار المحلي والتعويضات والخدمات وغيرها قد وقعت بين مطرقة إدارة السدود التى يبدو أنها متنفذة ولا تلتزم بقرار الرئيس وبين ضعف وضعية ولاية نهر النيل بسبب القانون الذى يقف حجر عثرة أمامها رغم قناعتها بعدالة قضية المناصير. الموقف الآن كما شاهدت وسمعت هو إصرار المعتصمين فى (جمعة اليقين) أمس الأول وقولهم إنهم مستمرون فى الاعتصام وسيصعّدون قضيتهم حتى تنقل الصلاحيات القانونية لولاية نهر النيل من إدارة السدود ويتم حل قضيتهم – هذا من جانب - ومن جانب آخر موقف إدارة السدود وإصرارها على صلاحياتها القانونية والادعاء بأن الخيار المحلي لا جدوى له وأن ذلك هو مقتضى مسئوليتها كما ذكر لي وزير الدولة السيد الحضري بعكس قول المناصير أنهم يملكون دراسات علمية وشهادات من خبراء مشهود لهم بالعلم والتجارب بأن الخيار المحلي له جدوى. إذن الحل بيد السلطة السياسية السيادية ممثلة فى الجهاز التنفيذي والسلطة التشريعية ممثلة فى المجلس الوطني، فإما تعديل القانون أو إعفاء إدارة السدود التى – من الغرائب – أنها تتمتع بصلاحيات قانونية وامتيازات مالية لم يشهدها تاريخ المؤسسات فى العالم فهي لا تخضع للمراجعة فى أي صورها!!! المناصير قوم متحضرون مسالمون فى الحصول على حقوقهم المشروعة وأحق أن تحل قضيتهم ممن حمل السلاح وابتزّ وأهلك الحرث والنسل ونال المناصب العليا فالانفصال.. إلاّ يجدوا مبتغاهم فلن أندهش إذا حدث الاحتقان ونتائجه الوخيمة.