محاسن أحمد عبد الله حالة من الفوضى العارمة تجتاح شارع جامعة السودان الجزء الذي يقع غرب استاد الخرطوم وتحديدا تحت النفق حيث شارع الإسلفت الممتد من الشرق والغرب وهو المكان الذي يجلس فيه عدد هائل من الطلبة والطالبات وزائريهم من الجامعات الأخرى حيث كان الأمر ينحصر فقط بتناول الشاي والقهوة لدى (ستات الشاي) المتراصة في المكان من أجل كسب رزقهن, أما الآن فقد اختلف الأمر تماما إذ أصبح المكان عبارة عن بيت عرس تنتابه حالة من الفوضى يغشاه كل من هب ودب وعدد من الطلبة يتحلقون (قروبات, قروبات) ومعهم (دلاليك, باقات) يضربونها ضربا يتفوقون فيه على ملكة الدلوكة إنصاف مدني, ومشهد آخر لا يختبئ عن العين: (الأولاد) نعم الأولاد في حالة من (الجبجبة) والرقص الذي تخجل الفتاة من ممارسته أمام العامة, حالة من الميوعة الخطيرة و(قوة العين) لا يأبهون بالضابط أو الرابط, قمة الفوضى والهمجية والعشوائية لبعض من الطلاب الذين خلعوا عباءة الطالب جانبا وهم يشوهون صورة الطالب المثالي الذي خرج من أجل تحصيل العلم. أصبح الأمر شاذا ولافتا للغاية وبالأخص لدى الأشخاص الممتطين للمواصلات العامة التي تمر بين أقدامهم وهم يضربون كفا بكف للفوضى التي يشاهدونها بأم أعينهم وهنا تسحتضرني طرفة وأنا ممن يمرون بذلك الشارع وكان يجلس بالقرب مني رجل في الخمسين من العمر وفجأة لمح ابنة شقيقه وهي جالسة في حلقة الدلوكة والرقيص مع مجموعة من الشباب وقبلها كان مستهجنا للمنظر المستفز وقبل أن تنمحي من على وجهه علامات الاستفزاز لمحها بينهم فما كان إلا أنه ناداها بانفعال شديد من نافذة المركبة وهو هائج (ده شنو يا مريم تعالي أمرقي من وسط الأولاد ديل مرق جلدك)، وأصبحت الفتاة تتلفت يمنة ويسرة ما اضطر الرجل إلى الترجل من المركبة التي كانت في الأصل في حالة وقوف نسبة للزحام الشديد بسبب طلبة الجامعة في هذا المكان تحديدا, ولم أدرِ بعدها ماذا فعل ولكن ما كان ظاهرا للجميع بأن تكون ردة فعل العم قاسية على ابنة شقيقه. التساؤل الملح الذي يطل ويشخص هنا بصورته الواضحة دون تعتيم هو: هل من ضابط لما يحدث من فوضى؟ أم ستصمت الجهات المعنية بالأمر وتعتبر ملاحظاتنا رجاءات مصحوبة بالاستعطاف؟ ما قصدته هو كيما تعود للطالب الجامعي هيبته وهو يمتطي صهوة جواد الأمنيات التي يترقبها فور تخرجه وحصوله على وظيفة بعد أن أصبح الأغلبية منهم مجرد (أطفال) بعد قرار اختصار فصول الدراسة الذي ربما لم يخضع لدراسة كافية ووافية. الأغلبية منهم لا يزالون في في طور الحبو الفكري وهم يخلقون حالة من الإزعاج والفوضى, ونحن نتمنى أن يقنعونا فهما ووعيا ويجذبوا الآخرين لهم وينقذوا من تمرد من هزالة الفهم حتى يجدوا طريقهم إلى التوازن. لذلك لا بد من مواجهة الخارجين عن الطوق بأخطائهم دون مجاملة حتى يكتشفوا ذاتهم لأن العبء الأكبر عندما لا تكتشف ذاتك ذاتها وافتقادها للبراهين والمنطق هذا بدوره سيؤدي إلى انهدام المبادئ فالأمر يستحق الوقفة وصاحب الوجعة يخوض غمار المعركة الحامية الوطيس غير مبالٍ بالهجمات والجحيم المستعر بعيدا عن التفاهات التي قد تجبرك على بيع مبادئك في سوق الجهلة والانصياع لأوامر من يفتقدون دفة الحوار والمعالجة. بدون قيد: عزيزي.. هناك جليد تحته بركان ثائر.. وهناك صمت يستنطق الصخر.. فأنا امرأة نخلة خليط ما بين ثورة البركان وحديث الصخر, انتفض كبرياء وشموخ وأغسل أحزاني في يم الحروف.