(...) هذه حقيقة ثروتي ++ ما حدث للصادق المهدي من صنع يده ++ لم أمارس البطان ++ الإسلاميون بصفة عامة متسامحون ++ استضاف برنامج (فوق العادة) الذي يُبثُّ على قناة (الشروق) د.نافع علي نافع القيادي البارز بالمؤتمر الوطني، والمساعد السابق لرئيس الجمهورية، وطرح عليه العديد من التساؤلات التي تتعلق بأسلوبه في الحياة والتعاطي مع العمل السياسي بشكل عام ومواجهة خصومه. حوار: ضياء الدين بلال تميد النافعاب المنشأ والمولد؟ تميد النافعاب قرية تابعة لولاية نهر النيل بمحلية شندي على الحدود بين نهر النيل وكسلا من جانب والخرطوم من جانب آخر، وهي منطقة قديمة في التاريخ وانتقلنا لها نحن النافعاب من منطقة حوش بانقا نتاجاً للطبيعة وصراع القبائل وغيرهما. نافع هو مؤسس القرية؟ جدنا نافع الكبير وليس المباشر وهو شقيق نفيع أمير الجعليين. هل لديك قرابة وصلة بحوش بانقا؟ حوش بانقا لدينا فيها أهل وجزء من التميد من حوش بانقا. كيف كانت طفولتك؟ عادية جداً، طفولة شاب في بداية، والطفل في القرية يعيش حياة عادية ليس فيها "روضة" أو غيرها وإن كانت فيها خلاوى. مارست البطان؟ أبداً والله. لماذا؟ والله البطان يحدث في مرحلة من العمر، غالباً عقب سن البلوغ، وهذه فترة نحن انشغلنا فيها بالدراسة، وأيضاً ربما نحن عندما بلغنا تلك السن بدأت الظاهرة تنحسر في الستينيات وأوائل السبعينيات، ولكنها عادت الآن وتمارس في قلب الخرطوم. ما هو رأيك في هذه الممارسة؟ والله شوف، هي تعبير عن حماسة وانتفاش شديد جداً، وهي جزء من الفروسية، ولكن لا أحسب أنها التعبير الأمثل عن هذا الانفعال ولا أراه مناسباً أن يعرّض الناس أنفسهم للسياط، وكثيراً ما يحدث عنها ألم وأضرار. هل تعترض عليها دائماً أم تكون محايداً تجاهها؟ والله أنا غير محايد تجاهها ولكنها تحدث وأنا موجود. هل هناك بطان في السياسة؟ البطان بمعنى المبارزة ومحاولة إثبات الذات قطعاً موجود في السياسة بأكثر مما هو موجود في البطان المباشر. بعض الناس يرون أنك تستخدم في كثير من المرات البطان السياسي مع الخصوم؟ والله أنا وتيرتي في العمل السياسي واحدة بمعنى أنني إن أردت التحدث عن طرحي الحزبي في مقابل كيانات أخرى أكون واضحاً وهو وضوح أكثر من أنها محاولة تحدٍّ. لكنه وضوح يميل للاستفزاز الحاد للخصوم؟ والله لا أعتقد، ولكن إن كانت لديك بعض الأمثلة عن أنه استفزاز يمكنني أن أعلق عليها. حديثك عن أن (القيادات السياسية على حافة القبر) وحديثك عن (لحس الكوع) وحتى العبارات التي ارتبطت بك إعلامياً؟ (شوف) حافة القبر هذه كناية عن تقدم أعمارهم وقد يكون نوعاً من الحديث لا أحرص أن أقوله، ولكنه يكون أتى في سياق أو رد على قول وغيره. أما لحس الكوع فأنا لا أرى فيه استفزازاً أصلاً وأنا مقتنع بأن الذين يرون في لحس الكوع استفزازاً واحداً لا يدرون ما هو، والنوع الآخر فاهم ولكنه يريد أن يفهم منها استفزازاً ويستغلها سياسياً والحالتان مصيبة، ولحس الكوع هو مستحيل، وعندما تقول ذلك هذا يعني الحكاية مستحيلة. (مقاطعة) لكن أليس فيها تحدٍّ؟ بالتأكيد.. بالتأكيد والتحدي بمعنى أنني أعبر لك عن استحالة مقدرتك على فعل هذا الأمر وأنت عندما تقول لي "أنا بهزمك وأقلع منك" أقول لك: "كدي جرب لحسة كوعك". هل جربت في فترة من الفترات لحسة الكوع؟ لا لانني أعرف سلفاً ما هي وأنها مستحيلة لم أحاول طبعاً. هل كنت تتوقع في فترة طفولتك وما بعدها أن تصبح سياسياً مشهوراً؟ والله لا، في طفولتي ولا بعدها أصلاً لم أتوقع أن أكون سياسياً على الإطلاق وذلك لأنني أثناء المدرسة وبعدها لم أكن ناشطاً سياسياً ولا حتى ناشطاً اجتماعياً ولم أدخل الاتحاد ولا الجمعيات الأدبية ولا جمعيات الخدمات وأنا دخلت في السياسة من باب التكليف والله. من جنَّدك للحركة الإسلامية؟ أظنه المهندس تاج السر مصطفى عبد السلام. ومن جنّدت أنت من القيادات الكبيرة؟ أنا لا أظن أنني جندت لي شخصا كبيرا والكبير هو رب العالمين، ولكن في إطار التكليف. دخولك لكلية الزراعة هل كان عن رغبة أم فرضته النسبة فقط؟ والله لحد كبير ونحن دخلنا الجامعة في 66 -67 في ذلك الوقت كانت حكاية الدخول لكلية لكلية الطب والصيدلة هي الطاغية ولكن أقدار الله أنني أيام الامتحانات مرضت ودخلت المستشفى وتلقائيا تضاءلت فرصة دخول الطب والصيدلة وأصبحت النتيجة الأغلب هي للزراعة أو البيطرة. هل كانت لك رغبة أن تكون طبيباً؟ والله لا أظن أن الحكاية في ذلك الوقت كانت رغبة ولكن رأي المجتمع في الدكاترة ورغبة الوالدين تجعل الرغبة في دخول كلية الطب، ولكن لا أدري إن كان يدخلها الناس عن قناعة أو حسب المناخ السائد. لماذا يقول البعض إن كلية الزراعة لا يدرسها الناس إلا اضطراراً؟ حاليا المنافسة في كلية الزراعة بنسب كبيرة جداً وصحيح عندما نتحدث في زمان بعيد كان الناس يذهبون إليها بعد أن يفقدوا فرصة الطب. هل لديك علاقة مباشرة بالزراعة؟ بمثلما قلت لك نحن طبعاً نشأنا في بادية والبادية مدارسها في الخريف والزراعة مطرية، ولكن في جزء من التدريب أثناء الدراسة بالكلية قمنا برحلات لكل مناطق السودان مثل مشروع الجزيرة وولاية النيل الأزرق وتعرفنا على كافة أنواع الزراعة بجانب الممارسة للزراعة في هيئة التدريس وغيرها ولكنها تجربة زراعية بمستوى كبير لم تحدث لي. بحكم نشأتكم في منطقة إبل كانت أقرب البيطرة لك؟ كانت أقرب لي البيطرة ولكن أنا وعدد من أصدقائي المقربين من أبناء الدفعة والمدرسة ذهبنا جميعا لكلية الزراعة. بعض الناس يتحدثون عن أن د.نافع عنده ثروة طائلة من الإبل؟ (ضحك) أولاً لا أفتكر إن كانت عندي، وليتها كانت عندي لأن جدي لأبي وجدي لوالدتي كانت لديهما ثروة طائلة حقيقة من الإبل ولكن بفعل الجفاف والتصحر في الثمانينيات أعدمت الإبل إلا قليلاً منها والآن الحديث حولها تجدد لأني عقب استقراري في الخرطوم قمت بشراء نياق محدودة جداً لشراب اللبن. ليست ثروة طائلة كما يصور؟ (ضحك) والله الآن ثروة طائلة لأنها تقارب الأربعين رأساً. ما هو الشبه بين الزراعة والسياسة؟ والله لا أستطيع القول إن هناك شبها مباشرا ولكن الدراسة العلمية مفيدة جداً في السياسة، وربما يكون هذا سبب نجاح الأطباء الذين اشتغلوا بالسياسة لأن المنهج العلمي يعلّمك التدقيق ويعلمك صفات كثيرة في السياسة. متى تستخدم المبيدات في السياسة؟ (ضحك) أنت ما تخليها سماد. المبيدات؟ والله أول شيء المبيدات كجزء من الزراعة غير محمودة والآن هناك ظاهرة قوية جداً في العالم للتوجه نحو النباتات الخالية من المبيدات وبالخلفية العلمية ومعرفتي بما تُحدثه المبيدات لا أميل لاستخدامها في السياسة إلا إذا كانت هناك ضرورة. ما هو شكل هذه الضرورة؟ ليس بالضرورة أن تكون المبيدات ولكن قد تكون الضرورة "لحاجات تانية". أنت في مرات تضطر لاستخدام المبيدات؟ لا أعتقد أنني أميل إليها بمعرفتي بأضرارها في النبات وبالضرورة لن تكون مفيدة للاستخدام في العمل السياسي. متى تستخدم السماد؟ والله السماد طبعاً قيمته في أنه يُستخدم كتحفيز للإنتاج وزيادته ولكن السماد في السياسة وهو من الوسائل التي يمكن أن تستخدمها لزيادة فرصة الحصول على نتائج، وأنا أفتكر أن السماد في السياسة أن تكون لديك علاقات منفتحة جدا مع القوى السياسية "حوار بعقل وقلب مفتوح" وبتقدير كامل أن هناك وجهة نظر أخرى قد تكون مثمرة ومفيدة لك حتى في برنامجك الخاص وأفتكر أن هذا سيكون تسميدا للمناخ السياسي والعلاقات واستثمار هذا التسميد وهذا العمل في أنه لا يصبح للترف والصداقة الشخصية ويجب أن يحول لسياسات. هناك أناس يقولون إنك ترفع درجة التوتر السياسي من خلال تواصلك مع الآخرين؟ أنا حقيقة أفتكر أنني لا أرفع من درجة التوتر السياسي ولكني أعتقد أن الإسلاميين بصفة عامة متسامحون كثيراً جداً. لكن التسامح جزء من الدين؟ نعم التسامح جزء من الدين والقصد كذلك هو جزء من الدين والآخر منتفش انتفاشة شديدة ولكن حينما تقرأ القرآن تشعر بأن هذه طبيعة الأشياء (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ) الآية (13) البقرة. أنت تحب الإكثار من الغلظة؟ لا أحب أن أكثر من الغلظة ولكن لن أتحاشاها إن وجبت. وهل تجب كثيراً؟ لا أظنها تجب كثيراً. هل أنت راضٍ عن مسيرة أدائك السياسي؟ والله آمل أن يكون كله صادق في النية والتوجه والأهداف، وفي هذه الحالة النجاح والفشل فيه كله نجاح لأن المسألة مسألة أجر ولكن في ظل التقدير هذا أقول إنني راضٍ تمام الرضا ولكنني مرتاح لما بذلته جهد. أشياء تتحفظ عليها في تجربتك السياسية وتشعر بأنها لم تكن كما تريد وتبتغي؟ أنا حقيقة أفتكر أن أحد متطلبات العمل السياسي أن يكون الشخص اجتماعيا جدا ومتواصلا جدا وأنا بطبيعتي لست كذلك، وليس ذلك بسبب السياسة وأعتقد أن ذلك من أوجه القصور والانفتاح الكبير مع الناس أحد الأشياء التي يجب أن يحرص عليها السياسي وأنا مُقِلٌّ فيها إلى حد ما. هناك اعتقاد بأن عنفك التعبيري اللفظي تجاه الآخرين أدى لعنف مضاد تجاهك؟ دعني أقولها لك بصورة تأصيلية أكثر.. أنا أفتكر أن في الصراع السياسي والمواجهة بين الأفكار والعقائد كان الإسلام دائما هو المتسامح وهو المعتدى عليه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) الآية (11) البقرة، وفي مسيرة الدعوات كلها الرسل عليهم صلوات الله جميعا اُعتديَ عليهم وبنو إسرائيل قتلوا الأنبياء بغير حق، وعندما يبدو شخص أو جماعة رافضة لأن تخفض الجناح دائما وأن تدير خدها الأيمن يضيق بها الآخرون ذرعا بشدة ويتطاولون عليها وتصل مرحلة الاستفزاز. هل أنتم الآن تتعاملون مع الناس بأنكم امتداد للصحابة؟ نحن نتمثل الصحابة. وكأنكم تتعاملون مع الآخرين كأنهم كفار أو منافقون؟ أبدا وهذا ليس سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سلوك الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم سامح كفار قريش وأطلق سراحهم والله سبحانه وتعالى لم يطلب من المؤمن إطلاقا الذل إلا لأخيه المسلم (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) الآية (54) سورة المائدة. في القسمة الحادة هذه أنتم في النهاية حزب سياسي إسلامي مثلكم مثل الحزب الاتحادي وحزب الأمة والأحزاب الأخرى، لماذا تميزون أنفسكم كأنكم أنتم من يمثل الإسلام فقط؟ أنا أعتقد أن هذه عقدة نفسية عند الآخرين ونحن لا ندعي ذلك ونحن نمثل الإسلام ولا نقول حتى من لا يريد الإسلام ما يشتغل سياسة ولكن لن نقبل من يريد أن يدافع عن الإسلام من وجهة نظره ومن يريد أن يقول إن الإسلام غير نافع للحياة أن يضيق على الآخرين ويقول لن نقبلهم وأنت تلاحظ حتى في ثورات الربيع العربي فإن الناس يتكالبون على الإسلام الذي يسمونه بالإسلام السياسي بأن لا ينتقل وهذا طغيان باطل. الصادق المهدي في الأخير قيادي سياسي وإسلامي وأنت تتعامل معه بذات الحدة التي تتعامل بها مع الآخرين؟ نحن لم نتعامل معه وقلنا لا يحق له والسيد الصادق خصيصاً لا يوجد شخص في المؤتمر الوطني لا أنا ولا غيري تحدث إلا رداً على حديثه وأكثر عنف لفظي لو رجعت للأرشيف وحتى أرشيف صحيفة (السوداني) ستجد أن الصادق ضد المؤتمر الوطني وقياداته ورئيسه ولكن هناك بعض الناس يعتقدون أنهم بمعزل عن الرد عليهم وهذه تربية طائفية لا ترى أنهم سواسية مع الناس ينقدون هم والآخرون ليس من حقهم وأنا شخصيا ليس لدي شخص مبرأ من العيوب وأن يقول في الناس ما يشاء ولا يقال فيه. هل أنت راض عما يحدث للسيد الصادق المهدي حالياً؟ والله من صنع يده وأنا لم أكن أتمنى أن يفعل ذلك.