محفوظ عابدين اليوم التالي احتفلت صحيفة اليوم التالي بعيد ميلادها الثالث وهي تتجه نحو الصدارة تزاحم الكبار على المركز الأول وهي على بعد خطوات من هذا الحلم بفضل كتيبة التحرير التي أحسن اختيارها رئيس التحرير مزمل أبو القاسم كان لها القدح المعلى في انطلاقة الصحيفة نحو القمة ، وجاءت الصحيفة على شكل مغاير في التصميم والإخراج الأمر الذي لفت انتباه البروفيسور علي شمو الخبير الإعلامي على المستوى الإقليمي والدولي وكان هذا الأمر موضع إعجابه وإشادته، وقد يكون التميز في الإخراج والتصميم في حده ذاته مغامرة لأن الخروج عن المألوف والتقليد يتطلب المزيد من الجرأة والتحدي وهذا ما توفر لدى هيئة تحرير صحيفة اليوم التالي ، الأمر الثاني أن رئاسة التحرير أسندت للأستاذ مزمل أبو القاسم وهو صحفي رياضي كبير حجزمكانه مع أساطين النقاد الرياضيين في الصحافة الرياضية في السودان بل وتفوق على كثير من سبقوه في هذا المجال واكتسب شعبية كبيرة وأصبح من أهم مفاتيح التوزيع ونجم شباك بلغة السينما وكانت هذه هي المغامرة الثانية فكيف يفلح رئيس تحرير صحيفة رياضية في أن يقود دفة صحيفة سياسية وأصبح الترقب هو سيد الموقف وكان السؤال المطروح هل يمكن أن ينجح مزمل أبو القاسم كما نجح في (الصدى) مع الفارق الكبير بين المنتجين (الرياضي) و(السياسي) ففي الرياضي أنت محكوم بقطبي الكرة السودانية الهلال والمريخ ومن بعدهما الاتحاد العام، أما في السياسة فهذا أمر آخر فأنت أمام خطوط حمراء كثيرة جداً مرتبطة بسياسة البلد الداخلية والخارجية والتحديات والمهددات الأمنية، وقضايا المجتمع والاقتصاد، بالإضافة إلى أن الصحافة السودانية كما هو معروف تحكم بخمسة قوانين هي قانون الصحافة والمطبوعات والقانون الجنائي وقانون الأمن الوطني وقانون القوات المسلحة وقانون الطوارئ ،وهذا طريق شائك فإذا حرجت من قانون الصحافة فسوف تصطدم بالجنائي وإذا فلٌت منه فقانون الأمن الوطني بالمرصاد وإذا تجاوزت الوطني فإن القوات المسلحة لا ترحم أما قانون الطوارئ لا يعرف (يمه أرحميني)والعمل وسط هذه القوانين، كأنك تتدرج من دور ال32 إلى ال16 ثم إلى 8 وفي كل مرحلة تواجه فرقاً أصعب وكذلك القوانين التي تحكم الصحافة ، تقودك إلى طريق مليء بالصعوبات وقد قبل الأستاذ مزمل هذا التحدي، وقد زاد الأمر تعقيداً أيضا أن مدير التحرير الأستاذ نبيل غالي هو من طينة المثقفين ولم يعرف عنه أنه أدار صحيفة سياسية غير تجربته في الأهرام اليوم قبل (المفاصلة) فقد أكسبته خبرة يمكن أن تعينه في مهمته الجديدة، ونبيل غالي اسم ارتبط بالثقافة والأدب ومدينة سنار كما الأديب والشاعر محمد عبد الحي، وإن كان للمرء نصيب من اسمه فقد حاز نبيل على كل اسمه فأصبح نبيلاً وغالياً. ونبيل يتمع بهدوء وصبر يعينانه على رهق وأرق الصحافة اليومي في تجهيز عدد الغد وهذه دوامة لاتنته . في كل هذه الظروف عملت هيئة تحرير اليوم التالي وقبلت التحدي في أن تخرج إلى الجمهور وتقبل بقانون( العرض والطلب) وتقبل (بحكم القراء) الغير قابل للاستئناف أو الطعن فيه. وجاءت النتائج مبشرة في اليوم الأول ثم الشهر الأول ثم العام الأول، تقول إن تلك المخاوف التي تصدرت المجالس قبل الانطلاقة قد تبددت، بل أن الأمر تعزز بما جاء في تقارير مجلس الصحافة والمطبوعات في العام السابق والعام الحالي أن اليوم التالي على بعد خطوة من الصدارة، فإن عزيمة هؤلاء الفتية تستحق أن نربت على كتوفهم مهنئين ومعززين دورهم في خلق صحيفة كان يمكن أن تكون غير موجودة لو استمرت تلك الشراكة التي أصدرت الأهرام اليوم.وربما ضارة نافعة . ومن خلال اليوم التالي استطاع مزمل بو القاسم أن يعزز علاقته بالوسط الرياضي من خلال الصحيفة السياسية والذي بدوره أصبح رصيدًا في بورصة التوزيع وأن يخلق علاقات جديدة بالوسط السياسي والاقتصادي والثقافي والمجتمعي وإن كانت موجودة على قلتها داخل المجتمع الرياضي، كانت هي في حد ذاتها (مصادر) للتفرد والانفراد في تحقيق السبق الصحفي. وكانت (اليوم التالي) صاحبة مبادرات في كل القضايا التي تهم الصحافة السودانية، فقد نظمت ندوة عن (حظر النشر) في القضايا وهي واحدة من المشكلات التي تعاني منها الصحافة السودانية والتي غالباً ما تصدر من السلطات العدلية، فقد أفردت لهذه القضية عدداً من الأوراق كانت أبرزها التي قدمتها الخبيرة القانونية د. رحاب المبارك. وقبل أن تطفئ اليوم التالي الشمعة الثالثة إيذاناً ببداية السنة الرابعة نجد بين يدي هيئة وإدارة التحرير مزيدًا من الإنجازات .