هاهورمضان قد لاحت أنواره، وفاحت أزهاره، وترنمت أطياره، يحمل في طياته الخير الكثير، والأجر الكبير، والفضل العميم نعم رمضان شهر مبارك (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185]، وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ( [الدخان: 3]، وفيه ليلة خير من ألف شهر: ) الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ( [القدر: 3]. وفيه تصفد الشياطين, وتغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان، كما قال صلى الله عليه وسلم:: "إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين". بعضنا قد صامه سنوات عديدة وبعضنا يصومه للمرة الأولي وربما البعض الاخر هذه هى السنة الأخيرة التى يصوم فيها رمضان، لكن أنت أخي الصائم وأختي الصائمة ماهي خطتك وبرنامجك للشهر الفضيل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له» فنحن جميعا ندخل الى هذه المزرعة اليانعة المليئة بكل أنواع الأطايب والثمار ولكن السعيد من يقتطف ويجني من هذه المزرعة الكثير المفيد. ولابد أن نصوم رمضان إيمانا وأحتسابا، ولا بد أن يكون صيام رمضان عبادة خالصة لله سبحانه وتعالى، فإن كثيرا من الناس, وبخاصة من بعض أبناءنا وبناتنا يصومون على سبيل العادة، حيث إنهم نشؤوا في وسط يصوم رمضان, فصاموا مثلهم، غير مدركين عظمة هذه الشعيرة، ولا أبعادها النفسية والتربوية والصحية والاجتماعية، ولذلك فإن مثل هؤلاء لا يشعرون بلذة العبادة، ولا حلاوة الطاعة التي يشعر بها من صام, تعظيمًا لله عز وجل, مخلصًا له، مدركًا جوانب العظمة في عبادة الصيام، ولذلك فقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على وجوب الإخلاص لله عز وجل في هذه الشعيرة، فقال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه). وقال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه). وقال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه). *موعظة الحسن الرمضانية: ومر الحسن الصري بقوم يضحكون في شهر رمضان، فقال: يا قوم، إن الله جعل رمضان مضمارًا لخلقه، يتسابقون فيه إلى رحمته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب من الضاحك اللاهي في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المتخلفون؟ أما والله, لو كشف الغطاء لشغل محسنًا إحسانه، ومسيئًا إساءته. *وقال الشاعر: وكم من فتى يمسى ويصبح امنا *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري نعم لابد أن نقصر الأمل فى هذه الفانية وقصر الأمر هو: توقع قرب الرحيل، وحلول الأجل في أي لحظة.ومتى ما استقر في النفس هذا الأمر كان له أعظم الأثر في حملها على الطاعة، وجعلها تبادر الساعات واللحظات في العمل الصالح فإنه لم يهلك الناس ويجعلهم يفرطون في الطاعات سواء في المواسم المباركة أو غيرها إلا طول الأمل، فلو قيل لأحدنا: هذا آخر رمضان لك في الحياة، فكيف سيكون حاله ونشاطه؟ *الأحنف والصبر على الطاعة: قيل للأحنف في شهر رمضان: إنك شيخ كبير، وإن الصوم يهدك، فقال: إن الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله. *أحوال السلف مع القران فى رمضان: قال ابن رجب: (وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، منهم قتادة، وبعضهم في كل عشرة، منهم أبو رجاء العطاردي، وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها، كان الأسود يقرأ في كل ليلتين في رمضان، وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفيرمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وعن أبي حنيفة نحوه، وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان، وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام، قال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف. قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة, وأقبل على قراءة القرآن. وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت. وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف، وجمع إليه أصحابه. *لأبددنه بالأسفار: قيل لبعض الأعراب: قد جاء شهر رمضان، فقال: والله, لأبددن شمله بالأسفار. *مزبد وصيام يوم عرفة: قيل لمزبد: صوم يوم عرفة يعادل صوم سنة. فصام إلى الظهر ثم أفطر، وقال: يكفيني صوم نصف سنة، فيه شهر رمضان. *لا تصوم إلا ويدك مغلولة: جاء رجل إلى عالم يستفتيه، فقال: أفطرت يومًا من شهر رمضان سهوًا، فما علي؟ قال: تصوم يومًا مكانه. قال: فصمت يومًا مكانه وأتيت أهلي وقد عملوا حيسًا، فسبقتني يدي إليه فأكلت منه. قال: تقضي يومًا آخر، قال: لقد قضيت يومًا مكانه وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة، فسبقتني يدي إليها فأكلت منها، فما ترى؟ قال: أرى أن لا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك. *كاتب وصحافي مقيم فى قطر