ترديد الفنانين لأغنيات الغير... حنين للماضي... أم حالة (إفلاس).؟ الخرطوم: تفاؤل العامري أغنيات جميلة ذات تعابير أنيقة و معبرة وألحان قلّ أن يجود الزمان بمثلها احتشدت بها ذاكرة الغناء السوداني ولامست عصب المستمع منذ زمن رواد أغنية الحقيبة وإلى الأجيال التي جاءت بعدها، تلك الأجيال التي تركت لنا إرثاً جميلاً تناولته حناجر الفنانين الشباب من بعدهم، إذ عمد أغلبهم على تنقيب أغنيات كادت أن تندثر وتنسى نسبة لأن الأجهزة المرئية والمسموعة تغفل عن بثها بصورة دائمة، فنقب عدد من الفنانين عن تلك الأغنيات ونفضوا عنها الغبار. دوافع مختلفة: دوافع الفنانين الشباب في ترديد تلك الأغنيات القديمة والمسموعة كانت مختلفة، فمنهم من عمل على اكتشاف الأغنيات القديمة بدافع الحنين إلى أصالة مفقودة ومنهم من تعامل مع الموضوع بذكاء حيث كان تنقيبه عن أكثر الأغنيات قرباً إلى أذن المتلقي فجدد دماءها تقرباً إليه، بحيث يضمن عبرها أكبر قدراً من الجماهير أما آخرون ففشلوا في الوصول للمستمع بأعمالهم الخاصة وفضلوا أن يسلكوا الطريق عبر أعمال الآخرين. عبقرية الكاشف: (انت عارف ،احتار أنا، أنا ياطير، الشوق والريد، والليل مابنومو، المهرجان، سالب فؤادي)، تلك أغنيات أطربتنا بصوت الفنان الراحل إبراهيم الكاشف أرقصت الدواخل وظلت حاضرة في كل ليالي الأفراح ليقوم الفنان الشاب عصام محمد نور قبل عدة سنوات بجمع تلك الدرر على البوم وأطلق عليه عبقرية الكاشف فوجد الألبوم نجاحاً لا أظن أن عصام كان يتوقعه ورغم مرور أعوام عليه وسعى عصام حثيث في العمل الخاص من أغنياته إلا أن عبقرية الكاشف تظل من ضمن أسباب سطوع نجم عصام محمد نور. ذكاء محمود: نجم الجماهير المحبوب الراحل محمود عبدالعزيز تعامل مع أغنيات الحقيبة بكل ذكاء -لا يجيده إلا محمود- حيث عمل على إصدار البومات لأغاني الحقيبة في الوقت الذي لم يغفل فيه عن ضرورة إيجاد أغنياته الخاصة من ضمن أعمال الغير حتى تعتاد الأذن عليها ويصبح له رصيد خاص تألفه الأذن كما ألفت غيره فتشيد بأدائه لأغنيات غيره ويكون هناك قبول وإعجاب بأغنياته الخاصة فكان نجاح محمود الكبير. احتكارية نانسي: حنجرة الفنانة الشابة نانسي عجاج عملت على اعتقال أغنيات عدد من الفنانين الذين ارتحلوا إلى دار الخلود ما جعل تقبل أغنياتها الخاصة عسير الهضم للمستمع فنانسي درجت على ترديد أغنيات الراحل سيد خليفة من بينها (يهديك الله، داري عينيك، ولي المساء وغيرها)، ووصلت إلى أبعد من ذلك حيث قامت بشراء تلك الأغاني من أسرة الراحل كما رددت أعمال الراحل عثمان حسين وأغنية الراحل صديق الكحلاوي شقي ومجنون وباتت مطلباً رسمياً بكل حفلاتها من قبل الجماهير فنانسي تؤدي تلك الأغنيات بإحساس يجبرك على الإصغاء لها. أحمد وحسين: (ليه ياحب) ،(المقادير) ،(والله يابا حرام) أغنيات عرفت بصوت الفنان مصطفى مضوي إلا أن الشقيقين أحمد وحسين الصادق جعلا من تلك الأغنيات معبراً في بداية مشوارهما لقلوب الشباب لما تحمله من كلمات تتماشى مع أحاسيسهم وتعبر عن ما يجوش بالدواخل ولا ننكر أن معظم جيل اليوم تعرف على تلك الأغاني من خلال حنجرتهما بفعل الظلم الذي يقع على أصحابها الأصليين من قبل الأجهزة التي تغفل عن بث أعمالهم حتى يكون هناك تواصل أجيال، أحمد وحسين لم يتوقفا في محطة مصطفى مضوي وواصلا المشوار في توازن ما بين إيجاد أعمالهما الخاصة وترميم الأغنيات القديمة فقام حسين بأخذ الإذن من أسرة الراحل محمد أحمدعوض لترديد أعماله، إضافة إلى ذلك فقد درج أحمد وحسين لأداء أغنيات إسماعيل حسب الدائم رغم اعتراضه المتكرر ومطالبته الدائمة لهما بأن يتوقفا عن ذلك. منار وشموس: المطربة الشابة منار صديق أفلحت حين نفضت غبار السنين عن أغنيات الراحلة عائشة الفلاتية التي لم تهتم أجهزتنا الإعلامية مسموعة أو مرئية ببث القديم منها لكن منارالتي وجدت الإشادة من قبل الجميع حينما أطلت في المرة الأولى لم تحبس ذاتها في إعادة اكتشاف الأغنيات القديمة وبحثت عن جديدها حتى لا تتهم بالإفلاس حينما تؤدي أغنيات الفلاتية أو مهلة العبادية أو منى الخير، أما المطربة شموس إبراهيم فقد حبست ذاتها في عالم الراحل عثمان الشفيع ولم تستطع الفكاك منه فاتهمت بالإفلاس في الأعمال الخاصة ورغم محاولاتها في أن تغني خاص إلا أنها لم تجد القبول في أذن المتلقي. شكر الله وسميرة: الفنان الشاب شكرالله عزالدين هو الآخر لجأ لأداء أغنيات الراحل زيدان إبراهيم إلا أن الأخير أمره بأن يتوقف عنها متهمًا إياه بتشويهها أما شريف الفحيل مازالت أصابع الاتهام توجه له وتتهمه بالإفلاس في الأغنيات الخاصة لأن الفحيل مازال رهيناً لأغنيات الفنان حمدالريح وشرحبيل أحمد حتى باتت تمثل له عثرة حقيقة في مشواره الفني، وأخيرًا لن ننسى الفنانة سميرة دنيا التي ومنذ أطلالتها بالساحة الفنية ظهرت مرددة لأغنيات الراحل عثمان حسين وأغنيات الحقيبة ما يجعلنا نضع علامة استفهام أمام مشوارها متسائلين هل ترديدها للأغنيات القديمة حنين إلى أصالة مفقودة أم إفلاس في الأغاني الخاصة..؟