هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته لحماية استقلال السودان *وسط زحمة اللهاث اليومي لسد الحاجات الأساسية وضرورات الحياة اليومية، لم نعد نهتم بالتوقف عند المحطات التأريخية المهمة في بلادنا، مثل يوم التاسع عشر من ديسمبر 1955م الذي يمثل مرحلة فاصلة في تأريخ السودان. *نبهنا عالم الاجتماع الأشهر في العالم العربي عبد الرحمن بن خلدون في كتابه المرجعي "مقدمة ابن خلدون" إلى أهمية تدبر فلسفة التأريخ باعتباره مادة حية عن أحوال الناس وتطور الأمم والشعوب ونشوء الدول وانهيارها. *لذلك نتوقف عند هذه المحطة التأريخية التي تصادف يوم غد التاسع عشر من ديسمبر، لا لنعيد سرد الأحداث، ولا للبكاء على أطلال الماضي ونحن نفخر ببطولات الأجداد وأمجادهم ومواقفهم المشرفة، وإنما لاستلهام العبر والدروس من هذه المواقف التأرخية. *إن الاقتراح الذي تقدم به عضو البرلمان في ذلك التاريخ عبد الرحمن محمد دبكة، لم يكن وليد صدفة أو موقف فردي، وإنما نتاج توافق سوداني بين الحزبين الكبيرين الحزب الوطني الاتحادي وحزب الأمة ، لذلك تمت إجازته بالإجماع من نواب البرلمان برئاسة مبارك زروق. *كان الخلاف بين الحزبين الكبيرين حول خيارين: إما الاستقلال الذي كان يتبناه حزب الأمة أو الاتحاد مع مصر الذي كان يتبناه الحزب الوطني الاتحادي، وفي هذه المحطة التأريخية تم التراضي بين الحزبين على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان. *هذا التراضي جسده المشهد التأريخي الخالد في وجدان الشعب السوداني عند لحظة رفع الزعيم إسماعيل الأزهري علم الاستقلال وبجانبه القيادي البارز بحزب الأمة محمد أحمد محجوب، في إشارة ساطعة إلى وحدة الإرادة السودانية، المدخل الأهم لاستقلال السودان. *ما أحوجنا في هذه الأيام التي تتصاعد فيها الخلافات السياسية والنزاعات المسلحة التي أضرت باستقلال الوطن ووحدته وسلامه واستقراره واقتصاده ومعيشة إنسانه، نتيجة للكيد السياسي وعدم التوافق السوداني حول أجندة سودانية قومية يتراضى عليها أهل السودان. *للأسف كلما اقتربت الخطى نحو التوافق المطلوب تحركت بعض القوى المعادية للتغيير المنشود لسد الطريق أمام هذا التوافق لتنتكس المساعي الجارية لتحقيقه خطوات نحو الخلف، بدلاً عن أن تتقدم إلى الأمام، رغم كل فرص التوافق السوداني المتاحة.. لتتأجج من جديد النزاعات التي كلفت السودان وأهله الكثير بلا طائل. *ننتهز هذه المحطة التأريخية لنجدد الدعوة للفرقاء السودانيين للتنادي إلى كلمة سواء بينهم، بعيدا عن التخندق حول الأجندة الحزبية، للخروج من هذه الدائرة الجهنمية إلى رحاب المستقبل بمشاركة كل أبناء السودان، بعيداً عن محاولات الهيمنة، للوصول إلى التراضي السوداني حول أجندة قومية يمكن الاتفاق عليها في ظل مناخ ديمقراطي تعددي يتم فيه الاعتراف بالآخر المعارض، ووضع أطروحاته أمام طاولة الحوار، واستكمال متطلبات بناء الثقة بتعزيز الحريات وحمايتها من تدخلات الإجراءات الاستثنائية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتجديد الدعوة للمتحفظين على الحوار في ظل المناخ السائد. هذا هو الطريق لحماية استقلال السودان الذي تهدده النزاعات الداخلية وتداعياتها الخارجية .