احتفلت وزارة التجارة السودانية بالأمس بشكل مختلف ومتميّز ورائع بأعياد الاستقلال المجيد موقف يُسجل لها وتستحق عليه الشكر والتقدير والثناء، وهذا ما كتبنا عنه قبل يومين، التفكير بشكل مختلف ومتجدد في احتفالاتنا بعيد الاستقلال أو نهاية العام، فكرة تفرح العاملين البسطاء الذين أبدعوا وتميزوا، أو من أفنوا عمرهم في الخدمة المدنية باخلاص وتجرد، حتى ذهب نظرهم، وضعف جسمهم، واعتلت صحتهم، وقد يغادرون حياتنا الزائلة قبل أن نقول لهم (شكراً) ! بالأمس كان يوماً متفرداً ومتميزًا للمعاشيين بوزارة التجارة، رسم الفرحة على وجوههم وأعاد البسمة على شفاههم اليابسة، احتفال حاشد ومهيب قامت به وزارة التجارة ممثلة في وكيلها الأستاذة (مريم الإمام)، حضور كثيف من المعاشيين وأسرهم ضاقت بهم صالة معرض الخرطوم بما رحبت، كرمتهم الوزارة خير تكريم في حفلٍ بهيج، منحتهم فيه شهادات شكر وعرفان على خدماتهم وتفانيهم وإخلاصهم لعقود من السنوات قد تصل فترة عمل بعضهم إلى قرابة النصف قرن قضوها في الوزارة، حتى كساهم الشيب ووهن جسدهم . كما منحتهم (ظرفاً متواضعاً) في حياء يحوي مبلغاً متواضعاً يحلحل من همومهم اليومية البسيطة كان له وقعه وألقه في النفوس رغم رمزيته . جموع من المعاشيين رسمت قسوة الحياة تعرجاتها على وجوههم، يتوكأ بعضهم على عصا وغيّر غبار الدهر لون شعورهم وآخرون متثاقلي الخُطى، تجمعوا في مشهد مهيب وهم فرحون بهذا (التقدير) بعد أن ظنوا بأنهم في طي النسيان، فجاء تكريم وزارتهم بمثابة بلسم شافٍ لكل الجروح والآهات والزفرات . هذه المواقف تثلج الصدور وتدخل البهجة على النفوس و تشجع الذين لازالوا على رأس العمل بمزيد من البذل والتميّز وترك بصمات طيبة بمؤسساتهم . لم تستثنَ وزارة التجارة في تكريمها حتى الذين رحلوا من عامليّها، فقدمت لأسرهم شهادات التقدير والتكريم فكانت رسالة لها صداها في دواخلهم، حفظاً لمكانتهم وما قدموه طوال حياتهم، فأفرحت اليتامى وأثلجت قلوب الأرامل بهذا الصنيّع . تهدر بعض مرافق الدولة ببذخ المليارات في احتفالات الاستقبالات و الإفطارات، ولاتتذكر الذين خدموها من قريب أوبعيد، ولنسأل وزارات الدولة المتعددة متى آخر مرة تم تكريم للمعاشيين الذين خدموها بنكران ذات وسكبوا عرقهم وبذلوا جهدهم ؟!، أنفِقوا في هؤلاء فسيضاعفه الله لكم، فإن وراءهم أرامل وأيتام وأطفال ومرضى لو أقسموا على الله لأبرهم . كتبت قبل ذلك عن (العم عبدالله) الذي وجدته يجلس على كرسي خشبي متهالك أمام داره، وقد قست الدنيا عليه، حتى ضعُف بدنه وابيّض شعره، وقد أفنى كل عمره (كسائق) في إحدى الوزارات تعاقب عليه قرابة العشرة وزراء، طاف خلال عمله الأصقاع ومعظم أرياف وحضر السودان، وأخيراً لا أحد يذكره بعد كل هذا الجهد والكد، يلقاك هاشاً باشاً ويحكي عن عمله بفخر ! (اقتدوا بوزارة التجارة) التي قدمت احتفاءً متميزاً أدخلت البهجة لمئات الأسر والبيوت التي رفعت أياديها مبتهلة بالدعاء شاكرة وحامدة و داعية بالخير للقائمين بالأمر . إلى لقاء .. محمد الطاهر العيسابي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته