نصف ساعة داخل (مدافن أبناء بعانخي) بالشمالية فلاشات: محاسن أحمد عبد الله سجلت (فلاشات) زيارة خاطفة لمنطقة الكرو، تلك البقعة التي تقع في الولاية الشمالية حيث تضم أعظم وأعرق الحضارات بالمنطقة، ومن بينها مقبرة ملك النوبة العظيم بعانخي أول ملوك مملكة كوش من أسرة تمركزت في نبتة فيما شيدّ قبره تحت قبة كبيرة بمنطقة الكرو، بينما تضم المنطقة ذاتها وفي جانب آخر قبر ابنه الأصغر (تنتم) وهو المدفن الذي تمكنا من زيارته من الداخل ومعرفة ما بداخله. حارس أمين: دليلنا في تلك الزيارة كان حارس المقبرة ومالك مفاتيحها العم علي عبد الكريم ذلك الرجل البشوش الذي لم يثنه تقدم السن من التحرك برشاقة وهو يتقدمنا في المدرج الطويل تجاه المقبرة ببنيته القوية، متوجهاً داخل المقبرة ذات الباب الخشبي الصغير، بينما الظلام يحفنا في مدرج طويل من السلالم الحجرية حيث تقع المقبرة في مساحة واسعة وأرض رملية وجدران مزينة بعدد من الآلهة والرسومات الأخرى مع ظلام شديد عدا ضوء الكشافة الذي ينير المكان مع أوامر مشددة بعد استخدام فلاشات الهواتف للضرر الذي تسببه في ألوان الجداريات بينما بدأ بعض الخوف يسري داخلنا ولم يخففه عنا سوى حديث وشرح العم علي عبد الكريم الذي أشعرنا بشيء من الطمأنينة. سرقة (خواجات): العم علي تحدث في البداية عن المدفن قائلاً: (هذا المدفن للابن الأصغر للملك بعانخي ويسمَّى (تنتم)، وعمر هذا المدفن خمس آلاف سنة ظل هكذا كما ترونه الآن). سألناه أنه من المعروف أن مدافن الملوك وأبنائهم تضم معهم حاجاتهم من الذهب والفضة والأثاث وكل ما كان ذا قيمة.. أما هذا المدفن الذي نحن بداخله الآن فهو خالٍ تماما من أي شيء.. لماذا؟ فأجابنا بسرعة: (بالفعل هذا ما كان يحدث مع كل الملوك القدامى عندما يتم دفنهم تُلحق معهم أشياؤهم الثمينة بسبب الاعتقاد بأن هناك حياة أخرى، وقبر (تنتم) الابن الأصغر لبعانخي كان يضم كل ما ذكر، ولكن الإنجيلز قاموا بسرقته منذ زمن طويل وتركوه كما تشاهدينه الآن)، مضيفاً في سؤال آخر لنا عن توفر الحماية لتلك الآثار: (توجد حماية ولكنهم كانوا يأتون بغرض اكتشاف الآثار وغيرها من المسميات الأخرى)! رسوم وطلاسم: العم علي حارس للمدفنة منذ العام 1966، وعن ذلك يقول: (ظللت أحرس هذه المدافن ليل نهار وأعمل دليلاً لكل زوارها من خارج البلاد لشرح ما بداخلها بالتفصيل)، ويواصل: (أي رسم له معناه داخل المقبرة، ومنهم آلهة تحرس الشخص الميت وأخرى تقوم بخدمته وأخرى لأبنائه وحاشيته وهكذا). زيارة ممنوعة: عن سبب منع الزيارة لمدفن الأب بعانخي والسماح بالمقابل بزيارة قبر نجله الصغير يقول علي: (مدفن بعانجي تحت قبة كبيرة في ذات المنطقة وهو مغلق حتى اكتمال عمليات الاستكشاف التي تقوم بها عدد من الجهات)، بينما يواصل في السرد: (هناك مدافن ومقابر عدّة من بينها مقبرة ترهاقا الابن الأكبر لبعانخي والتي تقع في منطقة نوري وهي لا تقل شأناً عن مقبرة الأب الملك بعانخي