وثائق قناة (الجزيرة) المسربة مخطط اغتيال (زوما).. سر اتهام السودان \\\\\\\\\\\\\\\\\\ تسريب وثائق تتهم السودان بالتخطيط لاغتيال رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي (نكوسازانا زوما) (الجزيرة) هل وضعت السودان في دائرة الاستهداف؟ مصادر دبلوماسية: الحكومة لا ترى داعياً لإعلان موقف حول ما بثته قناة (الجزيرة) باعتبار أن الأمر ملفَّق بشكل واضح محللون: السودان ليس لديه عداء مع رئيسة المفوضية حتى يفكر في اغتيالها \\\\\\\\\\\\\\\\ قيل إن الوثائق مسربة من دولة جنوب أفريقيا، لكنها كانت في نطاق ضيق لم تظهر في الإعلام إلا مع قناة الجزيرة (الفضائية) و(الوثائقية). فالوثائق لم تنشر ك(أوراق) إنما تم توثيقها عبر فيلم وثائقي بُث في القناتين.. وإن كان للتوقيت دلائل إلا أن الأمر الذي تم تداوله في أديس أبابا، صمتت الحكومة بالتعليق عنه واكتفت على ما يبدو بنفي الاتحاد الأفريقي ومسؤول بأديس أبابا. ولتجاهل الحكومة في الرد على الوثيقة التي اتهمت السودان بالتخطيط لاغتيال رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي (نكوسازانا زوما) دلائل ومؤشرات. كان اللافت في إعداد هذا التقرير، تفضيل جميع المصادر التي تحدثت إلى (السوداني) عدم الكشف عن أسمائهم، رغم تنوعهم بين (دبلوماسية وإعلامية وسياسية) في خطوة بدت غريبة بعض الشيء. الخرطوم: لينا يعقوب ربما لم تكشف المصادر عن هويتها لعدم توفر تحليل رسمي تعتمد عليه الدولة في بث قناة الجزيرة فيلما وثائقا حول الوثائق المسربة، فتوقيت العرض الذي جاء متزامنا مع زيارة رئيس الجمهورية إلى الإمارات أوجد أكثر من تفسير وتحليل، خاصة أن تداول الوثائق التي تتهم دولة بمحاولة الاغتيال أو التخطيط للعملية وترويجها على نطاق واسع يتم بعد أخذ موافقة مبدئية من جهات عليا. قبل الدخول في تفاصيل الفيلم الذي كانت مدته ثلاث دقائق، برز اتجاهان: كان الغالب أن قناة الجزيرة الوثائقية اعتادت على توثيق أفلام عن بعض الوثائق المسربة والقيام بعمل استقصائي حولها، واتجاه آخر رأى القناة نفسها لم تقم بعمل فيلم حول وثائق سربت إليها تتهم دولة عربية بالتورط في محاولة اغتيال شخصية عامة باعتبار أن في الأمر ترويجاً ودعاية لوثائق ليست صحيحة، كما أن الوثائق إن تم تأكيدها من جهة أخرى فلا مانع من توثيقها غير أن الجهات المعنية في الوثيقة المتعلقة بتخطيط السوادن اغتيال زوما نفت الأمر جملة وتفصيلاً. أعادت هذه الوثائق قصة ما رشح في الإعلام بمحاولة السودان اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك عام 1995 بأديس أبابا من قبل بعض الجهات الإسلامية، الأمر الذي أدى لأن تسوء العلاقة بين السودان ومصر لسنوات طويلة. زيارة زوما إن كانت الجهة التي سربت الوثيقة لقناة الجزيرة وصحيفة الغارديان البريطانية هي جنوب أفريقيا، فيمكن القول إن علاقتها مع السودان شهدت تقدماً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، فرئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما زار السودان لأول مرة مطلع هذا الشهر الماضي لمدة يومين عقد خلالها مباحثات مع الرئيس البشير تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية. واتفق الرئيسان خلالها على تنشيط أعمال اللجنة الوزارية للبلدين. وإن كان البشير وصف زيارة زوما بالمهمة وسيكون لها ما بعدها، فإن زوما نفسه أعرب عن سعادته بالزيارة مشيدا بدور الخرطوم الخرطوم على صعيد العمل السياسي الإقليمي والعالمي، ودورها أيضا في دعم حركات التحرر من الاستعمار في أفريقيا. ويظهر أن جنوب أفريقيا على علاقة مستقرة مع السودان، بعد أن شهدت العلاقات بينهما توترا إثر مطالبة الأولى في بعض الأحيان بتعامل الدول الأفريقية مع المحكمة الجنائية. قصة الفيلم هكذا بدأ فيلم الجزيرة الوثائقي، "برقيات التجسس" مشاهده بصورة لمفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيسته السابقة "نكوسازانا دلاميني زوما"، التي زعمت الوثائق وجود مخطط لاغتيالها. فبحسب الفيلم "بحلول أكتوبر 2012، أصبحت زوما الرئيسة الجديدة لمفوضية الاتحاد لأفريقي، وبعد ذلك بأيام كشفت بعض أجهزة المخابرات تهديدا وشيكا لحياتها، فأشارت أجهزة مخابرات بجنوب أفريقيا إلى مخطط اغتيال تم الإعداد لتنفيذه في 24 من أكتوبر في المقر الرئيسي للاتحاد الأفريقي بأديس، تبع ذلك سلسلة من الاجتماعات حول الأزمة حيث ساد الارتباك وتوالى الإخفاق في الكشف عن فريق الاغتيال". الفيلم قال أيضا إن رئيس محطة المخابرات التابعة لجنوب أفريقيا بأديس حذر من وجود مخطط، لكنه التزم بالأوامر الصادرة إليه بعدم الإدلاء للإثيوبيين بأي معلومات عن هويات فريق الاغتيال، غير أنه طلب الإذن بالتصريح ببعض المعلومات. أشار الفيلم إلى أنه بعد الإعلان عن المخطط عيّن الأمن الإثيوبي أربعة حراس أمنيين ليلازموا الفندق الذي كانت تنزل فيه زوما واكتفى بالانتظار.. وأن الوثائق تكشف عن إخفاقات مُحرجة في أبسط الجوانب التنظيمية. الحراس المكلفون بالحماية كانوا ينامون في الممرات لمدة أربعة أيام دون أن يزودوا بالطعام والماء، الأمر الذي جعل مسؤول الأمن في الاتحاد الأفريقي حينها، يشتكي أن قائمة طعام الفندق مرتفعة الأسعار بحيث لا يحتملها الحراس، وهو ما يلزمهم بالخروج من الفندق ليلجلبوا الطعام والماء تاركين وراءهم الرئيسة بلا حراسة ولا رعاية وعرضة للخطر، وأنه في اليوم المقرر لتنفيذ المخطط اجتمع جواسيس من جنوب أفريقيا في إثيوبيا لبحث الهدف من الزيارة، والذي تمثل أيضا في القيام بتدخل عام لتأمين رئيسة المفوضية من محاولة الاغتيال، لكن دون الإشارة إلى أن جنوب أفريقيا كانت تعبر عن عدم ثقتها بجهاز الأمن الإثيوبي. وأوضح الفيلم أنه بعد ذلك تفقد عملاء المخابرات أسماء المتآمرين على المعابر الحدودية غير أنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة.. وذكر في نهاية مشاهده "أن عملية الاغتيال لم تقع بحق رئيسة المفوضية، فلم تتوفر للجواسيس المعلومات الكافية ولم يكن لديهم وقت كاف للبحث، وأنهم في ذات الوقت لم يتمكنوا من توفير وجبة غداء للحراس المكلفين بحماية رئيسة المفوضية، ولم يكن بإمكانهم سوى أن يأملوا أن لا يحدث شيء في عملية الاغتيال وصدق التوقع وجرت الرياح بما تشتهي السفن". قطر.. خط إستراتيجي ثابت يبدو أن حساسية تناول الموضوع بالنسبة لبعض الخبراء والمعنيين من هذا الملف أفرز قراءات وتحليلات مختلفة، ومعظم من اتصلت عليهم (السوداني) فضلوا الحديث بعيداً عن أسمائهم. كان المبدأ الأول الذي اتفق عليه الجميع، أن السودان لا يمكن أن يفكر أو يتورط في مثل هذه العمل مهما كانت الدواعي والأسباب، كما أن ليس لديه أي عداء مع رئيسة المفوضية، وأنها مجرد محاولة لتشويه صورة السودان بعد تحقيقه عدة نجاحات في علاقاته الدولية. واختلفت القراءات حول إن كان التسريب له علاقة بتقارب السودان مع المحور (السعودي المصري الإماراتي) وتوقيت بثه الذي جاء متزامنا مع زيارة الرئيس البشير للإمارات، الأسبوع الماضي. فإن اعتبرت مصادر أن للتوقيت دلائل أهمها إرسال رسالة للحكومة السودانية حول علاقاتها الخارجية الجديدة، رأت مصادر دبلوماسية أن ما حدث بين السودان والإمارات من تقارب لا يرقى لأن تؤسس عليه دولة موقفا وتتخذه ضد السودان، وأكدت أن علاقة قطر والسودان قوية جدا، كما أن علاقة قطر بالسعودية مثلا، شهدت تقدما متسارعا وتم تجاوز المشكلات القديمة التي ظهرت بعد قرار السعودية ودولتين أخريين سحب سفرائهما من الدوحة. كما أن بين قطر والسودان تنسيقا تاما حول معظم القضايا الإقليمية والدولة وتتطابق مواقفهما حولها خاصة ما يتعلق بليبيا والإخوان المسلمين، وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن قطر تتفهم حاجة السودان إلى التقارب مع بعض الدول وليس هناك ما يزعجها في هذا الشأن. نفي الاتحاد الأفريقي بلا شك أن رد الاتحاد الأفريقي أهم من رد الحكومة السودانية نفسها، وكان من المتوقع أن يصدر الاتحاد الذي مقره بأديس أبابا - مكان التخطيط لمحاولة الاغتيال - بيانا يوضح فيه موقفه من الوثائق المسربة التي راجت في دهاليز الاتحاد الأفريقي، فبعد أيام قليلة نفى الاتحاد أن تكون رئيسة مفوضية الاتحاد، نكوسازانا دلاميني زوما؛ قد تعرضت إلى أي محاولة اغتيال من قبل السودان، وذلك في أول تعليق على الوثيقة السرية المسربة التي كشفتها قناة (الجزيرة)، من دون ذكر لدوافع السودان بشأن محاولة الاغتيال المزعومة. وأشار المتحدث باسم المفوضية جاكوب إينوه إيبن، إلى أن "التسريبات عن محاولة اغتيال رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي لا أساس لها من الصحة"، مؤكداً أن رئيسة المفوضية لم تتعرض لمثل هذه المحاولة منذ توليها مسؤولياتها الراهنة في أكتوبر 2012. وأضاف إيبن أن المهام التي تقوم بها زوما (الجنوب أفريقية) تتمثل في ضمان خلق جو متكامل يسوده السلام والرخاء للقارة الأفريقية، بدعم كامل من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي. وأشاد البيان بأداء الاستخبارات الوطنية والأجهزة الأمنية في إثيوبيا مقر الاتحاد الأفريقي، لضمان أمن وسلامة مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيسة المفوضية ومختلف البعثات الدبلوماسية المتصلة بالاتحاد. ولم ينسَ البيان الإشارة إلى وجود تعاون وثيق مع الحكومات، سواء في جنوب أفريقيا، أو أيٍّ من الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي، لإنجاح قيادة الاتحاد الأفريقي، فيما لم يشر المتحدث إلى السودان لا من قريب ولا من بعيد، مكتفياً بنفي المعلومات التي راجت أخيراً. رد سوداني كان رد مصادر دبلوماسية مطلعة حول استفسارات (السوداني) أن الحكومة لا ترى داعياً لإعلان موقف حول ما بثته قناة (الجزيرة) باعتبار أن الأمر ملفق بشكل واضح، وأن رد الاتحاد الأفريقي ومسؤول من الحكومة الإثيوبية كان كافياً لتوضيح الحقائق. وتساءلت المصادر عن دوافع السودان في مثل هذا التخطيط أو المرجو منه، وأضافت أن الاتحاد الأفريقي من أكثر الجهات التي وقفت مع السودان في مختلف قضاياه بما فيها رئيسته الحالية، وأنه حتى إن كان هناك عداء فالسودان لا يفكر بمثل هذه الطرق.