عاتبني بعض الأصدقاء على إشادتي التي سجلتها في حق الفنانة الشابة أفراح عصام قبل أيام، وذكر لي بعضهم وبصريح العبارة أنني (انبطحت) لها بعد سلسلة من مقالاتي السابقة التي انتقدتها خلالها. وأمس أمطرني آخرون على بريدي الإلكتروني وهاتفي الجوال وصفحاتي بالفيسبوك بوابل من الشتائم، وذلك بسبب إشادتي كذلك بالفنان الشاب طه سليمان وبحفله الجماهيري الأخير، بينما تجاوز الاتهام هذه المرة فرضية (الانبطاح) ووصل إلى حد اتهامي ب(الرشوة) من بعض (منظراتية) الإسفير. صراحة، لا أجد أيَّ متعة في التعليق على مثل تلك (الخزعبلات) التي يتقيؤها البعض على (تنانير) الحقائق، خصوصاً أنهم يعلمون أننا صحفيون ولسنا (مرتزقة)، وفي الصحافة تبقى (المهنية) و(المصداقية) أهم الشروط التي يجب توفرها في تلك المهنة، لذلك كان من الطبيعي أن ننتقد أفراح عصام في وقت ما وهي تفشل في وضع أي بصمة في الوسط الفني، ونقدم لها الكثير من الروشتات لتتجاوز تلك الإخفاقات وتبدأ في السير في الطريق الصحيح. وكان من البديهي والطبيعي جداً أن نشيد بها حال إقدامها على أمر إيجابي يدعم تجربتها الفنية، وتلك هي المهنية الحقيقية، والتي يتجاوز فيها الكاتب عن نظرة الآخرين له بثبات، ويتجرد تماماً من أي (موازنات) أخرى تحسباً من ردة الفعل عليه إذا ما وجّه (إشادة) بعد (نقد). طه سليمان أيضاً من الفنانين الشباب الذين كتبت عنهم مراراً وتكراراً، وقمت بانتقاده بسبب الأغنيات (الهايفة) التي يرددها (مع احتفاظي الكامل له بحقه الأصيل في الموهبة)، وذكرت في عدد من المقالات أنه –أي طه- يصر على الخوض في مستنقعات الغناء الهابط رغم قدرته على السباحة عكس تيارها، وتقديم أغنيات جميلة ومميزة تحفظ له مكاناً في التاريخ، وتحفظ للشارع العام وللذوق العام كذلك (حياءه)، وقلت كذلك إن طه سليمان حصر نفسه في بيوت الأعراس وتلك (كارثة) ففنان الأعراس يصنف ضمن فنان (العدادات) وليس (التاريخ)، والفرق بينهما كبير، لذلك كان من الطبيعي أيضاً أن أشيد بخطوة الفتى وإطلاقه لحفل جماهيري ضخم، فطه سليمان ليس (عدواً) لنا، ونحن لسنا ب(مرتزقة) كذلك. نعم.. من يطلقون الاتهامات جزافاً، عليهم في البدء أن يفهموا أن الصحافة والنقد ليسا آلة للهدم، وإنما للتقويم والإصلاح، وأن نقد أي شخص لا يمنع على الإطلاق من الإشادة به حال إقدامه على تصحيح أخطائه وإعلانه لبداية جديدة، لذلك رجاء أمسكوا سنان أقلامكم و(بوستاتكم) الإسفيرية (المعطوبة) عليكم، واتركوا (ونسات الجبنات) و(مضغ الأكاذيب). جدعة: أضحكني البعض وهم يصفونني بأنني (انبطحت) لأفراح، وأتحفني آخرون وهم يلمحون إلى أنني (قبضت) من طه سليمان، وصرت (مرتشياً) ما بين ليلة وضحاها. أما أنا فقد تأكدت تماماً أني أسير على الطريق الصحيح، على الأقل (مهنيَّاً). شربكة أخيرة: مخطئ من ظن أن عصر (الرجال البلهاء) قد ولّى. عصر (البلاهة) قد بدأ الآن فعلياً مع الأسف الشديد