ملخَّص ما نشر: تفاقمت المشكلات والمضايقات لبوب مارلي وجماعة الراستاويين بصورة مذهلة؛ فبعد أن كانت الشرطة تداهم الراستاويين في أحيائهم الفقيرة وتضيق عليهم الخناق وتوقف موسيقاهم أصبحت تضايق بوب نفسه بتوقيف سيارته بالشارع وتفتيشها تفتيشا دقيقا وتوقيف بوب ووجهه على الحائط رافعا يديه وتفتيش جيوبه كما احتكَّ بوب بمنعطف خطير، بعد أن استعان ببروفيسور (لي سكراتش) ودوزن معه أجمل الألحان وألّف معه أروع الأعمال، قام سكراتش بعد ذلك بسرقة ومصادرة كل الأعمال الموجودة وذهب وباعها في لندن، وانتشرت في كل بقاع العالم دون أن تجني الفرقة منها فلسا واحدا، كما امتنع مسؤولو الإذاعة عن بث أغاني بوب وذلك بإيعاز من شركات التسجيل والإنتاج الفني بعد أن دفعوا رشاوى للفنيين بإستديوهات الإذاعة هناك حتى لا ينافسهم بوب بأعماله ولكي يستطيعوا أن يروجوا لإنتاجهم الفني بصورة أكثر احتكارية مما ضطر بوب إلى أن يدخل الإذاعة بالقوة والعنف مستخدما مجموعة من رفقائه حتى تم بث عدد من أغنياته قسراً. (1) استمرت المعارك والحروب من داخل الوسط الفني والإعلامي بأساليب محكمة ومعدة بإتقان حتى يُحبط بوب ويترك الساحة لمنافسيه خصوصا بعد أن دمروه اقتصاديا وأصبح لا يقوى على دفع استحقاقات أفراد فرقته، في هذه اللحظات العصيبة لم يُحبط بوب ولم يستسلم واتخذ قرارا بالسفر إلى لندن وعند وصوله ذهب إلى شركة (آيلاند للإنتاج الفني والإعلامي) وعرض عليهم أعماله وألحانه وطلب منهم قرضاً لإنتاج أعمال لصالح الشركة وعندما سمع أصحاب شركات الإنتاج بوصول بوب إلى لندن ومحاولة إبرامه عقدا مع شركة (آيلاند للإنتاج الفني) كانوا يعرفون مدى الإمكانية المادية لتلك الشركة العملاقة وسمعتها العالمية الواسعة فسارعوا على الفور إلى لندن وقالوا لصاحب الشركة إن الذين تريد أن تدعمهم وتعقد معهم اتفاقا فنيا هم عبارة شرذمة مشردة ليس لهم أدنى اهتمام بالفن لذلك السبب لفظتهم الساحة الفنية بجامايكا فنرجو ألا تعطيهم شيئاً حتى لا تفقد أموالك وتدخل معهم في مشكلات. (2) لكن مدير الشركة قال لهم: "سأجلس مع بوب في المساء وأحدد ماذا سيكون"، فرجع أصحاب الشركات إلى جامايكا مسرورين ولكن صاحب الشركة كان شديد الثقة في لهجة بوب فحكى له ما قالوه عنه وابتسم بوب وقال: "سأرد لك بيانا بالعمل وليس بالحديث لذلك فإني ألتزم الصمت حتى ننتج ونتحدث فيما بعد"، وبالفعل دفع مدير الشركة مبلغ أربعة آلاف جنيه إسترليني كأكبر مبلغ يُدفع لفرقة غنائية في ذلك الوقت، وأخذ بوب المبلغ وذهب إلى جامايكا استعدادا لذلك الإنتاج الضخم لتلك الشركة العملاقة وبعد مُضي أكثر من شهرين جاء مدير الشركة إلى جامايكا فاستقبلته الفرقة بالفندق، ولكم كانت دهشة مدير الشركة عندما وجد روعة الاستقبال وجودة الأعمال التي قدمتها فرقة بوب، بل وجد نسبة الأعمال أكثر وأكبر من المتفق عليه في العقد، وكان ذلك عام 1973م فانتشر الألبوم بصورة غطت كل مناطق البحر الكاريبي وكل دول جوار المنطقة وكانت ترجمة إحدى أغانيه الرائعة تقول (لا توجد سلاسل في قدميَّ ولكني لست حراً) فوضعت تلك الأغنية وقتها شعاراً لكثير من الفعاليات. (3) في عام 1974م كان (بلاكويل) مسؤولاً عن ترتيب إدارة أعمال الفرقة ولكن قال البعض عنه إنه اتخذ قرارات أضرت بمسيرة الفرقة ومن ضمن القرارات تفضيل بعض أفراد الفرقة على زملائهم مما أحدث ربكة بالفرقة ولكن الفتنة الكبرى كانت عندما تدخل المعارضون لمشروع بوب وحرّضوا (بيترشوس) و(باني ويلر) على مواجهة مدير الشركة المنفذة على أن يعاملهم بنفس الطريقة التي يعامل بها بوب مارلي وألا يسكتوا على هذا الوضع ويكونوا مستصغرين أمام بوب مارلي وبالفعل تفاقم الوضع مع (بيتر شوس) بصورة أكبر فبيتر كان يمثل المغني الأساسي خلف بوب وهو يمتلك مهارة صوتية وأدائية عالية وقد كانت هناك أعمال وألحان كثيرة مفصلة على ثنائية بوب وبيتر كمغنٍّ مردِّد ومجمِّلٍ لكثير من المقاطع. (4) قال المحرضون لبيتر شوس: "أنت العمق الأساسي والبعد الأقوى لأغاني بوب، فلا يمكن أن تكون ظلاً خلفه مهما كان. انطلق بنفسك وستحقق نجاحات وجماهير لا تقل كثافة عن جماهير بوب، فلذلك وجب عليك الانفراد والاستقلال بنفسك"، وقال آخر حتى يعمق الفتنة بينهم: (لو كان بوب مارلي يمثل مارتن لوثر في دعوته وكفاحة ورسالته للتآخي والمحبة والسلام، فأنت تمثل جيفارا أو (مالكوم إكس) بالفرقة، وبالفعل انفصل بيتر ومعه عدد من الأفراد بعد مواصلة مع الفرقة استمرت لاثني عشر عاماً، ثم فعل بوب المفاجأة الكبرى التي لم تكن في الحسبان. (نواصل الأسبوع القادم)