*ودع السودانيون في أستراليا أحد الرموز السودانية ممن يشرفون السودان أينما حلوا ، نهار الأحد أمس الأول بعد أن صلوا على جثمانه في مسجد لاكمبا بسدني وسط حضور سوداني غير مسبوق. *كان السودان حاضراً بكل ألوان طيفه العقدي والإثني والسياسي والإجتماعي وهم يوارون جثمانه في مقابر ناريلان جنوب غرب سدني في قطعة الأرض التي اشترتها جمعية البر السودانية لدفن الموتى، جاءوا من مختلف ولايات أستراليا للمشاركة في وداعه الأخير. *لم أكن أعرفه قبل زيارتي لأستراليا لكنني التقيت به في زيارتي السابقة قبل سنوات في الشارع العام وهو يتحرك بعربة من عربات ذوي الاحتياجات الخاصة يقضي بها مشاويره وزياراته التي يحرص عليها، فوقف لتحيتي كعادته عندما يلتقي بالسودانيين. *عرفت أنه من مدينة بولاية نهر النيل ، وأنه نفذ في تسعينات القرن الماضي مشروع مكافحة الباعوض في الطور المائي بمدينة بورتسودان، قبل أن يهاجر إلى أستراليا ويستقربها مع أسرته الممتدة، وليكتشف المرض الذي كان قد ضرب جهازه العصبي وبدأ في إعاقة حركته تدريجياً. *عندما بلغنا نبأ وفاته بعد سنوات من الصراع مع المرض الذي لم يقعده عن الحركة والتواصل ، كنا في جلسة سودانية حميمة، أحسست بمدى الحزن الذي حل على الحضور، وبدأت الاتصالات الهاتفية لإعلام الآخرين، وتحرك بعضهم إلى المستشفى لمتابعة إجراءات تكفينه على الطريقة الإسلامية، ثم علمنا أن مراسم الدفن ستكون في مقابر ناريلان. *لم يتوقف السودانيون هنا عن الحديث عن سيرته الطيبة منذ أن حل بينهم في أستراليا ، وكيف أنه كان يحرصاً على زيارتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، تسبقه ابتسامته وحرصه على إشاعة جو من الانشراح وسطهم. *لم تمنعه عوائق الحركة عن تحقيق رغبته في زيارة المناطق السياحية في أستراليا، وتعرض في سبيل ذلك لبعض المواقف الصعبة لكنه تجاوزها، مثل ما حدث له بعد زيارته لمنطقة الجبال الزرقاءحيث ضعفت البطارية المحركة لعربته فصبر واحتمل حتى وجد من يعينه على شحنها. *لم يكتف بذلك بل أصبح يسجل لإصدقائه ما تصل إليه من فيديوهات سودانية في "سيديهات" يوزعها عليهم ويتبادل معهم الرسائل والطرائف، إلى أن أقعده المرض تماماً . *إنه رجل الأعمال محجوب أبو النجا الذي أدى رسالته تجاه أسرته وأهله وكل أحبابه ووطنه ، وترك بصمته وسيرته العطرة في السودان وأستراليا، و إنتقل إلى رحمة الله راضياُ مرضياً عنه وسط محبة وتقدير كل السودانيين الذين جاءوا من كل حدب وصوب في أستراليا للصلاة على جثمانه والترحم عليه والدعاء لله سبحانه وتعالى أن يتقبله بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته ويلهم آله وذويه وأحبابه الكثر الصبر وحسن العزاء. نورالدين مدني هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته