:: العميد محمد حمدان حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، لوسائل الإعلام قبل أسبوع بالنص: (تحتاج قوات الدعم السريع لتفويض وقرار واضح لتتدخل وتساهم في وقف الاقتتال القبلي بدافور، وستضلع القوات بدورها كاملاً في القضاء على المتفلتين والقبض على المندسين الذين يؤججون الصراعات القبلية ويحرضون لإثارة الفتن في دارفور)، هكذا كان نص التصريح.. ومن يقرأ النص ببعض التدبر يقف عند مصطلح (التفويض) و(التدخل)، وهما من المصطلحات التي تحتكرها الأخبار ذات الصلة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن وقواتهما الدولية؛ فالقوات النظامية، أي قوات نظامية وفي أي بلد، مناط بها مهام أداء واجبها في إطار مؤسسة الدولة ودستورها وأجهزتها وقوانينها بتلقائية، أي ليست بحاجة إلى تفويض ل(أداء الواجب).. وكذلك أداء الواجب في إطار مؤسسة الدولة ودستورها وأجهزتها وقوانينها لا يسمى بال(تدخل)!! :: والمهم.. لايزال الأهل بالرزيقات والمعاليا ينزفون (دماً ودموعاً).. وحرب داحس والغبراء بين القبيلتين – المعاليا والرزيقات لم تضع أوزارها ثم ترحل، بل تعيد هذه الحرب اللعينة إنتاج مآسيها في القبيلتين (موتاً وجُرحاً ونزوحاً)، وبعدل معركة أو أكثر كل ثلاثة أشهر.. وللأسف، لا قبيلة المعاليا بالصومال ولا قبيلة الرزيقات بأفغانستان لنسأل ونتساءل: أين سلطة الدولة وهيبة دستورها وقوانينها وأجهزتها عما يحدث بين القبيلتين؟.. فالدولة بجيشها وأمنها وشرطتها تقاتل المتمردين وتسترد منهم المناطق وتفرح بالإنتصار ولكنها تقف عاجزة أمام أقبح وأعنف الحروبات القبلية بدارفور، فكيف يجب تفسير هذا التناقض..؟؟ :: والمؤسف، طوال عقود حرب المعاليا والرزيقات، وإلى يوم معركة الإثنين الفائت، لم تجد الحكومة من الحلول غير التي (تجدد الحرب).. مؤتمر صلح، تهليل وتكبير، دفع الديات، ثم تصريحات رومانسية تتحدث عن العلاقات الأخوية بين القبيلتين، ثم تشتعل الحرب وكأن ما سبق كان (محض تخدير)، وهو فعلاً كذلك.. أي محض تخدير يتجاوزون به (آثار معركة)، لتندلع الأخرى بعد زوال مفعول التخدير.. نعم هكذا العلاج الحكومي لهذه القضية، ( تخدير في تخدير)، و لم تبذل الحكومة بمختلف مستوياتها المركزية والولائية من الجهد أو تظهر من الجدية ما يضع حداً لهذا الاقتتال القبلي؛ فالسلاح كالماء والطعام في البيوت.. والحكومة التي تحتكر حتى السُكر والدقيق عاجزة عن (احتكار السلاح)، وبلا حياء يصرحون ويبررون لكثافة الموتى والجرحى بأن مقاتلي القبيلتين استخدموا هذه المرة الأسلحة الثقيلة.. هكذا التبرير..!! :: وربما يكون التبرير الحكومي في المعركة القادمة بين القبيلتين بأن أفرادها استخدموا (الطائرات) و(الدبابات).. ولن يسألوا أنفسهم ودستورهم الذي به يحكمون: كيف لأفراد مجتمع مدني بأن يمتلكوا (الأسلحة الثقيلة).. غياب هيبة الدولة يعني (سطوة القبيلة)، وهكذا حال السودان بدارفور.. وتجار الحرب من أبناء القبيلتين في نعيم السلطة والثروة، وكل ما كانت الحرب هناك ذات أشلاء ودماء يرتقي تجارها ويترقون إلى حيث المزيد من (السلطة والثروة).. وإن كان العميد حميدتي ينتظر التفويض للتدخل، فإن تواصل هذه المعارك قد تخلق (الفوضى بدافور)، ويومها لن يحتاج تدخل المزيد من القوات الأجنبية إلى ..(تفويض)..!!